الاثنين، 1 ديسمبر 2014

ما هي الأحزاب التي رفضت لجنة شئون الأحزاب إشهارها

الدكتور عادل عامر
بات تأسيس الأحزاب السياسية بعد قيام ثورة 25 يناير أمرًا مستساغًا، يلجأ إليه كل من يرغب في الدخول إلى العمل السياسي بشكل قانوني محترم.  فبعد ثورة يناير أصبحت الأمور غير معقدة لإنشاء الأحزاب، حيث ظهر على الساحة ما يقرب من 37 حزبًا جديدًا، ولكن يبدو أن عرقلة الحياة السياسية بالروتين سوف يعود ليقتل كل ما هو حيوي  وجديد. عرفت مصر تعدد الأحزاب منذ القرن الواحد والعشرين، وفي العصر المعاصر انتقلت إلى التعددية الحزبية في عهد الرئيس "محمد أنور السادات " عام 1976. لأحزاب السياسية ركن أساسي من أركان الديمقراطية، فلا ديمقراطية دون أحزاب سياسة تتمتع باستقلالية تامة عن السلطة التنفيذية، ولا يمكن اعتبار النظام نظاماً ديمقراطياً في ظل منع أو تقييد للأحزاب السياسية وفي عدم تمكينها من السلطة التنفيذية عبر تداول سلمي للسلطة وفقاً لانتخابات دورية نزيهة.
فقانون الأحزاب يجب أن يضمن ويكفل الأساسيات التالية:
1- حرية تأسيس الأحزاب دون قيود وعبر الإشعار.
2- استقلالية الأحزاب والعمل الحزبي بعيدا عن أي شكل من أشكال التدخل أو الهيمنة من السلطة التنفيذية.
3- أن تكفل حماية قادة وكوادر وأعضاء الأحزاب من كافة أشكال التغول الرسمي والأمني، وضمان عدم مساءلتهم والتحقيق معهم تحت أي ذريعة أو مبرر.
إن القوانين الناظمة للحياة السياسية وللحريات العامة والحقوق الأساسية تشكل المقياس الحقيقي والمرآة العاكسة لفلسفة وسياسة الدولة والنظام. ، قانون الأحزاب لعام رقم 40 لسنة 1977 ،  والمعدل بمرسوم بقانون 12 لسنة 2011 وبالرغم  من أنة، احد أهم القوانين الذي يشير إلى مسار النهج الديمقراطي قدماً نحو الأمام أم نكوصاً إلى الخلف
وهذه هي الأحزاب التي رفضتها لجنة شئون الأحزاب وأسباب رفضها وإحالتها طبقا للقانون للمحكمة الإدارية العليا لتأيد قرار عدم إشهارها ومازلت منظورة ولم يصدر فيها حكما حتي الآن وهي :-
1-    فقد أحالت لجنة شئون الأحزاب دعوي  للمحكمة الإدارية العليا بمجلس الدولة طالبت فيها بتأييد قرارها برفض تأسيس حزب «شباب بحب مصر»، والمقدم من كل من محمد محمود وزينب عثمان إبراهيم وأيمن عبد السلام.

وقالت لجنة شئون الأحزاب برئاسة المستشار أنور الجابري في دعواها التي حملت رقم 2278 لسنة 61 قضائية عليا إن رفضها للحزب جاء بسبب تأسيسه من قبل زوج وزوجة لم يمارسا العمل السياسي وكل علاقتهما بذلك أنهما يترأسا شركة خاصة. وأشارت الدعوى إلى أن الحزب، هو حزب فردي ينتمي لمؤسسه الذي يصرف عليه، ما يخالف المادتين الثانية والثالثة من قانون نظام الأحزاب السياسية التي توجب أن يكون الحزب جماعة منظمة تقوم على أهداف مشتركة. كما أكدت اللجنة أن الحزب يماثل ويشابه اسم حزب قائم هو حزب «شباب مصر» وهو ما يؤدى إلى الخلط ما بين الحزب القائم فعلا وحزب تحت التأسيس.
2-    كما رفضت لجنة شئون الأحزاب أيضا  إنشاء حزب 30 يونيو، الذي يرأسه الدكتور حسين لاشين، أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة، والذي سبق أن تقدم إلى اللجنة بطلب إشهار، مع 6 آلاف عضو.

3-     كذلك رفض إشهار حزب التحرير فقد كانت لجنة الأحزاب السياسية قد اعترضت على تأسيس الحزب، استنادًا إلى أن وكيل المؤسسين أحمد النفيس، قد سبق أن تقدم بتاريخ 23 أكتوبر 2011، لتأسيس ذات الحزب، بموجب توكيلات لم تستوف النصاب العددي المطلوب، وتم عرض الأمر على المحكمة الإدارية العليا وفقًا لقانون الأحزاب السياسية، التي قررت إحالة الطعن لهيئة المفوضين لإعداد تقرير بالرأي القانوني. وأوضح تقرير المفوضين الذي أعده المستشار أحمد المهدي، أن المشرع نص بأنه لا يقل عدد أعضاء الحزب عن 5 آلاف، وهو شرط يضمن جدية القائمين على الحزب الراغبين في تأسيسه، فإذا لم يتوافر هذا العدد، يعتبر الحزب فاقدًا لهذا الشرط الجوهري. معتبرًا أن الحزب يقوم على أساس ديني ويعزز الطائفية في المجتمع

4-    فقد قررت  لجنة شؤون الأحزاب الأخيرة، برفض إشهار أحزاب تسمى "بلادي" ، "الشباب الثوري الحر" ، "التوحيد العربي"، و"المصري" و "السادات الديمقراطي"

5-    . أيدت هيئة مفوضي الدولة بالمحكمة الإدارية العليا برئاسة المستشار سراج الدين عبد الحافظ، قرار لجنة شئون الأحزاب برفض إشهار حزب التوحيد العربي تحت التأسيس لمؤسسه عمر محفوظ عزام.

 أوضح تقرير المفوضين، الذي أعده المستشار محمد شحاتة صبره أن لجنة شئون الأحزاب اعترضت على تأسيس الحزب بسبب النصاب العددي، وعرضت أمره على المحكمة الإدارية العليا في 4 يونيو من العام الماضي. وقال صبره في تقريره إن الحزب افتقد أهم الشروط للموافقة على تأسيسه، وهو شرط النصاب العددي للتوقيعات الرسمية، والتي يتعين أن يكون عددها 5 آلاف عضو من أعضائه المؤسسين، على أن يكونوا من عشر محافظات على الأقل، بما لايقل عن 300 عضو من كل محافظة، إلا أن الثابت أن عدد التوقيعات للحزب لا تزيد على 16 توقيعا، الأمر الذي يكون معه اعتراض لجنة شئون الأحزاب متفق مع القانون، دون الحاجة للنظر إلى غيرها من الاشتراطات المتعلقة بأهداف أو المبادئ المتعلقة بنظامه الأساسي ولائحته الداخلية، وبيان الأموال التي تم تدبيرها لتأسيس الحزب.

6-    رفض حزبي سامي عنان وتمرد من قبل لجنة شئون الأحزاب اليوم ووافقت علي حزب الريادة والمتوقع رئاسته اللواء مراد موافي رئيس المخابرات العامة سابقا وجدير بالذكر بأن لجنة شئون الأحزاب قد رفضت حتى الآن تسعة أحزاب منذ ثورة 25 يناير و30 يونيه

طرح مشكلة محاكمة أعضاء في حركة الإخوان المسلمين في مصر بين فينة وأخرى، وبشكل شبه دوري في العقد الأخير، قضية أساسية في فلسفة العمل السياسي في العالمين العربي والإسلامي من جهة، وفي مفهوم حقوق الإنسان والحريات الأساسية المعاصر من جهة أخرى. لقد اختلف "أئمة" السياسة و"أئمة" الفكر ونشطاء حقوق الإنسان في هذا الموضوع بشكل كبير. فنشأ اتجاه استئصالي يعتبر الحركة السياسية الإسلامية السلمية حركة غير دستورية وغير ديمقراطية. وهي بهذا المفهوم تشكل خطرا على التقدم الاجتماعي والسياسي للمجتمعات. وكونها تعتمد قيما وأطروحات معروفة للناس، فهي قادرة على التأثير والاستقطاب السريع وبالتالي، فهي مصدر خطر على التعددية وعلى عقلانية العمل السياسي. من هنا ليس لها الحق في التواجد تحت ذريعة أن "لا حرية لأعداء الحرية!". اتجاه آخر اعتبر أن الاتجاهات غير الديمقراطية في الحركة الإسلامية السياسية هي ابنة النظام التسلطي العربي. وبهذا المعنى، فهي لا تشذ عن توجهات أفرزتها حالة الطوارئ وغذتها حملات القمع وعززت تطرفها الخيارات الأمنية للسلطات الدكتاتورية. فالحركة السياسية الإسلامية، وبكل المعاني، هي حركة تتشكل من بشر وتتأثر بشخصيات كوادرها وحقبتها. بالتالي، إنها تعبير دنيوي للعمل السياسي يخضع لعوامل التأثر التي تخضع لها الحركات الأخرى. من هنا هيمنة الاتجاهات البرلمانية عليها قبل قيام نظام الحزب الواحد، وبروز إيديولوجيات الطوارئ مع سيادة حالات الطوارئ المزمنة  وصعود المودودية والستالينية في مرحلة زمنية واحدة، واللجوء إلى العنف في المجتمعات التي جرت فيها عسكرة السلطة التنفيذية بشكل سرطاني. فما هم إلا بشر مثلنا وما نحن إلا بشر مثلهم، والمجتمع السياسي لا يمكن أن يكون حكرا لهذا التيار أو ذاك، أو أن يكون مرسوما من فوق بإرادة سامية. بهذا المعنى، تنال الحركة السياسية الإسلامية حقها الكامل في التواجد مدعوما بالتزام معظم الدول الإسلامية بالعهد الخاص بالحقوق السياسية والمدنية ومدعوما بفكرة التعددية السياسية الضرورية لكل نضج وتقدم في آليات العمل العام والممارسة المدنية والسياسية. منذ ولادتها، وفي أقلام وممارسات رموزها، أيدت اللجنة العربية لحقوق الإنسان الاتجاه الثاني معتبرة أن الأول يشكل خطرا فعليا على فكرة الديمقراطية والحريات الأساسية في العالم العربي ويتعارض بشكل واضح مع أوليات حقوق الإنسان الجماعية.

لا شك أن التجربة العربية والإسلامية المعاصرة تشكل مخبرا حقيقيا لمصداقية رؤيتنا ولمخاطر عقلية الاستئصال. ففي الجزائر، أدى ضرب العملية الانتخابية إلى حرب أهلية دفع ثمنها أكثر من 150 ألف قتيل، وأكثر منهم بكثير عدد المهاجرين والمشردين والمنفيين، إضافة لأرقام مخيفة للمعتقلين والمفقودين. أما في سورية، فقد دفع الحل الاستئصالي للتجمع المصلحي العسكري الحاكم اتجاهات متطرفة في الحركة الإسلامية للعمل المسلح مع ما نجم عن ذلك من قتل للحريات باسم مناهضة الإرهاب، ومجازر في تدمر وحماة وجسر الشغور أعادت سورية سنوات إلى الوراء على صعيد حقوق الأفراد والجماعات إن الحق في نقد الحركة السياسية الإسلامية لا يقل مشروعية عن الحق في وجودها، كما هو حال أية حركة سياسية وأي تيار. والحق في العمل السياسي دون أية قيود لأي حزب معارض، يعطي وحده الشرعية السياسية للحزب الحاكم في الأزمنة الحديثة. كما أنه من الصعب استعمال كلمات مثل الدولة الديمقراطية ودولة القانون في غياب أبسط حقوق العمل الجماعي في الشأن العام نقابيا كان أو سياسيا أو حقوقيا أو خيريا الخ. وأية سلطة تعجز عن تأصيل حقوق واحدة للمواطنة، هي في كل المذاهب الفكرية والحقوقية المعاصرة سلطة تسلطية بالضرورة. (انطلاقا من هذا التعريف رفضت مثلا اللجنة العربية لحقوق الإنسان وصف إسرائيل بالدولة الديمقراطية). لم نشأ الاكتفاء بعرض الملاحقات الحالية لحركة الإخوان المسلمين، بل جرى التعرض لنبذة تاريخية للعمل السياسي في مصر بقلم الزميلة مها اليوسف. كذلك كان لا بد من التذكير بضوابط حالة الطوارئ في الشرعة الدولية لحقوق الإنسان، الأمر الذي تناوله الزميل مصطفى الحسن في دراسته عن القوانين الاستثنائية في مصر. كما وتكفل عماد مبارك بإلقاء الضوء على مختلف جوانب ملف القضية الأخيرة لحركة الإخوان في محاولة لتعريف القارئ بانتهاك متكرر لحقوق الإنسان والحريات الأساسية أصبح الوصول إلى حل سياسي ديمقراطي فيه ضرورة مركزية من ضرورات بناء المستقبل في مصر. لا شك بأن حرية التنظم، باعتبارها وحدة متجانسة ونهج عام، لا تتجزأ. لذا كان من الضروري التطرق لقانون الجمعيات الأخير والقيود المفروضة على حرية الجمعيات والنقابات.
لم تكن المسؤولية الاعتبارية والسياسية لمصر يوما ابنة حدودها الجغرافية. بهذا المعنى قيل: "إذا عطست مصر أصيب العالم العربي بالزكام"، وبهذا المعنى أيضا نقول: إن وضع حد لحالة الطوارئ والقوانين الاستثنائية والتشريع لقوانين عصرية لحق التنظيم لن يكون عظيم الأثر على أوضاع شعب مصر ومكانتها في العالم وحسب، وإنما على حقوق الإنسان والديمقراطية في العالمين العربي والإسلامي. من هنا أهمية هذا الملف وأهمية النضال من أجل قلب الصفحة التسلطية في حرية التنظيم والتعبير الجماعي في جمهورية مصر العربية وصدور عفو تشريعي عام يضع حدا لمأساة الاعتقال التعسفي المغطى بالقوانين الاستثنائية.


كاتب المقال
دكتور في الحقوق و خبيرفي القانون العام
ومدير مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية والاقتصادية

 عضو  والخبير بالمعهد العربي الاوروبي للدراسات الاستراتيجية والسياسية بجامعة الدول العربية 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق