الأربعاء، 13 مايو 2015

قراءة في قصيدة في ((مساء الذاكرة))

قراءة في قصيدة  في ((مساء الذاكرة)) للناقد ابراهيم خليل ياسين للشاعرة عالية الناصرى

في مساء الذاكرة...
ارتشف حروفك...
وتنتقي فراشات الوجد حين حضورك
ستكون ابتسامتك الحياة..
وغيابك السفر الطويل...
وقهوتك المرّة...
شعار للبطولة التي تركناها 
حافية بين عراء الأمم..
هو الخذلان 
أن نهجر الأوطان...
هو الحرمان أن نحيا هنا
بعيدين كل البعد
عن وطننا الصغير..
رسمناه بصورة قلم حبر..
يكتب لنا بشرى النصر..
ويقول:
كفاكم نسيان..
فالوطن لكم..
الله خلقه للإنسان
حروف يقظة بقدر ما فيها من حذر وجنوح يحمل في عروقه همس سلس يبعث ايقاعا يتسلل الى ذائقة المتلقي بهدوء وتأن ومن دون إستئذان ، من منطقة ذكية تركت الشاعرة حروفها تستلقي ثم تحلق في مناخ ينعم بالجمال فالرؤيا لدى الشاعرة تبد من مساء هادئ حيث إرتشاف القهوة وسط اسراب فراشات مصدرها عبارات العاشق الذي
ظل متناغما معها ومتجاوبا وفق حوار رشيق كما في جملة أستهلتها "
في مساء الذاكرة
ارتشف حروفك
عند هذا الجملة المشبعة 
بالرومانسية المفرطة والجو المزدان بحضور من يبادلها مشاعرها واحاسيسها 
وتنتفي فراشات الوجد حين حصورك
وسرعان ماتقغز الشاعرة من الحاضر بما فيه من اشعاع 
وبريق وسعة الرؤيا عاطفة ثرية
الى افق المستقبل ومن دون سابق إنذار ، ومن غير تحيطنا علما بما جعلها تنتقل هكذا !!
وهذا معلن عنه في جملة
جاءت مفاجئة كما
ستكون أبتسامتك الحياة 
وغيابك السفر الطويل وقهوتك المرة
وتتجه الشاعرة بعباراتها من الرؤيا الشعرية الي السردية
وعلى نحو مفاجئء ، حيث النفس القصصي قد اخذ
 يؤطر بعض جملها اللاحقة 
وانا احب ان اعرج الى امر مهم ينبغي ان تنتبه اليه الشاعرة وبصيغة سؤال اضعه امام الشاعرة ، لم اتخذت الشاعرة من القهوة رمزا مهما في تداعياتها ام هو اشارة طارئة ليس إلا !!
 وما السر من استرسالها هذا ؟

القهوة شعار البطولة التي 
تركناها حافية بين عراء الأمم
لم تبق الشاعرة محتفظة بعباراته المعلنة ، انما فضلت تمضي بجملها نحو الغموض والالغاز وهذا لم يشكل نقطة ضعف في نصها ، وباعتقادي أنها اردت لجملها ان تنحى منحا شعريا مغاريا للموجة المالوفة التي اعتاد الشعراء يعومون في تيارها الراكد ، هنا تبرزالشاعرة عضلاتها بطريقة تحاول أثبات حضورها الشعري وسط الساحة الشعرية الحبلى بعشرات وربما المئات من الشعراء ، واؤكد انها اثبتت قدرتها على خرق المالوف من القول ، وتعزز الشاعرة من حجم امكاناتها في انتقاء جملها بما يثير لدى المتلقي زحمة هائلة من الاسئلة من جمل ابت الا ان تقود سفينتها الشعرية صوب محطة قلما يرسو فيها
من الشعراء بالرغم من نبرة المغالات التي احيانا تقود دفة النص بأتحاه معاكس للتمنيات
هو الخذلان
ان يهجر الاوطان
هو الحرمان ان نحيا هنا
بعيدين كل البعد
عن وطننا الصغير
المضي في استعراق الشاعرة
 والعوم في الموجة الشعرية
لم يعد قائما عند لجوؤها الى
 مفردات مباشرة وجاهزة ،فتحول بعض جزيئات النص الى محض تداعيات قفزت بها الشاعرة منطقتهاالشعريةالمعمة ببعض الرؤيا الانزياحية  
وفي محاولة استنجاد عادت الشاعرة الى ساحتها بمفردان
وقعت هنا وهناك عسى ان تنقذها مما هي فيه
رسمنا بصورة قلم حبر
يكتب لنا بشرى النصر
وولجت الشاعرة هنا في مأزق البنية السردية المباشرة خرجت عن منطقتها الرشيقة ، بحيث ما تسرده من كلام لايرتقي الى الحد الادتى من الشاعرة ، كنت اتمنى على الشاعرة التاني بعض الشيئ في أنتقاء مفرداتها
 وكان الاحرى بها ان تحتسب لكل حرف تنتقيه ، ربما مستقبلا عند ما تخوض في ماضي وحاضر ما كتبت وماوصلت اليه من مستوى ستجد نفسها قد إشتطت عن منطقتها الشعرية ، هذا لاينفي من قدرتها على التحكم بالنص
الشعري ومايقتضيه من مفاهيم حديثة غلبت الادب بكل اجناسه ، لاسيما بعد حضور فلسفة الحداثة ومابعدها ، ولقد استطاعت بالرغم من الهنات الصغيرة ان تخلق نصا جمبلا