الدكتور عادل عامر
أن المادة العاشرة من قانون الجنسية المصري أجازت للمصري الذي حصل علي إذن بالتجنس بجنسية أخري بحكم ظروف عمله أو لاضطراره لذلك, الاحتفاظ بجنسيته المصرية. علما بأن بعض دول المهجر تسمح بازدواج الجنسية والبعض الآخر لا يسمح بذلك. ولقد كان المشرع المصري ـ علي هذا النحو ـ حريصا علي ارتباط المصريين المستقرين بالخارج بوطنهم الأم بشكل كامل, ودعم وجودهم بالخارج بالسماح لهم بازدواج الجنسية, واعتبارهم مصريين في نظر مصر.
ومن هنا تطرح هذه الأحكام تساؤلات عدة حول معضلة الهوية والمواطن في عصر العولمة. فالمصريون المهاجرون هم رصيد مصر العلمي في الخارج, وخط دفاعها الأول خارج الحدود. أن أغلب المهاجرين المصريين يكنون ولاء ومحبة بلا حدود لوطنهم مصر, التي تسكن فيهم ولا يسكنون فيها. وأغلبهم مازال علي ارتباط قوي ومنتظم بوطنهم, ويقومون بإعاشة أسر كاملة في مصر وأسر ممتدة من الأقارب, وتأتي أغلب تحويلات المصريين بالخارج منهم, والتي قدرت أخيرا بثلاثة مليارات دولار سنويا.
وإذا قدرنا أن عدد المصريين المهاجرين هجرة دائمة هو في حدود ثلاثة ملايين مصري, ويعول كل منهم3 أفراد في المتوسط, فنحن نتحدث إذن عن شريحة تمثل9 ملايين مواطن مصري أو ما يقرب من15% من إجمالي سكان مصر.ـ ولقد دفعني لإعادة الكتابة في هذا الموضوع المهم رسالة الماجستير التي تقدم بها اللواء عادل عفيفي مساعد وزير الداخلية لقطاع الجوازات وأمن المنافذ, وتمت مناقشتها في كلية حقوق القاهرة يوم2003/7/31 وعنوانها الحقوق السياسية والقانونية للمهاجرين ومزدوجي الجنسية. وتكونت لجنة المناقشة والحكم من كل من:
الأستاذ الدكتور/ محمد حسنين عبد العال ـ مشرفا ورئيسا ـ أستاذ ورئيس قسم القانون العام بكلية الحقوق ـ جامعة القاهرة, الأستاذ الدكتور/ صلاح الدين فوزي ـ عضوا ـ أستاذ ورئيس القانون العام بكلية الحقوق ـ جامعة المنصورة, الأستاذ الدكتور/ جابر جاد نصار ـ عضوا ـ أستاذ القانون العام بكلية الحقوق ـ جامعة القاهرة.
واستغرقت المناقشة قرابة3 ساعات وحضرها جمع غفير من رجال القضاء وأساتذة الجامعات والإعلام وضباط الشرطة والشخصيات المهمة المهتمة بالموضوع, وقد تركز مضمون الرسالة حول تأكيد وإثبات أن أبناء مصر المهاجرين ومزدوجي الجنسية يتمتعون بجميع الحقوق الدستورية والقانونية المقررة للمواطنين دون نقصان أو تقييد بما في ذلك حق عضوية مجلس الشعب. وقد دافع صاحب هذه الرسالة العلمية, بموضوعية ومهنية, عن جميع الحقوق الدستورية والقانونية للمهاجر ومزدوج الجنسية, بحسبان أن مصريته كاملة, وأن تعدد الجنسية لايعني تعدد الولاء طبقا لأحكام الشريعة الإسلامية والدستور والقانون, والتأكيد علي تمتع المصريين المهاجرين بتلك الحقوق كاملة دون نقصان أو تقييد. ذلك أن حقوق الإنسان وحرياته التي كفلها الدستور لا تندرج فيما بينها ليعلو بعضها بعضا, وإنما هي قيم عليا لاتنقسم ولاتتجزأ, بل يتعين النظر إليها بوصفها قيما عليا لازمة لتطوير الدول لمجتمعاتها وفقا لقواعد القانون الدولي العام. فحقوق الإنسان جميعها لايجوز عزلها عن بعض ويتعين أن تتوافق فيما بينها لتتكامل بها الشخصية الإنسانية في أكثر توجهاتها عمقا ونبلا.
وخلصت هذه الرسالة إلي القول إن ازدواج الجنسية للشخص لايمنع ولا يحول قانونا بين هذا الشخص وممارسة حقوقه السياسية ومن بينها الحق في الترشيح لعضوية مجلس الشعب, وإلا كان الاعتراف الفقهي والقانوني بنظام ازدواج الجنسية من قبيل العبث, وإن المنع يجب أن يكون بناء علي نص تشريعي وتقرر بالإجماع منح اللواء عادل عفيفي الدرجة بتقدير ممتاز..
.من المقرر فقها وقضاء أن الجنسية رابطة سياسية، لأنها تربط الفرد بوحدة سياسية هي الدولة لأن أساسها سيطرة الدولة وسيادتها في تحديد ركن من أركانها، وهو شعبها، كما أنها رابطة قانونية، بين الشخص والدولة لأنها تحكمها قاعدة قانونية، وتترتب عليها آثار قانونية، والدولة هي الشخص الوحيد بين أشخاص القانون الدولي الذي يمنح الجنسية، والرأي السائد في الفقهين الفرنسي والمصري هو اعتبار الجنسية من أنظمة القانون العام.
وتجنس المصري بجنسية أجنبية حق أقرته المادة العاشرة من القانون رقم 26-1975 بشأن الجنسية المصرية التي تجيز للمصري أن يتجنس بجنسية أجنبية بعد الحصول على إذن بموجب قرار يصدره وزير الداخلية، وإلا ظل معتبرا مصريا من جميع الوجوه ما لم يقرر مجلس الوزراء إسقاط الجنسية عنه ـ ويترتب على التجنس بجنسية أجنبية وفقا لحكم الفقرة الثانية من المادة العاشرة المذكورة بعد الحصول على الإذن بالتجنس، زوال الجنسية المصرية. ومع ذلك فإن الفقرة الثالثة من المادة العاشرة أجازت ـ
وهو حكم مستحدث ـ أن يتضمن الإذن بالتجنس إجازة احتفاظ المأذون له وزوجته وأولاده القصر بالجنسية المصرية، فإذا أعلن رغبته فى الإفادة من ذلك خلال مدة لا تزيد على سنة من تاريخ اكتسابه الجنسية الأجنبية ظلوا محتفظين بجنسيتهم المصرية رغم اكتسابهم الجنسية الأجنبية.
كما أن المصرية التي تتزوج من أجنبي تظل محتفظة بجنسيتها المصرية، إلا إذا رغبت في اكتساب جنسية زوجها، وأثبتت رغبتها هذه عند الزواج أو أثناء قيام الزوجية، وكأن قانون جنسية زوجها يدخلها في هذه الجنسية، ومع ذلك تظل محتفظة بجنسيتها المصرية إذا أعلنت رغبتها في ذلك خلال سنة من تاريخ دخولها فى جنسية زوجها.
والمشرع المصري فى استحداثه الحكم باحتفاظ المصري المتجنس بجنسية أجنبية بالجنسية المصرية، كان يهدف ـ على حد تعبير اللجنة التشريعية فى مضبطة الجلسة السابعة والأربعين لمجلس الشعب، ملحق رقم 29ـ إلى الإبقاء على الرابطة بين الأسرة المصرية المستقرة فى المهجر، وبين الوطن ليظل باب العودة مفتوحا أمامهم مهما طال الأمد مما يزيد من قوتهم المعنوية فى نضالهم فى المهجر، ويكفل للدولة الحفاظ على أفراد الشعب المصرى المقيمين بالخارج. بل إن المشرع المصري منح امتيازا للمصري المهاجر هجرة دائمة مقررا له ولزوجته وأولاده القصر المهاجرين معه، بموجب المادة العاشرة من القانون رقم 111-1983 الخاص بالهجرة، ورعاية المصريين في الخارج، الاحتفاظ بالجنسية المصرية ـ دون حاجة إلى موافقة وزارة الداخلية ـ بالإضافة إلى جنسية دولة المهجر، ويمنح هذا الحق أيضا لزوجة المهاجر الأجنبية إذا تقدمت بطلب لاكتساب الجنسية المصرية.
أن القضاء الإداري برمته اتجه إلى حرمان المصري المتجنس بجنسية أجنبية من الترشيح لمجلس الشعب مستندا، فيما استند إليه من أسانيد (شبهة ازدواج الولاء) معتبرا أن من تداعياتها (الإعفاء من أداء الخدمة العسكرية فى حالة كونه مطلوبا لأدائها) ولم يتطرق الرأي من بعيد أو قريب لحالة كون المصري مزدوج الجنسية معفيا أصلا من أداء الخدمة العسكرية لأسباب مرضية أو عائلية، ففي هذه الحالة لا يكون الاستثناء المقرر لإعفاء المصري مزدوج الجنسية بمقتضى قرار وزير الدفاع رقم 280-1986 هو القاعدة في الحرمان من الترشيح.
إن اتجاه القضاء الإدارى إلى (حرمان المصرى مزدوج الجنسية) من الترشيح لمجلس الشعب ينصرف أثره إلى جميع المجالس النيابية التى يكون الانتخاب قناتها الشرعية لاكتساب عضويتها، بل سوف يحرم القيادة السياسية من تعيين مزدوجى الجنسية فى المجالس النيابية، الأمر الذى سوف يؤدى إلى (اختلال تشريعى) لتدخل القضاء فى عمل المشرع، وإرباك السلطة التنفيذية، فيما تأخذ به، وفيما لا تأخذ به، فالمصرى مزدوج الجنسية استخدم حقا قررته له أحكام قانون الجنسية المصرية، فاستخدام الحق لا يرتب جزاء، بل يظل حقا.
واحتدام الخلاف بين الفقه والقضاء على النحو المتقدم بين مؤيد للحرمان من الترشيح للمجالس النيابية ومعارض له سوف يترتب عليه التصدى ـ مستقبلا ـ للمصرية المتزوجة من أجنبى ـ هل تحرم هى الأخرى من الترشيح للمجالس النيابية كمجلس الشعب ومجلس الشورى والمجالس المحلية أم لا؟.وخلاصة القول إن المصرى مزدوج الجنسية من حقه التقدم بالترشيح للمجالس النيابية فى مصر شأنه شأن الأجنبى الذى اكتسب الجنسية المصرية ومضى على اكتسابه لها مدة عشر سنوات (مادة 9 من قانون الجنسية) والأجنبى الصادر له قرار جمهورى بمنحه الجنسية المصرية (مادة 5 من قانون الجنسية)، كما أن المصرية المتزوجة من أجنبى سواء اكتسبت جنسية زوجها أم لم تكتسب يكون من حقها أيضا اكتساب عضوية المجالس النيابية بالانتخاب أو بالتعيين. وإذا كان ذلك كذلك، فإنه يكون من حق المصرى ذى الأب أو الأم مزدوجى الجنسية، ويحتفظ كل منهما بالجنسية المصرية بصفة كونها (جنسية الدم)، الترشح لرئاسة الجمهورية فى ظل غموض المادة 26 من الإعلان الدستورى التى لم تفرق بين الأجنبى المتجنس بالجنسبة المصرية الذى يتمتع بقوة القانون بالحق فى مباشرة حقوقه السياسية بعد مضى مدة تتراوح بين الخمس سنوات والعشر سنوات (م9 ق 26- 1975) وبين المصرى المتجنس بجنسية أجنبية مادام كان محتفظا بجنسيته المصرية، ولم تسقط عنه (م10 ق 26- 1975) وبين الزوجة المصرية ـ الراغبة فى الترشيح للرئاسة ـ التى لا تزال تحتفظ بجنسيتها المصرية على الرغم من تجنس زوجها بجنسية أجنبية (م11 ق 1975).
وسوف نتطرق لما قرره مجلس الدولة المصري من خلال حكم المحكمة الادارية العليا بالجلسة المنعقدة علناً برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد أمين المهدي رئيس مجلس الدولة.في الطعن رقم 1960 لسنة 47 القضائية عليا، في يوم السبت الموافق 2000/11/4. حيث يبين من الأوراق ان المطعون ضده يحمل الجنسية الأمريكية مع احتفاظه بالجنسية المصرية وقت تقدمه بأوراق ترشيحه لعضوية مجلس الشعب. ومن حيث ان المادة الخامسة من القانون رقم 38 لسنة 1972 في شأن مجلس الشعب تشترط فيمن يُرشح لعضوية مجلس الشعب:
-1 أن يكون مصري الجنسية، من أب مصرى، وأن يكون قد أدى الخدمة العسكرية الالزامية أو أعفي من أدائها طبقا للقانون».
ومن حيث انه يتعين بادئ ذي بدء تعريف مفهوم الجنسية، فالجنسية تعني فقها وقضاء، رابطة تقوم بين فرد ودولة بحيث يدين الفرد بولائه للدولة التي ينتمي اليها بجنسيته، وفي المقابل يكون، بل يتعين، على تلك الدولة ان تحميه باسباغ الحماية عليه اذا ما تعرض في دولة أخرى لأي مساس أو تعد.فاذا كان ذلك فان مفاد ما تقدم ومؤداه الحتمي والمنطقي ان يكون الشخص الذي ينتمي الى دولتين بحكم تمتعه بجنسيتين متعدد الولاء بتعدد الجنسية.
وأرست المحكمة من خلال منطوق حكمها عدة مبادئ سوف نوضحها على النحو الأتي:
أولا: عضوية مجلس الشعب تتطلب الولاء الكامل:
ومن حيت ان القانون رقم 38 لسنة 1972 في شأن مجلس الشعب، عندما اشترط في المادة الخامسة منه فيمن يرشح نفسه لعضوية مجلس الشعب، ان يكون مصري الجنسية من أب مصري، فانه لم يكتف بحيازة الشخص للجنسية المصرية، وانما تطلب فضلا عن ذلك ان يكون من أب مصري، وفي ذلك دلالة ينبغي استيعابها، تتحصل في ان المشرع يتطلب فيمن يُرشح نفسه للنيابة عن الشعب المصري ان يكون انتماؤه عميق الجذور في تربة الوطن، مهموما بمشاكله وقضاياه، حاملا لها دائما في عقله وقلبه حتى ولو رحل الى آخر الدنيا، عاملا بيده وعقله وقلبه ولسانه على ان يكون وطنه أول أمم الأرض عزة ورفعة وتقدما، غير مُشرك في ولائه - قانونا - لمصر أي وطن آخر حتى لو كان، في الفرض الجدلي، أكثر منها تقدما سياسيا أو اقتصاديا أو اجتماعيا، وحيازة الشخص لجنسية أخرى غير الجنسية المصرية معناه ان الولاء المطلق والكامل والواجب من قبله لمصر قد انشطر قانونا الى ولائين أحدهما لمصر والآخر لوطن أجنبي آخر.واذا تعدد الولاء لمصر وغيرها فقد تراجعت كل المعاني السابقة التي أراد المشرع المصري بالنص المذكور بلوغها، لأن الولاء الكامل لمصر ولشعبها وآمالها وترابها يعتبر منقوصا اذا قسمناه على مصر وعلى غيرها من الأوطان. والنيابة عن الشعب تتطلب ولاء كاملا لمصر، خاصة ان مهمة مجلس الشعب طبقا للمادة 86 من الدستور هي تولي سلطه التشريع واقرار السياسة العامة للدولة وممارسة الرقابة على السلطة التنفيذية.
ثانيا: أحتفاظ المزدوج بجنسية المهجر تزعزع الولاء:
ومن حيث انه اذا كان الأصل في القانون رقم 26 لسنة 1975 بشأن الجنسية المصرية أنه يُرتب على تجنس المصري بجنسية أجنبية، متى أذن له في ذلك، زوال الجنسية المصرية (م10/2)، الا أنه استثناء من ذلك أجاز ان يتضمن الاذن بالتجنس احتفاظ المأذون له بالجنسية المصرية، وذلك لاعتبارات أملتها الضرورة العملية، تتمثل في طمأنة المصريين الذين استقروا في الخارج واكتسبوا جنسية المهجر، أنهم مازالوا مرتبطين بوطنهم الأصلي، وأن لهم العودة اليه وقتما يشاءون، بما يمنحهم ذلك من قوة نفسية وروحية كبيرة في نضالهم بالمهجر، على نحو ما ورد بالمذكرة الايضاحية لمشروع القانون رقم 26 لسنة 1975 وتقرير اللجنة التشريعية في شأنه.وعلى ذلك فالسماح بازدواج الجنسية، هدفه أساسا تعضيد المصريين المستقرين في الخارج واكتسبوا جنسية المهجر، وتشجيعهم على الاستمرار في النضال في البلاد التي استقروا فيها. لكن اذا عاد المصري مزدوج الجنسية من الخارج وأقام في مصر ومارس عملا فيها، فان العلة من احتفاظه بالجنسية الأجنبية تزول الا اذا كان حمل الجنسية الأجنبية بجانب الجنسية المصرية يمثل من وجهة نظره شرفا له لا يريد التنازل عنه، أو يمثل حماية له من قبل دولة أجنبية لا يريد ان يفقدها، وكلا الأمرين يزعزع من يقين الانتماء لمصر وحدها، حيث ان المصري الحق هو من يعتز بمصريته ويرفض تماما ان ينازعه في ولائه لها أي وطن آخر مهما كان.
ثالثا: حرمان واستثناء المزدوج من الخدمة العسكرية لأن الدفاع عن الوطن واجب مقدس:
ومن حيث ان قانون الخدمة العسكرية رقم 127 لسنة 1980 ينص في المادة (1) على ان «تفرض الخدمة العسكرية على كل مصري من الذكور أتم الثامنة عشرة من عمره»... ونصت المادة (6) على ان «يستثني من تطبيق حكم المادة (1): أولاً :رابعا: الفئات التي يصدر بقواعد وشروط استثنائها قرار من وزير الدفاع طبقا لمقتضيات المصلحة العامة أو أمن الدولة.ويصدر بالاستثناء قرار من وزير الدفاع»...واذ أدرك وزير الدفاع حساسية موضوع ازدواج الجنسية بالنسبة للتجنيد في القوات المسلحة المصرية، فقد عالجه على نحو يحفظ مصالح مصر ولا يعرض أمنها للخطر، فأصدر عدة قرارات، ومنها قرار وزير الدفاع والانتاج الحربي رقم 115 لسنة 1981 في الفقرة (د) نصت على الآتي: «...ويزول الاستثناء في حالة فقد الفرد لجنسيته الأجنبية».
واذا كان القرار المذكور قد استثنى المصري مزدوج الجنسية من أداء الخدمة العسكرية جنديا في القوات المسلحة.واذا كان هذا هو الشأن بالنسبة للجندى، فان ذلك يكشف عن وجوب انسحاب هذا الحكم - من باب أولى - على مرشحي مجلس الشعب مزدوجي الجنسية الذين يتولون سلطة التشريع ويقرون السياسة العامة للدولة والخطة العامة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية والموازنة العامة للدولة والرقابة على أعمال السلطة التنفيذية.
فاذا كانت المهمة التي يقوم بها الجندي جليلة وحساسة ومقدسة باعتبارها كذلك حسب وصفها الوارد بنص المادة (58) من الدستور، فان مهمة عضو مجلس الشعب على ذات القدر من القداسة ذلك أنه اذا كانت المادة (58) من الدستور المشار اليها تنص على ان «الدفاع عن الوطن وأرضه واجب مقدس.والتجنيد اجباري وفقا للقانون».
رابعا: لا يستقيم للمواطن من وطنين في قلبه ويستويان لديه.
ان عضوية مجلس الشعب مما يشملها الواجب المقدس المفروض ان يتصدى له عضو المجلس دفاعا عن سلامة الوطن سواء في اضطلاعه بمهامه المتعلقة بادارة العلاقات الدولية لمصر اعمالاً لحكم المادة (151) من الدستور التي تنص على ان «رئيس الجمهورية يبرم المعاهدات ويبلغها مجلس الشعب مشفوعة بما يناسب من البيان، وتكون لها قوة القانون بعد ابرامها والتصديق عليها ونشرها وفقاً للأوضاع المقررة، على ان معاهدات الصلح والتحالف والتجارة والملاحة وجميع المعاهدات التي يترتب عليها تعديل في أراضي الدولة أو التي تتعلق بحقوق السيادة أو التي تحمل خزانة الدولة شيئا من النفقات الواردة في الموازنة، تجب موافقة مجلس الشعب عليها»، أو في اسهامه بتقرير السياسة العامة للدولة وممارسة الرقابة على السلطة التنفيذية على النحو الذي تنظمه أحكام المادة (86) من الدستور.
ومن حيث انه مما يؤكد هذه البداهة الدستورية ان قوانين بعض الجهات تشترط فيمن يعين فيها أو يستمر في العمل بها ألا يكون متزوجا من أجنبية، مثل قانون السلك الدبلوماسي والقنصلي رقم 45 لسنة 1982 الذي ينص في المادة (2/5) على أنه «يشترط فيمن يعين في احدى وظائف السلك: 2-1 …. ألا يكون متزوجا من غير مصرية..»... والقانون رقم 232 لسنة 1959 في شأن شروط الخدمة والترقية لضباط القوات المسلحة الذي ينص في المادة (108) على أنه: «لا يجوز للضابط الزواج من أجنبية ……».. واذا كانت الجهات السابقة تحظر ان ينتمي اليها أو يستمر في الانتماء اليها من يكون نصفه مصريا ونصفه الآخر أجنبيا بالزواج من أجنبية، فانه يتعين ان يمتد هذا الحكم الى من كان نصفه مصريا والنصف الآخر أجنبيا بسبب التجنس، ويريد ان ينتسب الى هيئة نيابية.
ذلك أنه اذا كان العمل في السلك الدبلوماسي والقوات المسلحة أمراً شديد الحساسية بحيث يحظر على من يتزوج أجنبية ممارسته، فان مهام عضو الهيئة النيابية لا تقل حساسية، وبالتالي يتعين القول كذلك بحظر الترشيح لعضوية مجلس الشعب على من يجمع مع جنسيته المصرية جنسية أجنبية، كل ذلك بالاضافة الى الاشارة الواجبة، دون خوض في تفاصيل، لمتطلبات العمل بأجهزة الأمن القومي التي تقوم حارسة على أمن مصر وعلى أمان المواطنين، والتي تستلزم اشتراطات خاصة فيمن يشرف بالانتماء اليها، منها وأولها الولاء الخالص لمصر بلا منازعة أو منافسة أو شراكة.
خامسا:لا يجوز قسم العضو بالولاء للوطن شركة مع وطن غيره أو لشعب أخر.
ومن حيث ان النتيجة السابقة هي التي انتهت اليها هذه المحكمة قبلا حينما رأت ان المادة (90) من الدستور تحتم ان يقسم عضو مجلس الشعب أمام المجلس قبل ان يباشر عمله قسما قوامه ان يحافظ العضو مخلصا على سلامة الوطن وأن لرعي مصالح الشعب، مما لا يتصور معه في الاستخلاص المنطقى، ان يكون الولاء للوطن شركة مع وطن غيره أو لشعب خلاف شعب مصر.واذا كانت التشريعات المنظمة لأحكام الجنسية تجيز، في الحدود وبالشروط التي تقررها، اكتساب المصري جنسية أجنبية مع احتفاظه بالجنسية المصرية، الا ان هذا الجواز لا يمكن ان يصلح سنداً أو يقوم أساسا لخلخلة مفاد أحكام الدستور التي لا يمكن حملها، لا تفسيراً ولا تأويلا، على أنها تجيز ان ينوب عن الشعب ويعير عن ارادته وينطق بنبضه ويحس بآلامه ويلتحم مع آماله، الا من كان مصريا خالص المصرية، فلا تشارك هذه الرابطة المقدسة رابطة معها، فكل ذلك يتعارض ويتصادم مع صريح عبارة القسم المنصوص عليه بالمادة (90) من الدستور المشار اليها، فلا يستقيم للمواطن من وطنين في قلبه يستويان لديه.فالجنسية المصرية المتطلبة كشرط للترشيح لعضوية مجلس الشعب لا تحتمل شركة مع غيرها ولا تقبل معها في القلب والنفس مزاحما ولا منافسا أو شريكا (حكم المحكمة في الطعن رقم 1259 لسنه 47 القضائية عليا في 2000/10/27). فالقسم يجب ان يفهم على حقيقته، فهو ليس طقسا من الطقوس، فارغ المضمون، وانما هو بحق عميق الدلالة ويرتب بذاته التزامات، ويفترض توافر شروط موضوعية فيمن يكون له حق عضويه مجلس الشعب أولها وأهمها تفرد الولاء لمصر، الأمر الذي يزعزع منه توافر جنسية أخرى للشخص اذ، على نحو ما سبق البيان، ان الجنسية هي في تعريفها الأصولي رابطة ولاء وواجب حماية للدولة المنتمي اليها الشخص بجنسيته ومن بديهيات أصول التفسير ان يكون للألفاظ معنى، ولا معنى لعبارة القسم المشار اليه الا معنى واحداً لا يحتمل غيره وهو خالص الولاء للوطن، ولا يكون الولاء خالصا الا اذا كان متفرداً. ومن حيث ان هذه المحكمة ترى لزاما عليها، وهي تنزل حكم الدستور، التأكيد على ان بيان الحكم الدستوري المستمد من عبارات القسم الذي على عضو مجلس الشعب ان يقسمه قبل تولي شؤون العضوية، انما هو استخلاص موضوعي مجرد يتأبى على التخصيص بالنسبة لما قد يقوم من حالات في التطبيق.فالولاء المتفرد المتطلب دستوراً يسمو، في تجرده، على الحالات الواقعية في التطبيق، وهو بعد الولاء بالمعنى القانوني المستمد، على ما سبق البيان، من التكييف القانوني لرابطة الجنسية.ومفاد ذلك، ان هذه المحكمة لا تتعرض، ولا شأن لها في ذلك، للولاء الفعلي لما يعرض أمامها من حالات، لأن الأمر لا يتعلق باثبات الولاء الفعلي في كل حالة على حده.وانما الأمر مرده الى حكم موضوعي قائم من مفاد أحكام الدستور يجد له سنداً من التكييف القانوني المجرد لرابطة الجنسية، فالجنسية الأجنبية تفترض، قانونا، ولاء وانتماء هو الذي ينتج تصادما مع متطلبات الحكم الدستورى، دون امكان التحدي في كل حالة على حده بقيام الدلائل التي تفيد غير ذلك، أو أنه ليس ثمة ولاء أصلا لتلك الجنسية الأجنبية، اذ الأمر على ما سلف، يتصل بالتكييف القانوني لرابطة الجنسية، وهذا التكييف القانوني المجرد يتأبى على التخصيص.
سادسا: لا ينطبق مبدأ المساواة بين المصري الذي يحمل جنسية واحدة والمصري المزدوج.
ومن حيث انه ليس صحيحا القول بأن تطلب الجنسية المصرية المتفردة في عضو مجلس الشعب يمثل اخلالا بقاعدة المساواة المقررة للمصريين جميعا، وهي التي نص عليها الدستور في المادة (40) منه، أساس ذلك أنه فضلا عن أنه من المسلم به ان المساواة تفترض تطابقا في المراكز القانونية، فانه لا تجوز المحاجة بذلك في شأن الأمر المعروض على هذه المحكمة، اذ ان تطلب شرط الجنسية المصرية المتفردة مستمد من أحكام الدستور ذاتها، وبالتالي فلا يمكن ان يدعي بأن في ذلك اخلالاً بقاعدة المساواة التي نص عليها ذات الدستور، اذ يتعين دائما تطبيق نصوص الدستور على نحو ما يحقق التناسق والانسجام بينها وهو ما فتئت المحكمة الدستورية العليا على تأكيده في قضاء مستقر لها.ويكون ما يتطلب دستوراً من شرط يتعلق بتفرد الجنسية المصرية فيمن يجوز له اكتساب عضوية مجلس الشعب، غير متصادم مع القاعدة الأصولية التي تقضي بالمساواة بين المصريين.
كاتب المقال
دكتور في الحقوق و خبيرفي القانون العام
ومدير مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية والاقتصادية
عضو والخبير بالمعهد العربي الاوروبي للدراسات الاستراتيجية والسياسية بجامعة الدول العربية
أن المادة العاشرة من قانون الجنسية المصري أجازت للمصري الذي حصل علي إذن بالتجنس بجنسية أخري بحكم ظروف عمله أو لاضطراره لذلك, الاحتفاظ بجنسيته المصرية. علما بأن بعض دول المهجر تسمح بازدواج الجنسية والبعض الآخر لا يسمح بذلك. ولقد كان المشرع المصري ـ علي هذا النحو ـ حريصا علي ارتباط المصريين المستقرين بالخارج بوطنهم الأم بشكل كامل, ودعم وجودهم بالخارج بالسماح لهم بازدواج الجنسية, واعتبارهم مصريين في نظر مصر.
ومن هنا تطرح هذه الأحكام تساؤلات عدة حول معضلة الهوية والمواطن في عصر العولمة. فالمصريون المهاجرون هم رصيد مصر العلمي في الخارج, وخط دفاعها الأول خارج الحدود. أن أغلب المهاجرين المصريين يكنون ولاء ومحبة بلا حدود لوطنهم مصر, التي تسكن فيهم ولا يسكنون فيها. وأغلبهم مازال علي ارتباط قوي ومنتظم بوطنهم, ويقومون بإعاشة أسر كاملة في مصر وأسر ممتدة من الأقارب, وتأتي أغلب تحويلات المصريين بالخارج منهم, والتي قدرت أخيرا بثلاثة مليارات دولار سنويا.
وإذا قدرنا أن عدد المصريين المهاجرين هجرة دائمة هو في حدود ثلاثة ملايين مصري, ويعول كل منهم3 أفراد في المتوسط, فنحن نتحدث إذن عن شريحة تمثل9 ملايين مواطن مصري أو ما يقرب من15% من إجمالي سكان مصر.ـ ولقد دفعني لإعادة الكتابة في هذا الموضوع المهم رسالة الماجستير التي تقدم بها اللواء عادل عفيفي مساعد وزير الداخلية لقطاع الجوازات وأمن المنافذ, وتمت مناقشتها في كلية حقوق القاهرة يوم2003/7/31 وعنوانها الحقوق السياسية والقانونية للمهاجرين ومزدوجي الجنسية. وتكونت لجنة المناقشة والحكم من كل من:
الأستاذ الدكتور/ محمد حسنين عبد العال ـ مشرفا ورئيسا ـ أستاذ ورئيس قسم القانون العام بكلية الحقوق ـ جامعة القاهرة, الأستاذ الدكتور/ صلاح الدين فوزي ـ عضوا ـ أستاذ ورئيس القانون العام بكلية الحقوق ـ جامعة المنصورة, الأستاذ الدكتور/ جابر جاد نصار ـ عضوا ـ أستاذ القانون العام بكلية الحقوق ـ جامعة القاهرة.
واستغرقت المناقشة قرابة3 ساعات وحضرها جمع غفير من رجال القضاء وأساتذة الجامعات والإعلام وضباط الشرطة والشخصيات المهمة المهتمة بالموضوع, وقد تركز مضمون الرسالة حول تأكيد وإثبات أن أبناء مصر المهاجرين ومزدوجي الجنسية يتمتعون بجميع الحقوق الدستورية والقانونية المقررة للمواطنين دون نقصان أو تقييد بما في ذلك حق عضوية مجلس الشعب. وقد دافع صاحب هذه الرسالة العلمية, بموضوعية ومهنية, عن جميع الحقوق الدستورية والقانونية للمهاجر ومزدوج الجنسية, بحسبان أن مصريته كاملة, وأن تعدد الجنسية لايعني تعدد الولاء طبقا لأحكام الشريعة الإسلامية والدستور والقانون, والتأكيد علي تمتع المصريين المهاجرين بتلك الحقوق كاملة دون نقصان أو تقييد. ذلك أن حقوق الإنسان وحرياته التي كفلها الدستور لا تندرج فيما بينها ليعلو بعضها بعضا, وإنما هي قيم عليا لاتنقسم ولاتتجزأ, بل يتعين النظر إليها بوصفها قيما عليا لازمة لتطوير الدول لمجتمعاتها وفقا لقواعد القانون الدولي العام. فحقوق الإنسان جميعها لايجوز عزلها عن بعض ويتعين أن تتوافق فيما بينها لتتكامل بها الشخصية الإنسانية في أكثر توجهاتها عمقا ونبلا.
وخلصت هذه الرسالة إلي القول إن ازدواج الجنسية للشخص لايمنع ولا يحول قانونا بين هذا الشخص وممارسة حقوقه السياسية ومن بينها الحق في الترشيح لعضوية مجلس الشعب, وإلا كان الاعتراف الفقهي والقانوني بنظام ازدواج الجنسية من قبيل العبث, وإن المنع يجب أن يكون بناء علي نص تشريعي وتقرر بالإجماع منح اللواء عادل عفيفي الدرجة بتقدير ممتاز..
.من المقرر فقها وقضاء أن الجنسية رابطة سياسية، لأنها تربط الفرد بوحدة سياسية هي الدولة لأن أساسها سيطرة الدولة وسيادتها في تحديد ركن من أركانها، وهو شعبها، كما أنها رابطة قانونية، بين الشخص والدولة لأنها تحكمها قاعدة قانونية، وتترتب عليها آثار قانونية، والدولة هي الشخص الوحيد بين أشخاص القانون الدولي الذي يمنح الجنسية، والرأي السائد في الفقهين الفرنسي والمصري هو اعتبار الجنسية من أنظمة القانون العام.
وتجنس المصري بجنسية أجنبية حق أقرته المادة العاشرة من القانون رقم 26-1975 بشأن الجنسية المصرية التي تجيز للمصري أن يتجنس بجنسية أجنبية بعد الحصول على إذن بموجب قرار يصدره وزير الداخلية، وإلا ظل معتبرا مصريا من جميع الوجوه ما لم يقرر مجلس الوزراء إسقاط الجنسية عنه ـ ويترتب على التجنس بجنسية أجنبية وفقا لحكم الفقرة الثانية من المادة العاشرة المذكورة بعد الحصول على الإذن بالتجنس، زوال الجنسية المصرية. ومع ذلك فإن الفقرة الثالثة من المادة العاشرة أجازت ـ
وهو حكم مستحدث ـ أن يتضمن الإذن بالتجنس إجازة احتفاظ المأذون له وزوجته وأولاده القصر بالجنسية المصرية، فإذا أعلن رغبته فى الإفادة من ذلك خلال مدة لا تزيد على سنة من تاريخ اكتسابه الجنسية الأجنبية ظلوا محتفظين بجنسيتهم المصرية رغم اكتسابهم الجنسية الأجنبية.
كما أن المصرية التي تتزوج من أجنبي تظل محتفظة بجنسيتها المصرية، إلا إذا رغبت في اكتساب جنسية زوجها، وأثبتت رغبتها هذه عند الزواج أو أثناء قيام الزوجية، وكأن قانون جنسية زوجها يدخلها في هذه الجنسية، ومع ذلك تظل محتفظة بجنسيتها المصرية إذا أعلنت رغبتها في ذلك خلال سنة من تاريخ دخولها فى جنسية زوجها.
والمشرع المصري فى استحداثه الحكم باحتفاظ المصري المتجنس بجنسية أجنبية بالجنسية المصرية، كان يهدف ـ على حد تعبير اللجنة التشريعية فى مضبطة الجلسة السابعة والأربعين لمجلس الشعب، ملحق رقم 29ـ إلى الإبقاء على الرابطة بين الأسرة المصرية المستقرة فى المهجر، وبين الوطن ليظل باب العودة مفتوحا أمامهم مهما طال الأمد مما يزيد من قوتهم المعنوية فى نضالهم فى المهجر، ويكفل للدولة الحفاظ على أفراد الشعب المصرى المقيمين بالخارج. بل إن المشرع المصري منح امتيازا للمصري المهاجر هجرة دائمة مقررا له ولزوجته وأولاده القصر المهاجرين معه، بموجب المادة العاشرة من القانون رقم 111-1983 الخاص بالهجرة، ورعاية المصريين في الخارج، الاحتفاظ بالجنسية المصرية ـ دون حاجة إلى موافقة وزارة الداخلية ـ بالإضافة إلى جنسية دولة المهجر، ويمنح هذا الحق أيضا لزوجة المهاجر الأجنبية إذا تقدمت بطلب لاكتساب الجنسية المصرية.
أن القضاء الإداري برمته اتجه إلى حرمان المصري المتجنس بجنسية أجنبية من الترشيح لمجلس الشعب مستندا، فيما استند إليه من أسانيد (شبهة ازدواج الولاء) معتبرا أن من تداعياتها (الإعفاء من أداء الخدمة العسكرية فى حالة كونه مطلوبا لأدائها) ولم يتطرق الرأي من بعيد أو قريب لحالة كون المصري مزدوج الجنسية معفيا أصلا من أداء الخدمة العسكرية لأسباب مرضية أو عائلية، ففي هذه الحالة لا يكون الاستثناء المقرر لإعفاء المصري مزدوج الجنسية بمقتضى قرار وزير الدفاع رقم 280-1986 هو القاعدة في الحرمان من الترشيح.
إن اتجاه القضاء الإدارى إلى (حرمان المصرى مزدوج الجنسية) من الترشيح لمجلس الشعب ينصرف أثره إلى جميع المجالس النيابية التى يكون الانتخاب قناتها الشرعية لاكتساب عضويتها، بل سوف يحرم القيادة السياسية من تعيين مزدوجى الجنسية فى المجالس النيابية، الأمر الذى سوف يؤدى إلى (اختلال تشريعى) لتدخل القضاء فى عمل المشرع، وإرباك السلطة التنفيذية، فيما تأخذ به، وفيما لا تأخذ به، فالمصرى مزدوج الجنسية استخدم حقا قررته له أحكام قانون الجنسية المصرية، فاستخدام الحق لا يرتب جزاء، بل يظل حقا.
واحتدام الخلاف بين الفقه والقضاء على النحو المتقدم بين مؤيد للحرمان من الترشيح للمجالس النيابية ومعارض له سوف يترتب عليه التصدى ـ مستقبلا ـ للمصرية المتزوجة من أجنبى ـ هل تحرم هى الأخرى من الترشيح للمجالس النيابية كمجلس الشعب ومجلس الشورى والمجالس المحلية أم لا؟.وخلاصة القول إن المصرى مزدوج الجنسية من حقه التقدم بالترشيح للمجالس النيابية فى مصر شأنه شأن الأجنبى الذى اكتسب الجنسية المصرية ومضى على اكتسابه لها مدة عشر سنوات (مادة 9 من قانون الجنسية) والأجنبى الصادر له قرار جمهورى بمنحه الجنسية المصرية (مادة 5 من قانون الجنسية)، كما أن المصرية المتزوجة من أجنبى سواء اكتسبت جنسية زوجها أم لم تكتسب يكون من حقها أيضا اكتساب عضوية المجالس النيابية بالانتخاب أو بالتعيين. وإذا كان ذلك كذلك، فإنه يكون من حق المصرى ذى الأب أو الأم مزدوجى الجنسية، ويحتفظ كل منهما بالجنسية المصرية بصفة كونها (جنسية الدم)، الترشح لرئاسة الجمهورية فى ظل غموض المادة 26 من الإعلان الدستورى التى لم تفرق بين الأجنبى المتجنس بالجنسبة المصرية الذى يتمتع بقوة القانون بالحق فى مباشرة حقوقه السياسية بعد مضى مدة تتراوح بين الخمس سنوات والعشر سنوات (م9 ق 26- 1975) وبين المصرى المتجنس بجنسية أجنبية مادام كان محتفظا بجنسيته المصرية، ولم تسقط عنه (م10 ق 26- 1975) وبين الزوجة المصرية ـ الراغبة فى الترشيح للرئاسة ـ التى لا تزال تحتفظ بجنسيتها المصرية على الرغم من تجنس زوجها بجنسية أجنبية (م11 ق 1975).
وسوف نتطرق لما قرره مجلس الدولة المصري من خلال حكم المحكمة الادارية العليا بالجلسة المنعقدة علناً برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد أمين المهدي رئيس مجلس الدولة.في الطعن رقم 1960 لسنة 47 القضائية عليا، في يوم السبت الموافق 2000/11/4. حيث يبين من الأوراق ان المطعون ضده يحمل الجنسية الأمريكية مع احتفاظه بالجنسية المصرية وقت تقدمه بأوراق ترشيحه لعضوية مجلس الشعب. ومن حيث ان المادة الخامسة من القانون رقم 38 لسنة 1972 في شأن مجلس الشعب تشترط فيمن يُرشح لعضوية مجلس الشعب:
-1 أن يكون مصري الجنسية، من أب مصرى، وأن يكون قد أدى الخدمة العسكرية الالزامية أو أعفي من أدائها طبقا للقانون».
ومن حيث انه يتعين بادئ ذي بدء تعريف مفهوم الجنسية، فالجنسية تعني فقها وقضاء، رابطة تقوم بين فرد ودولة بحيث يدين الفرد بولائه للدولة التي ينتمي اليها بجنسيته، وفي المقابل يكون، بل يتعين، على تلك الدولة ان تحميه باسباغ الحماية عليه اذا ما تعرض في دولة أخرى لأي مساس أو تعد.فاذا كان ذلك فان مفاد ما تقدم ومؤداه الحتمي والمنطقي ان يكون الشخص الذي ينتمي الى دولتين بحكم تمتعه بجنسيتين متعدد الولاء بتعدد الجنسية.
وأرست المحكمة من خلال منطوق حكمها عدة مبادئ سوف نوضحها على النحو الأتي:
أولا: عضوية مجلس الشعب تتطلب الولاء الكامل:
ومن حيت ان القانون رقم 38 لسنة 1972 في شأن مجلس الشعب، عندما اشترط في المادة الخامسة منه فيمن يرشح نفسه لعضوية مجلس الشعب، ان يكون مصري الجنسية من أب مصري، فانه لم يكتف بحيازة الشخص للجنسية المصرية، وانما تطلب فضلا عن ذلك ان يكون من أب مصري، وفي ذلك دلالة ينبغي استيعابها، تتحصل في ان المشرع يتطلب فيمن يُرشح نفسه للنيابة عن الشعب المصري ان يكون انتماؤه عميق الجذور في تربة الوطن، مهموما بمشاكله وقضاياه، حاملا لها دائما في عقله وقلبه حتى ولو رحل الى آخر الدنيا، عاملا بيده وعقله وقلبه ولسانه على ان يكون وطنه أول أمم الأرض عزة ورفعة وتقدما، غير مُشرك في ولائه - قانونا - لمصر أي وطن آخر حتى لو كان، في الفرض الجدلي، أكثر منها تقدما سياسيا أو اقتصاديا أو اجتماعيا، وحيازة الشخص لجنسية أخرى غير الجنسية المصرية معناه ان الولاء المطلق والكامل والواجب من قبله لمصر قد انشطر قانونا الى ولائين أحدهما لمصر والآخر لوطن أجنبي آخر.واذا تعدد الولاء لمصر وغيرها فقد تراجعت كل المعاني السابقة التي أراد المشرع المصري بالنص المذكور بلوغها، لأن الولاء الكامل لمصر ولشعبها وآمالها وترابها يعتبر منقوصا اذا قسمناه على مصر وعلى غيرها من الأوطان. والنيابة عن الشعب تتطلب ولاء كاملا لمصر، خاصة ان مهمة مجلس الشعب طبقا للمادة 86 من الدستور هي تولي سلطه التشريع واقرار السياسة العامة للدولة وممارسة الرقابة على السلطة التنفيذية.
ثانيا: أحتفاظ المزدوج بجنسية المهجر تزعزع الولاء:
ومن حيث انه اذا كان الأصل في القانون رقم 26 لسنة 1975 بشأن الجنسية المصرية أنه يُرتب على تجنس المصري بجنسية أجنبية، متى أذن له في ذلك، زوال الجنسية المصرية (م10/2)، الا أنه استثناء من ذلك أجاز ان يتضمن الاذن بالتجنس احتفاظ المأذون له بالجنسية المصرية، وذلك لاعتبارات أملتها الضرورة العملية، تتمثل في طمأنة المصريين الذين استقروا في الخارج واكتسبوا جنسية المهجر، أنهم مازالوا مرتبطين بوطنهم الأصلي، وأن لهم العودة اليه وقتما يشاءون، بما يمنحهم ذلك من قوة نفسية وروحية كبيرة في نضالهم بالمهجر، على نحو ما ورد بالمذكرة الايضاحية لمشروع القانون رقم 26 لسنة 1975 وتقرير اللجنة التشريعية في شأنه.وعلى ذلك فالسماح بازدواج الجنسية، هدفه أساسا تعضيد المصريين المستقرين في الخارج واكتسبوا جنسية المهجر، وتشجيعهم على الاستمرار في النضال في البلاد التي استقروا فيها. لكن اذا عاد المصري مزدوج الجنسية من الخارج وأقام في مصر ومارس عملا فيها، فان العلة من احتفاظه بالجنسية الأجنبية تزول الا اذا كان حمل الجنسية الأجنبية بجانب الجنسية المصرية يمثل من وجهة نظره شرفا له لا يريد التنازل عنه، أو يمثل حماية له من قبل دولة أجنبية لا يريد ان يفقدها، وكلا الأمرين يزعزع من يقين الانتماء لمصر وحدها، حيث ان المصري الحق هو من يعتز بمصريته ويرفض تماما ان ينازعه في ولائه لها أي وطن آخر مهما كان.
ثالثا: حرمان واستثناء المزدوج من الخدمة العسكرية لأن الدفاع عن الوطن واجب مقدس:
ومن حيث ان قانون الخدمة العسكرية رقم 127 لسنة 1980 ينص في المادة (1) على ان «تفرض الخدمة العسكرية على كل مصري من الذكور أتم الثامنة عشرة من عمره»... ونصت المادة (6) على ان «يستثني من تطبيق حكم المادة (1): أولاً :رابعا: الفئات التي يصدر بقواعد وشروط استثنائها قرار من وزير الدفاع طبقا لمقتضيات المصلحة العامة أو أمن الدولة.ويصدر بالاستثناء قرار من وزير الدفاع»...واذ أدرك وزير الدفاع حساسية موضوع ازدواج الجنسية بالنسبة للتجنيد في القوات المسلحة المصرية، فقد عالجه على نحو يحفظ مصالح مصر ولا يعرض أمنها للخطر، فأصدر عدة قرارات، ومنها قرار وزير الدفاع والانتاج الحربي رقم 115 لسنة 1981 في الفقرة (د) نصت على الآتي: «...ويزول الاستثناء في حالة فقد الفرد لجنسيته الأجنبية».
واذا كان القرار المذكور قد استثنى المصري مزدوج الجنسية من أداء الخدمة العسكرية جنديا في القوات المسلحة.واذا كان هذا هو الشأن بالنسبة للجندى، فان ذلك يكشف عن وجوب انسحاب هذا الحكم - من باب أولى - على مرشحي مجلس الشعب مزدوجي الجنسية الذين يتولون سلطة التشريع ويقرون السياسة العامة للدولة والخطة العامة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية والموازنة العامة للدولة والرقابة على أعمال السلطة التنفيذية.
فاذا كانت المهمة التي يقوم بها الجندي جليلة وحساسة ومقدسة باعتبارها كذلك حسب وصفها الوارد بنص المادة (58) من الدستور، فان مهمة عضو مجلس الشعب على ذات القدر من القداسة ذلك أنه اذا كانت المادة (58) من الدستور المشار اليها تنص على ان «الدفاع عن الوطن وأرضه واجب مقدس.والتجنيد اجباري وفقا للقانون».
رابعا: لا يستقيم للمواطن من وطنين في قلبه ويستويان لديه.
ان عضوية مجلس الشعب مما يشملها الواجب المقدس المفروض ان يتصدى له عضو المجلس دفاعا عن سلامة الوطن سواء في اضطلاعه بمهامه المتعلقة بادارة العلاقات الدولية لمصر اعمالاً لحكم المادة (151) من الدستور التي تنص على ان «رئيس الجمهورية يبرم المعاهدات ويبلغها مجلس الشعب مشفوعة بما يناسب من البيان، وتكون لها قوة القانون بعد ابرامها والتصديق عليها ونشرها وفقاً للأوضاع المقررة، على ان معاهدات الصلح والتحالف والتجارة والملاحة وجميع المعاهدات التي يترتب عليها تعديل في أراضي الدولة أو التي تتعلق بحقوق السيادة أو التي تحمل خزانة الدولة شيئا من النفقات الواردة في الموازنة، تجب موافقة مجلس الشعب عليها»، أو في اسهامه بتقرير السياسة العامة للدولة وممارسة الرقابة على السلطة التنفيذية على النحو الذي تنظمه أحكام المادة (86) من الدستور.
ومن حيث انه مما يؤكد هذه البداهة الدستورية ان قوانين بعض الجهات تشترط فيمن يعين فيها أو يستمر في العمل بها ألا يكون متزوجا من أجنبية، مثل قانون السلك الدبلوماسي والقنصلي رقم 45 لسنة 1982 الذي ينص في المادة (2/5) على أنه «يشترط فيمن يعين في احدى وظائف السلك: 2-1 …. ألا يكون متزوجا من غير مصرية..»... والقانون رقم 232 لسنة 1959 في شأن شروط الخدمة والترقية لضباط القوات المسلحة الذي ينص في المادة (108) على أنه: «لا يجوز للضابط الزواج من أجنبية ……».. واذا كانت الجهات السابقة تحظر ان ينتمي اليها أو يستمر في الانتماء اليها من يكون نصفه مصريا ونصفه الآخر أجنبيا بالزواج من أجنبية، فانه يتعين ان يمتد هذا الحكم الى من كان نصفه مصريا والنصف الآخر أجنبيا بسبب التجنس، ويريد ان ينتسب الى هيئة نيابية.
ذلك أنه اذا كان العمل في السلك الدبلوماسي والقوات المسلحة أمراً شديد الحساسية بحيث يحظر على من يتزوج أجنبية ممارسته، فان مهام عضو الهيئة النيابية لا تقل حساسية، وبالتالي يتعين القول كذلك بحظر الترشيح لعضوية مجلس الشعب على من يجمع مع جنسيته المصرية جنسية أجنبية، كل ذلك بالاضافة الى الاشارة الواجبة، دون خوض في تفاصيل، لمتطلبات العمل بأجهزة الأمن القومي التي تقوم حارسة على أمن مصر وعلى أمان المواطنين، والتي تستلزم اشتراطات خاصة فيمن يشرف بالانتماء اليها، منها وأولها الولاء الخالص لمصر بلا منازعة أو منافسة أو شراكة.
خامسا:لا يجوز قسم العضو بالولاء للوطن شركة مع وطن غيره أو لشعب أخر.
ومن حيث ان النتيجة السابقة هي التي انتهت اليها هذه المحكمة قبلا حينما رأت ان المادة (90) من الدستور تحتم ان يقسم عضو مجلس الشعب أمام المجلس قبل ان يباشر عمله قسما قوامه ان يحافظ العضو مخلصا على سلامة الوطن وأن لرعي مصالح الشعب، مما لا يتصور معه في الاستخلاص المنطقى، ان يكون الولاء للوطن شركة مع وطن غيره أو لشعب خلاف شعب مصر.واذا كانت التشريعات المنظمة لأحكام الجنسية تجيز، في الحدود وبالشروط التي تقررها، اكتساب المصري جنسية أجنبية مع احتفاظه بالجنسية المصرية، الا ان هذا الجواز لا يمكن ان يصلح سنداً أو يقوم أساسا لخلخلة مفاد أحكام الدستور التي لا يمكن حملها، لا تفسيراً ولا تأويلا، على أنها تجيز ان ينوب عن الشعب ويعير عن ارادته وينطق بنبضه ويحس بآلامه ويلتحم مع آماله، الا من كان مصريا خالص المصرية، فلا تشارك هذه الرابطة المقدسة رابطة معها، فكل ذلك يتعارض ويتصادم مع صريح عبارة القسم المنصوص عليه بالمادة (90) من الدستور المشار اليها، فلا يستقيم للمواطن من وطنين في قلبه يستويان لديه.فالجنسية المصرية المتطلبة كشرط للترشيح لعضوية مجلس الشعب لا تحتمل شركة مع غيرها ولا تقبل معها في القلب والنفس مزاحما ولا منافسا أو شريكا (حكم المحكمة في الطعن رقم 1259 لسنه 47 القضائية عليا في 2000/10/27). فالقسم يجب ان يفهم على حقيقته، فهو ليس طقسا من الطقوس، فارغ المضمون، وانما هو بحق عميق الدلالة ويرتب بذاته التزامات، ويفترض توافر شروط موضوعية فيمن يكون له حق عضويه مجلس الشعب أولها وأهمها تفرد الولاء لمصر، الأمر الذي يزعزع منه توافر جنسية أخرى للشخص اذ، على نحو ما سبق البيان، ان الجنسية هي في تعريفها الأصولي رابطة ولاء وواجب حماية للدولة المنتمي اليها الشخص بجنسيته ومن بديهيات أصول التفسير ان يكون للألفاظ معنى، ولا معنى لعبارة القسم المشار اليه الا معنى واحداً لا يحتمل غيره وهو خالص الولاء للوطن، ولا يكون الولاء خالصا الا اذا كان متفرداً. ومن حيث ان هذه المحكمة ترى لزاما عليها، وهي تنزل حكم الدستور، التأكيد على ان بيان الحكم الدستوري المستمد من عبارات القسم الذي على عضو مجلس الشعب ان يقسمه قبل تولي شؤون العضوية، انما هو استخلاص موضوعي مجرد يتأبى على التخصيص بالنسبة لما قد يقوم من حالات في التطبيق.فالولاء المتفرد المتطلب دستوراً يسمو، في تجرده، على الحالات الواقعية في التطبيق، وهو بعد الولاء بالمعنى القانوني المستمد، على ما سبق البيان، من التكييف القانوني لرابطة الجنسية.ومفاد ذلك، ان هذه المحكمة لا تتعرض، ولا شأن لها في ذلك، للولاء الفعلي لما يعرض أمامها من حالات، لأن الأمر لا يتعلق باثبات الولاء الفعلي في كل حالة على حده.وانما الأمر مرده الى حكم موضوعي قائم من مفاد أحكام الدستور يجد له سنداً من التكييف القانوني المجرد لرابطة الجنسية، فالجنسية الأجنبية تفترض، قانونا، ولاء وانتماء هو الذي ينتج تصادما مع متطلبات الحكم الدستورى، دون امكان التحدي في كل حالة على حده بقيام الدلائل التي تفيد غير ذلك، أو أنه ليس ثمة ولاء أصلا لتلك الجنسية الأجنبية، اذ الأمر على ما سلف، يتصل بالتكييف القانوني لرابطة الجنسية، وهذا التكييف القانوني المجرد يتأبى على التخصيص.
سادسا: لا ينطبق مبدأ المساواة بين المصري الذي يحمل جنسية واحدة والمصري المزدوج.
ومن حيث انه ليس صحيحا القول بأن تطلب الجنسية المصرية المتفردة في عضو مجلس الشعب يمثل اخلالا بقاعدة المساواة المقررة للمصريين جميعا، وهي التي نص عليها الدستور في المادة (40) منه، أساس ذلك أنه فضلا عن أنه من المسلم به ان المساواة تفترض تطابقا في المراكز القانونية، فانه لا تجوز المحاجة بذلك في شأن الأمر المعروض على هذه المحكمة، اذ ان تطلب شرط الجنسية المصرية المتفردة مستمد من أحكام الدستور ذاتها، وبالتالي فلا يمكن ان يدعي بأن في ذلك اخلالاً بقاعدة المساواة التي نص عليها ذات الدستور، اذ يتعين دائما تطبيق نصوص الدستور على نحو ما يحقق التناسق والانسجام بينها وهو ما فتئت المحكمة الدستورية العليا على تأكيده في قضاء مستقر لها.ويكون ما يتطلب دستوراً من شرط يتعلق بتفرد الجنسية المصرية فيمن يجوز له اكتساب عضوية مجلس الشعب، غير متصادم مع القاعدة الأصولية التي تقضي بالمساواة بين المصريين.
كاتب المقال
دكتور في الحقوق و خبيرفي القانون العام
ومدير مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية والاقتصادية
عضو والخبير بالمعهد العربي الاوروبي للدراسات الاستراتيجية والسياسية بجامعة الدول العربية
0 تعليقات:
إرسال تعليق