هاهو الأزرق.. يمتد على مرمى البصر، وأما جسدي الذي خلى إحساسي منه فقد ارتمى على كرسي خشبيّ مغروس في الرمل.. شعرتُ بهذا الدوار الذي ينتاب البحّارة.. من قال ذلك؟.. أنا أصلا لم أجرّب إحساس الدوار الذي يعرّض الربابنة إلى التقيؤ.. لأقل أنّ الأمر مجرّد صداع رهيب بدأ يحكم قبضته على رأسي ويحجب عن عينيّ وضوح الرؤية.. حدث كل هذا عقب يقظتي من كابوس صباحي لم أعد أذكر منه غير ملامح باهتة أعجز حتى عن سردها، وقد نهب إحساسي سائق التاكسي بقوله: - رفعوا سعر البنزين هذا الأسبوع.. وقال حارس المبنى: - لم يعطوني بقشيشاً منذ أيام.. وسمعت صوت جاري: - طُردت من عملي منذ شهر ولم أجد عملاً إلى الآن.. وقالت الخادمة: - في سيريلانكا لا تقطع الكهرباء.. أحاول أن أتعرّف إلى كابوسي فأعجز، يبدو البحر بزرقة فضية مضبّبة.. أقول في سرّي .. ما أكبر الحياة... أفقد حينها إحساسي بالزمن، واسترق السمع إلى حوافر خيول تصكّ سكينتي وهي تختلط بهدير الموج الذي يلحس حواف الشاطئ .. ترتفع جلبة الأصوات والركض أكثر، وتقول الفتاة لشقيقتها: - لقد عكّرنا صفو السيّدة... - هل أعجبك هذا؟ - لستُ المخطئة أنتِ من هدّم بيتي الرملي.. بدافع غريب أسالهما: - أنتما وحدكما؟ - والدنا هناك.. كان يجلس على الرمل بسرواله القصير، ويرشق الماء بالحجارة، ثم يتطلّع بعينين يقظتين إلى فعل ارتطام .. أغرتني الفكرة، وبلا تردد رحت أفتش عن الحصى كي أقلّد الرجل في جرح الماء.. كانت الشمس تعلو رويدا رويدا .. وأنا بين الرمال أفكّر في رجم البحر ...
مريم الترك
مريم الترك
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق