دكتور عادل عامر
أن الخطاب الدعوى الطائفي الذي لم تشهده مصر مسبقا، والذي يخرج من الجماعات المسيطرة على المشهد الدعوى والسياسي السبب في الأزمة وأضر بالتعايش وأن بعض الدعاة يوجد لديهم نسبة كراهية أصبحت تصل إلى الناس، والمشهد متصدره الخطاب الطائفي لأنه لم يراعى حال المخاطبين، ويدعو إلى التوتر والشحن الطائفي والتهييجى، الذي يلقى بظلاله على أي شيء، رافضا إراقة الدماء. طالب الشيعة في مصر الجيش والشرطة بحمايتهم لمنع "ظهور الفتن الطائفية بين السنة والشيعة" بالبلاد. أن "استمرار التهديدات ومحاصرة الشيعة المصريين من قبل السلفيين يؤكد غياب دولة القانون وأن مصر تحكم وتدار من قبل مليشيات وليس من قبل مؤسسات وبدون قانون"، أن تقاعس الشرطة "يهدد الاستقرار الاجتماعي لمصر ويشيع حالة من الفزع عند باقي أطياف الشعب المصري". إن " الشيخ حسن شحاتة، وهو عالم دين أزهري وعشرات من الشيعة المصرين يتعرضون للموت علي يد متشددين سلفيين على أسس وخلفيات مذهبية". "إنهم (المتشددون السلفيون) يرون أن الشيعة هم أعدائهم ويريدون إشعال حرب مذهبية في مصر بالوكالة ، مع أن مصر ليس فيها ما يبرر وجود حالة مذهبية".ولم يتسن الحصول على تعقيبات فورية من الأطراف المذكورة في نص بيان الهاشمي.
وكان وزير الدفاع المصري الفريق أول عبد الفتاح السيسي قد أعلن في وقت سابق من اليوم أن الجيش "لن يظل صامتا أمام انزلاق البلاد في صراع تصعب السيطرة عليه"،موضحا أن القوات المسلحة "تجنبت خلال الفترة السابقة الدخول في المعترك السياسي إلا أن مسؤوليتها الوطنية والأخلاقية تجاه شعبها تحتم عليها التدخل لمنع انزلاق مصر في نفق مظلم من الصراع أو الاقتتال الداخلي"،. ولد الشيخ حسن شحاتة -الذى قتل اليوم على يد منتمين للتيار السلفي فى الجيزة- عام 1946 لأسرة حنفية المذهب، تخرج فى معهد القراءات وحصل على ماجستير فى علوم القرآن، ألقى أول خطبة جمعة وهو فى الثالثة عشرة من عمره فى مسجد قريته التابعة لمركز أبوكبير شرقية، كما أنه واصل الخطابة فى القوات المسلحة، حيث كان مسئولاً عن التوجيه المعنوى بسلاح المهندسين عام 1973 م، ومتحدث فى الإذاعة والتليفزيون، ونشأ فى أسرة تعشق حب آل البيت كما كان يحكى عنه. كان والده يحدثه كثيراً عن شخصية أمير المؤمنين على بن أبى طالب، ويقول له: "يا ولدى أن أمير المؤمنين كان حامى حمى الإسلام، وكان النبي (صلى الله عليه وسلم) إذا مشى وحده يتعرض للأذى وإذا مشى معه أمير المؤمنين لم يكن يجرأ أحد على التعرض له بسوء".حكى الراحل عن نفسه أنه كانت له صحبة مع الصوفية دامت عشرين عاماً خرج منها بنتيجة أنهم انقسموا فى هذا العصر إلى فرق متعددة، منهم من ادعى سقوط التكليف عنهم فتركوا الصلاة تحت إدعاء أنهم وصلوا إلى الله، وبالتالي فليس هناك داعٍ للصلاة، وفرقة تفننت فى سرقة الأموال من جيوب المريدين، وفرقة ثالثة لا تعرف عن الصوفية إلا الطبل والزمر، مبيناً أنه واجه فى خطبة على المنبر أعداء أهل البيت، ومنهم الوهابية الذين شوهوا صورة الإسلام وبنوا فكرهم على باطل حتى أنهم لا يعترفون بأحد من الأئمة سوى ابن تيمية وهم يقدسونه أكثر من رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وفق تصريحات الراحل فى الفترة من عام 1994م إلى 1996م تحول إلى المذهب الشيعي حيث صار حسن شحاتة بعد أن كان مدافعاً عن أهل السنة، حيث تحول إلى المذهب الشيعي واتهمه خصومه بسبه للصحابة وأمهات المؤمنين، وتم اعتقاله فى عهد مبارك لمدة ثلاثة سنوات ومنعه من السفر.
السبب يرجع لحالة الخطاب الدعوى والسياسي الطائفي فجرت أحداث مقتل أربعة من الشيعة فى منطقة زاوية أبو مسلم بالهرم، خلال الاشتباكات التى دارت منذ قليل أمام أحد المنازل الشيعية من ضمنهم حسن شحاتة، أزمة جديدة حول مقتلهم وفتحت بابا جديدا من الصراع الطائفي فى جانب الشيعة بمصر أن هذا العمل يعد عملا إجراميا لا يجيزه الشرع وهو من أشد المنكرات حتى لو ارتكب أحدهم جريمة تستحق العقوبة لأن الشعب لا يقيم عقوبات، "بأى جريمة قتلوا" فلو كان الخلاف فى الرأى يجيز القتل فلابد من محاسبة من قتلهم وأساس الجريمة الجهل بالدين. أن هناك مؤسسة متخصصة وهى القضاء لتحديد العقوبات، ولو فتح الباب للجرائم لأصبحت فوضى، ان خطر تدخل أناس لا يفهمون الأدلة الشرعية ويطلقون الأحكام بدون ضوابط حتى تقع الحوادث هذه، أن علماء الأزهر لا يقعون فى مثل هذه الفتاوى والتعميمات. ، المشكلة أننا ضد التشيع وأيضا نحن ضد إراقة الدماء بهذه الطريقة مما يفتح باب الفوضى من جانب العصبية التى تنتج مشهدا دمويا برغم الخلاف العقائدي الكبير بيننا وبينهم.
أن الخلاف السياسي هو الذي يشعل الخلاف المذهبي بدليل تعايش شيعة فى بلاد السنة بدون أى أزمات دينية لأنه لا وجود عندهم سياسيا، مشيرا إلى أن وجود حزب الله كطرف فى الصراع السورى أشعل الغضب فى نفوس الشارع السنى من جانب الشيعة بفضل البرامج التلفزيونية.و يمكن التعايش السلمي لحرمة الدماء وخطورتها على مصر لوجود دولة تستطيع القيام بوجباتها، أحداث سوريا وتعليقات التضامن قبل المشايخ السنة والانفلات الأمنى أن يتصرف الناس تصرفات فردية تجر البلاد إلى دوامة من الدماء تهيئ ليوم 30 لنزول المعترضين وتشويه صورة الإسلام. أن ما يقرب من 25 شيعيا كانوا بأحد منازل القرية يقيمون شعائرهم، لافتا إلى أن القرية يقطن بها ما يقرب من 40 أسرة تعتنق المذهب الشيعي، إلا أن المفاجأة القاسية جاءت بعد أن حضر عدد من الأفراد ينتمون للسلفيين، ووضعوا الجاز والبنزين أمام باب المنزل الذى يتواجد فيه الشيعة، مهددين بحرقه فى حال عدم خروج من بداخله ومغادرة القرية.
أن بعض الغرباء عن القرية من السلفيين قادوا الهجوم على المنزل، وأخذوا أربعة منهم إلى خارجه بعد الهجوم عليه، واعتدوا عليهم بالضرب والسحل، حتى تسبب الأمر في سقوط قتلى وعدد كبير من المصابين،
وإذا كان الصراع السني الشيعي بعيدا عن مصر، فلها عندهما صراع آخر هو الإسلامي المسيحي، وإحراق الكنائس، ولا تزال تلح على خاطري كلمات عاموس يادلين مدير المخابرات العسكرية السابق في إسرائيل في تقرير النجاح والإنجاز في المنطقة العربية عام 2010 الذي أكد فيه أن هدف الموساد هو تفتيت المجتمع المصري حتى لا تقوم له قائمة بعد زوال نظام حسني مبارك الذي بنى له الإسرائيليون في حيفا تمثالاً باعتباره كنزهم الإستراتيجي، على حد قول صديقه الصدوق الذي تقطر يده بدماء الأسرى من الجيش المصري في حروب 1967، 1973 وهو بنيامين بن إليعازر وزير البنية التحتية الإسرائيلي. ويضاف إلى فتنة المسلمين والمسيحيين، فتنة أخرى تطل برأسها وهي تحريض المؤسسات الدينية من جانب الأطراف العربية والأجنبية ولو بشكل غير مباشر على أن تكون طرفاً في الصراع الجديد السني الشيعي، وذلك من خلال مؤشرات كثيرة تتعاظم على عكس ما هو معروف من التسامح المصري. والطريف أن أصحاب المؤامرة يوجهون النقد لمصر ويحاسبونها على طريقة التعامل مع ما أسموها الطائفية الشيعية في مصر، وكأنه دين جديد، ولم لا؟ فقد ردد بعض السلفيين أن الشيعة خارجون عن الملة وأن التحول من المذهب السني إلى الشيعي هو ارتداد عن الإسلام، وهو رأي بعض علماء السعودية أيضاً، وبعض أقطاب التيارات الإسلامية وهو أمر لا يخص حديثنا اليوم إلا بقدر ما رصده من دخول عناصر جديدة في مصر لإضافة فتنة الشيعة والسنة إلى فتنة المسلمين والمسيحيين، وكأن مصر قد سلمت من الفتن المدمرة الأخرى، وأن روحها تحتمل كل هذا البلاء. وأقسم بالله لو أن إيران اعترفت بإسرائيل اليوم فسوف يصبح الشيعة في العالم العربي كله أبناء أمة إسلامية واحدة، وأن فقهاء اليوم سوف يملاؤن الدنيا ضجيجاً وخشوعاً طلباً للاستغفار عما بدر منهم في حق مسلم منهم لم يفارق حوزة الإسلام الرحبة. وقد بلغت مهارة إسرائيل أنها وضعت إيران وحزب الله في مأزق تاريخي، فبعد أن كان حسن نصر الله معبود الجماهير العربية في زمن غاب فيه الرجال، أصبح متورطاً في حرب غاشمة في سوريا وداعماً لكل الشيعة في العراق والبحرين والسعودية وغيرها، مما عمق الخطر بين الشيعة والسنة. صحيح أن خيارات حزب الله كلها بالغة المرارة، وأنه استدرج إلى تصفيات سياسية ومعنوية وفي صلب قواه، حتى فرح أعداؤه الذين تصدوا لسلاحه وراهنوا على أن هذا السلاح ليس مصنوعاً للمقاومة، ولكنه يستخدم أيضاً في فتنة العالم العربي والإسلامي، صحيح أن في سوريا معركة مصير ولكن حبك الخطة تصهر كل أعداء إسرائيل ولا تترك أمامهم سوى هذا الانتحار الكبير. إنها مؤامرة كبرى على أمة عاشت قروناً يعيش في كنفها المسلم والمسيحي والدرزي والكردي والعربي، إلى جانب الشيعي والسني، فما الذي جعل الطابع الشيعي هو وقود المعركة منذ ثورة الخميني عام 1979 وبعد أن حلت مصر محل إيران في خدمة المخطط الصهيوني الأميركي، وبدأ التحالف الإيراني السوري ثم ظهور حزب الله بعد الغزو الإسرائيلي لبيروت في صيف 1982 بعد عام تقريباً من ضرب المفاعل النووي العراقي الذي ساعدت إيران على ضربه خلال حربها مع العراق. وأصبح فك التحالف الإيراني السوري الداعم للمقاومة ضد إسرائيل هو هدف خطة إسرائيل، خاصة بعد ظهور قصة المفاعل النووي الإيراني الذى شغل العالم كله بينما سكت العالم على أسلحة إسرائيل النووية رغم أن الأسلحة الفتاكة في المنطقة هي خطر على المنطقة بأسرها، فصار الصراع الإيراني الإسرائيلي مرتبطاً بالصراع الإيراني الخليجي، وأسفر ذلك عن محرقة سوريا، ثم فتنة السنة والشيعة.
0 تعليقات:
إرسال تعليق