Ads

تمخض الجبل فولد فأرا



تمخض الجبل فولد فأرا


 كتبت هيام محى الدين
عام كامل تعمل خلاله لجنة رفيعة المستوى مشكلة من رؤساء أربع جامعات مصرية لتطوير نظام التعليم المفتوح ؛ وكنا نحن الذين أوشكوا أن ينهوا دراستهم في هذا النظام أو أنهوها فعلا ننظر بحسد إلى الدفعات الجديدة التي سوف تتمتع بمزايا تطوير النظام الذي يعتبر أحد أهم نظم نشر المعرفة والارتفاع بالمستوى التعليمي والثقافي للفرد على مستوى العالم كله ؛ وكنا ننتظر أن يتم تطويره فعلا بناء على نظمه الناجحة في الدول القريبة في ظروفها من مصر " الهند وماليزيا وكوريا الجنوبية " كمجرد أمثلة ؛ ولكننا فوجئنا قبل إعلان تقرير اللجنة بحملة مشبوهة ضارية على النظام كله تطالب بإلغائه أصلا لا بتطويره يقوم بها بعض الموتورين المرتعشين من الصحفيين الذين لم يحصلوا على مؤهل متخصص في الإعلام ويخشون من خريجي الإعلام بنظام التعليم المفتوح الذين يملكون من الخبرة المهنية مالا يملكه الخريجون الصغار من التعليم النظامي وبالتأكيد يملكون من المعرفة العلمية ما لا يملكه هؤلاء الصحفيون من خريجي كليات الخدمة الاجتماعية والزراعة والآثار الذين عملوا بالصحافة في غفلة من الزمن ؛ وساعدهم على ذلك بعض الناقمين من أعضاء هيئة التدريس الذين فاتهم قطار العمل بالتعليم المفتوح والتمتع بمزاياه المادية ، واستخدموا وسائل شديدة الانحطاط فكرياً وأسلوبياً تنضح بالعنصرية المقيتة ، والغرور الغبي والإسفاف اللفظي والتسطيح الفكري والجهل المهني فطالبوا بإلغاء اعتماد شهادات هذا النظام ومعادلتها بالشهادات الجامعية لكليات كل تخصص وهو جوهر النظام وهدفه الرئيسي وبدونه يسقط النظام كله ويتحول إلى برامج وكورسات لا قيمة لها.
ورغم الصدمة التي أحسسنا بها من هذا الهجوم الضاري غير المبرر فقد انتظرنا قرارات اللجنة ونحن على يقين بأنها لن تتأثر بمثل هذا الهجوم نظراً لقامات أعضائها السامقة وخبراتهم الرفيعة.
ولكن .. وآه من لكن .. تمخض الجبل فولد فأراً فإذا كان ما نشر في بعض الصحف عن قرارات اللجنة صحيحاً فيا قلبي لا تحزن.
أولاً: قصر القبول في كليات الإعلام والحقوق على الحاصلين على الثانوية العامة قبل خمس سنوات فقط ومنع الحاصلين على الدبلومات الفنية من الالتحاق بهذين القسمين .. وبحثت كثيراً عن الحكمة من هذا القرار ونخورت وراءه محاولة أن أعثر على فرق بين الحاصل على الثانوية العامة والحاصل على دبلوم فني مما يؤهل الأول لدراسة الإعلام أو القانون ولا يؤهل الثاني ؛ وبصراحة لم أجد أي فارق يميز أحدهما عن الآخر للتأهل لهذه الدراسة إطلاقاً ، كما أن هذا القرار لا علاقة له بتاتاً بأي تطوير لنظام التعليم المفتوح لا في مناهجة ولا امتحاناته.
ثانياً: تحديد أعداد المقبولين في نظام التعليم المفتوح بما لا يزيد على 50% من عدد المقبولين في نفس الكلية من الحاصلين على الثانوية العامة لنفس العام.
وهو قرار غريب لا علاقة له بتطوير وليس له تفسير إلا إذا كان عجز في هيئات التدريس مثلا وهو سبب غير واقعي لأن طالب التعليم المفتوح يعتمد أساساً على تسجيل المحاضرات والتواصل مع أساتذته وزملائه عبر وسائل التواصل الاجتماعي وقراءة الكتب المقررة والرجوع إلى المراجع العلمية ولا يشكل العدد عبئا على الجامعة بل يمثل دخلاً ماديا وقيمة مضافة.
وبالطبع لن أتطرق إلى ما يقال عن ضعف مستوى خريجيه لأن في ذلك اتهاماً ظالماً لأساتذة أجلاء وامتحانات ذات مستوى متميز وكثير من الطلاب النابغين والناضجين بحكم السن والتجربة والخبرة ؛ ثم إن الخريج الضعيف المستوى لن يستطيع أن يمارس عملا في تخصصه حيث سيفضحه ضعف مستواه ، وضعف المستوى آفة مشتركة بين خريجي التعليم النظامي والمفتوح وأي نظام تعليم آخر.
كنا ننتظر الكثير من لجنة التطوير في نظام للقبول يعتمد على موهبة وقدرات المتقدمين لكل تخصص لا على مجرد نوع المؤهل المتوسط وتطوير المناهج وبرامج التدريب والامتحانات وغيرها .. ولكن للأسف تمخض الجبل فولد فأراً.
                                     هيام محي الدين