لم تستغرق الهند وقتا طويلا لإسكات منتقديها فعقدت أول إنتخابات عامة لها سنة 1951_1952 بنجاح كبير ومن خلال هذه العملية صدقت الهند بيانها على جائزة نوبل الشهير أمارتياسين صاحب مقولة ( بأن بلدا لايصبح لا ئقا للديمقراطية بل يصبح لائقا من خلال الديمقراطية)
تتمتع الهند كونها أكبر دولة ديمقراطية وأكثرها استقرارا مزدهرة ونابضة بالحياة فعلى المستوى الوطني، تنطوي نتائج الانتخابات العامة في الهند لعام 2014 على دلالات كثيرة تعبّر عن تغيرات جوهرية في المجتمع الهندي وتوجهاته السياسية والأيديولوجية والاجتماعية والاقتصادية وقد تكون الانتخابات الهندية محيرة للعقل بسبب حجمها الكبير فقد تجاوز عدد الناخبين الهنود عدد الناخبين في أي قارة من القارات ويمكن وصف الانتخابات العامة التي تم إجراؤها في عام 2014 كأكبر حدث يتم إدارته من قبل الناس في كافة أنحاء العالم فمع 814 مليون ناخب و 930 ألف مركز إقتراع و1.19 مليون آلة تصويت ومابين 11_12 مليون مسؤول الاقتراع والامن يقف العالم على وشك أن يشهد أكبر إنتخابات في التاريخ.
إرتبطت جذور الديمقراطية في الهند بوجود لجنة إنتخابات مستقلة تماما ضمنت إجراء انتخابات حرة ونزيهة في كل مرة على مدى العقود الستة الماضية فأجريت 15 انتخابا هنديا عاما لمجلس النواب (لوك سابها) وأكثر من 350 انتخابا للمجالس التشريعية في الولايات والانتقال السلمي والمنظم والديمقراطي للسلطة وأجريت الانتخابات على أساس التكافؤ فالقادة الذين ينتمون للقطاعات المهمشة من المجتمع كالطوائف والقبائل المنبوذة والمزارعين والنساء والاقليات قد وجدوا فرصة لرئاسة الحكومات الوطنية والمحلية واحتلوا المناصب المهمة ، فالتحدي الاكبر لدى دولة ديمقراطية عريقة كالهند هو تنوعها في جميع الابعاد سواء كان ذلك بسبب جغرافيتها أو كون مجتمعها متعدد الاديان والثقافات واللغات والاعراق ومن شأن ذلك أن يجعل من شمولية كل قسم وكل فرد مصدرقلق ولكن نجح النموذج الديمقراطي لديها بأن يشعر كافة شرائح السكان من المضطهدين والمحرومين والمعاقين والاقليات (الدينية والثقافية واللغوية) بالثقة والراحة في الذهاب إلى مراكزالاقتراع.
لقد بذلت هيئة الانتخابات في الهند جهودا جبارة في اتجاهات مختلفة لتعديل النظام واتخذت مبادرات جديدة لانعاش صلاحية اللجنة لإجراء إنتخابات حرة ونزيهة ومن الخطوات المؤخرة التي أتخذتها في هذا الاتجاه هي إستعمال أجهزة الاقتراع الالكترونية(EVM) منذ عام 1998 حتى تصبح عملية الانتخابات أسهل وأسرع وخالية من الاخطاء وهذه المبادرة التقنية الاكثر أهمية لم تتجرأ إلا قلة قليلة من البلدان أن تعتمدها ، فاستهلاك أوراق الاقتراع كان كبير جدا فضلا عن صعوبة تخزينه وضمان سلامته خلال فترة الانتخابات ولكي يصبح نظام التصويت الالكتروني أكثر فاعلية نظرت هيئة الانتخابات أولا في فكرة أجهزة التصويت الالكتروني في عام 1977 وعرض أول نموذج أمام الاحزاب السياسية في أغسطس 1980 حيث أن هذا الجهاز جعل عملية التصويت أبسط وأسرع وأكثر كفاءة ، وأستخدمت أجهزة التصويت لأول مرة في ولاية كيرالا عام 1982 وتوالى إستخدامها في الانتخابات العامة 2004 في كل أجزاء البلاد مما أدى إلى زيارة وفود من عدة دول مثل بنغلاديش واندونيسيا واليابان ونيبال وجنوب أفريقيا وتايلاند واوغندا الهند خلال الانتخابات لترى بنفسها كيف تعمل الاجهزة في الواقع .
إن تحرك الهند وتحويلها التام الى نظام الاجهزة الالكترونية هو تدريجي مما قلل من النفقات وقدم حلول إلى عدة مشاكل بيانية وساهم في الحفاظ على البيئة وأصبحت عملية الاقتراع أسهل وعملية فرز الاصوات أسرع وأكثر ضبطا فالهيئة الانتخابية الهندية أكملت بنجاح إستعمال أكثر من مليون جهاز تصويت في بلد له أبعاد شبه قارة ويحوي 650 مليون ناخب .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق