الدكتور عادل عامر
من المسلم به أن دور المرأة ومشاركتها في التنظيمات الأهلية لا ينفصل عن وضعها في المجتمع بصورة عامة، وهو الوضع الذي سيتحدد بدوره بمدى تطور البني الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية. وإن العلاقة بينهما علاقة جدلية وتفاعلية، فمن المستحيل أن تتطور أدوار المرأة وتتحرر وتصبح شريكاً كاملاً في المجتمع، إلا إذا سمحت مرحلة تطور البني الاجتماعية والسياسية في هذا المجتمع بذلك وهي بدورها تتأثر في تطورها بدرجة تحرر المرأة وتفاعلها مع حركة المجتمع. ويتمثل النشاط الأهلي للنساء في أنماط متعددة من أقدمها وأكثرها شيوعاً الجمعيات الخيرية النسائية، وهي الجمعيات التي ترتبط بالفلسفة التقليدية للبر والإحسان وتحاول بالتالي ترميم وإصلاح العيوب ومعالجة المشكلات من موقف إصلاحي هي أكثر أصناف الجمعيات رواجاً وعراقةً. هي تارة جمعيات خيرية "مختلطة" تساهم فيها نساء، وتارةً أخرى جمعيات خيرية نسائية صرفة لا تعمل فيها إلا نساء. ليس لدينا طوبوغرافية تفصيلية عن عمل هذه الجمعيات في أرجاء الوطن العربي كافة، لا يمكننا الزعم بأن هذا النمط من النشاط رغم فضيلته في الإحسان، يعبر عن أزمة تنمية أكثر مما يحاول المساهمة في حل بعض معضلاتها، وحاجتنا في ذلك أنه يحاور النتائج – العوز- غير طارح وسائل الوقاية منه. فضلاً عن ذلك، هنالك ظاهرة لم نتأكد من درجة تعميمها لكنها جديرة بالالتفات: هي ظاهرة الجمعيات النسائية الخيرية التي تحاول وراء الستار المساعدة والتقديمات المختلفة أن تثبت أيديولوجياً (وأحيانا أفكاراً سياسية معينة) هي غير ما تعلنه على الملأ.
وهناك جمعيات واتحادات نسائية مرتبطة بأحزاب في السلطة أو خارجها، فأن كانت هذه الأحزاب خارج السلطة، فأنها قد ترتبط بالحركة الوطنية وتربط نظرتها للمرأة بموقفها الأيديولوجي، أما تلك المنظمات التابعة لأحزاب في السلطة فهي تتحرك في إطار الحزب وتتسم بدرجة عالية من البيروقراطية.
وتشير البيانات والإحصاءات المتوافرة على الصعيد العربي إلى ضعف المشاركة النسائية بصورة عامة في التنظيمات والجمعيات الأهلية، فضلاً عن ضعفها في العمل النقابي، وتواجد المرأة أساساً على المستويات القاعدية دون القيادية، وبالتالي إبتعادها عن مواقع صنع القرار. كما تأتي هذه المشاركة في هذه التنظيمات من فئات وطبقات اجتماعية معينة ممن يملكن الوقت والمال وكذلك من فئات عمرية متأخرة نسبياً بعد سن الأربعين غالباً، حتى لا يكون هناك أطفال في حاجة إلى الرعاية، كما تتسم هذه التنظيمات في الغالب بالطابع الحضري فتستوعب نساء الحضر، مما يعني تهميش قطاعات ومناطق وأجيال وطبقات اجتماعية عن المشاركة في العمل الأهلي النسائي العربي، يؤدي ذلك حتماً إلى صياغة مضمون النشاط الأهلي في إطار أنساق فكرية وثقافية وقيمية لا تمثل الغالبية العظمى من النساء العربيات. بيد أن هذا الرخاء لم يدم فترة طويلاً، حيث تراجع المجال الثقافي بتراجع كل المجالات في بداية الألفية الاقتصادية والسياسية، وبالتالي الاجتماعية. كان هناك ارتباك واضح في موقف الحكومات تجاه الثقافة بوجه عام، إلى حد أنها فكرت في إلغاء وزارة الثقافة وإنشاء أي بديل ناسب (مجلس أعلى) لتولي الشئون الثقافية. تم إذن إيقاف عمل الوزارة في 25 نوفمبر 2003 لمدة عام، وتركها دون وزير أو مجلس أعلى أو أية تشكيل إداري يمكنه تغطية الفجوة الناشئة عن إيقافها عن العمل.
أثارت هذه الفجوة الكثير من الأسئلة بخصوص أجندة الحكومة فيما يتصل والثقافة والمثقفين. بيد أن رئيس الوزارة، فيصل الفايز، قام بزيارة بعض المؤسسات والهيئات الثقافية وعقد اجتماعات ومناقشات مع أعضائها، إضافة إلى المناقشات المطولة التي أجراها مركز الرأي للأبحاث والمعلومات في وجود رئيس الوزارة ووزير التنمية السياسية والمتحدث الرسمي باسم مجلس الوزارة وبعض المشاركين المثقفين وممثلين عن الهيئات والمؤسسات الثقافية. وقد طمأنت تلك الزيارات والمناقشات المثقفين على مستقبل النشاط الثقافي في الأردن، خاصة استفساراته عن مطالب المثقفين من الحكومة بشأن التركيبة المناسبة للإشراف على النشاطات الثقافية. وقد أدى ذلك إلى ظهور مجموعة من الآراء والمقترحات وردود الأفعال التي يمكن أن تكون مفيدة للوصول إلى حقيقة أن الحكومة أعطت للمثقفين فرصة ليقتنصوها. لذلك فقد تابعوا عقد المناقشات في مواقعهم وحيث يجتمعون عادة، وكونوا لجنة لإعداد مسودة "المشروع الثقافي الوطني"، إضافة إلى تشكيل لجنة تحضيرية لعقد مؤتمر ثقافي وطني لمناقشة مستقبل الثقافة والفنون. طبيعة النظام السياسي,
اذ ان من أهم ميزات الانظمة الشمولية تحديد قدرة الافراد على التفكير السياسي وجعل هذا التفكير يدور ضمن خطط محددة تخدم هذه الانظمة ويصب في استمراريتها مما يؤدي الى ابتعاد الافراد بشكل عام عن التعمق بالثقافة السياسية كالدستور والحقوق والواجبات وصلاحيات السلطة وغيرها, لان هذه كلها تعتبر من المحرمات في مثل هذه الانظمة مما يسهم في ضعف الوعي السياسي للافراد وتعميق حالة الاستغفال والتخلف .
عند التغيير لم تحل مشكلة الوعي السياسي لدى الجماهير اذ بدأت القوة السياسية ومن اجل مصالح ضيقة تلعب على ضعف الوعي السياسي الذي كان سائدا في المرحلة السابقة وعملت على تعميق الاختلاف المذهبي والقومي والعشائري خدمةً لاهدافها المرحلية
التخلف الاجتماعي
اذ ان اهم سمات هذا التخلف ألامية , التعصب ,الاتكالية,الانغلاق, المزاجية, الانبهارغير الواعي وتهميش دور المرأة .
وهذا بالتاكيد لم يكن وليد هذه المرحلة وانما هو تخلف تراكم عبر عقود من السيطرة الاجنبية وعدم الاستقرار والدكتاتورية.
ضعف العدالة الاقتصادية
وهذا الامر ايضا يعود الى المراحل التي عاشها المجتمع والتي عانى خلالها من الاستغلال الاجنبي والمحلي وعدم جدية الحكومات المتعاقبة على حل المشاكل الاقتصادية لاسيما البطالة وتوزيع الثورة والتصنيع وغيرها , فضلا عن انعكاس الظروف السياسية على الواقع الاقتصادي مما انعكس بالتالي على حالة المجتمع الثقافية بشكل عام والوعي السياسي بشكل خاص اذ ان من ابرزعوامل تراجع الوعي هو الفقر والبحث عن لقمة العيش التي لاتسمح للآنسان بان يطالب بحقوقه السياسية التي تتيح له المشاركة في النشاطات السياسيةبمختلف اوجهها.ونرى ان سياسية التجويع هي احدى وسائل الانظمة لاضعاف الوعي واحباط المجتمع ومنعه من محاسبتها الامر الذي قد يدفع الى مايطلق عليه بالثورة الشعبية وهي في الواقع اندفاع غير واعي للجماهير المقهورة طلبا للخلاص مما ينتج عنه انهيارا شاملا لمرتكزات المجتمع وبروز حالة جديدة لاتعرف نتائجها
ملامح ضعف الوعي السياسي
ازمة الهوية
وتتعلق بعدم معرفة افراد المجتمع السياسي لهوية نظامهم السياسي وطبيعته فهل هو نظام قبلي ام ديني ام علماني ام غير ذلك الامر الذي يجعل الصورة غير واضحة ومشوشه لدى الافراد مما يجعلهم غير قادرين على تحديد حقوقهم وكيفية التعامل مع المواقف والاختلافات السياسية .
أزمة الاندماج الاجتماعي
نتيجة التخلف الذي يعاني منه المجتمع لاسيما على الصعد الاجتماعية والاقتصادية وهي اثار متراكمة كما ذكرنا عبر عقود طويلة من القهر والحرمان جعلت الافراد يلتفون حول تقسيماتهم الطائفية والعشائرية او القومية الامر الذي ساعد على عكس هذه التقسيمات على الواقع السياسي وبالتالي اصبح الوعي السياسي بالمفهوم الذي اوردناه يغيب عن المجتمع ويحل محله التعصب والانحياز غير الواعي .
ازمة المشاركة
نتيجة لشعور افراد المجتمع بان الواقع السياسي الجديد لم يحل مشاكلهم الاجتماعية والاقتصادية وان النخب السياسية منشغلة في الصراع على السلطة ومكاسبها والتي هي بالتاكيد بعيدة عن هموم الناس واهدافهم كل ذلك يجعل الفرد يعزف عن المشاركة السياسية وبذلك تصبح العملية الديمقراطية شكلية وغير ناضجة
ماهي العوامل المساعدة على تعميق الوعي السياسي ؟
في البدء يجب ان نؤكد على ضرورة التوازن بين الواقع الذي عليه المجتمع وبين مانصبوا اليه بعيدا عن التوهمية والطوباوية . اذ ان تحول السياسي الذي ينقل المجتمع من حالة النظام الشمولي المنغلق الى حالة النظام الديمقراطي المفتوح دون المرور بحالة الاستعداد النفسي والفكري قد يُحدث حالة من فقدان التوازن الاجتماعي وهذا ما لاحظناه مع بداية التغيير,
الامر الذي يجعل الحاجة ماسة الى اعادة التوازن للمجتمع قبل كل شئ من باشاعة الامن والانضباط من ثم البدء بعملية تعميق الوعي السياسي وذلك من خلال انبثاق الاطر السياسية الفاعلة التي تشكل النظام السياسي بكافة مستوياتها انطلاقا من اطر فكرية وايديولوجية وطنية تهدف بشكل حقيقي بالفعل والقول لبناء نظام ديمقراطي سليم بعيدا عن المصالح الضيقة والاهداف الانية الامر الذي يعزز ثقة المواطن بتلك القوى وبالتالي تسهل عملية التاثير الايجابي بينها وبين المواطن
التدرج في توعية المجتمع وتعريفهم بحقوقهم وواجباتهم وترسيخ مفهوم المواطنة بشكله الحقيقي بعيدا عن التعصب المذهبي او القبلي او القومي وبعيدا عن ربط المواطنة باشخاص اواحزاب وجعلها وفق المفهوم الحقيقي المتمثل بلالتصاق بالوطن تأريخا وارضا وشعبا وقيما.
تنظيم علاقة المواطن بالدولة من خلال ايجاد قوانين عادلة تحقق المصلحة المشتركة للدولة والفرد .
تعميق مبدء الحوار في حل الخلافات السياسية بعيدا عن التطرف كون ان التطرف هو من سمات المجتمع البدائي وهذا من صلب واجب القوى السياسية المتواجده على الساحة والتي يجب ان تعطي نموذجا صالحا للافراد
اشاعة مفهوم الاغلبية والاقلية بشكله السليم , اذ ان ماروج له بعد التغييير ان الاغلبية والاقلية انما هي اما مذهبية او قومية وبالتالي تصبح اغلبية دائمية واقلية دائمية,وهذا خطأ جسيم في تطبيق مفهوم الديمقراطية لان مفهوم الاغلبية والاقلية هو مفهوم سياسي بحت يتبع المنهج الذي تتبناه مجموعة سياسية لادارة الدولة وهو ليس عقيدة دينية او مذهبية او عرقية لان هذه المفاهيم مفاهيم اجتماعية لذلك فان الاغلبية هي مؤقتة ويمكن ان تكون اقلية في دورة انتخابية اخرى وبالعكس وذلك انطلاقا من طبيعة برامجها السياسية وقناعة المجتمع بها
اشاعة الثقافة والذوق العام وابراز مفهوم الجمال بكل جوانبه الروحية والاخلاقية والمظهرية في المجتمع ويكون ذلك بواسطة المؤسسات الرسمية وغير الرسمية لاسيما المؤسسات التعليمية منها بدءا من المراحل الدراسية الاولى صعودا وذلك من اجل بناء جيل يمتلك الثقافة والوعي ليسهم في تعميق التجربة الديمقراطية حتى تصبح مع مرور الزمن تجربة ناضجة تحاكي التجارب الديمقراطية العريقة .
اشاعة مبدء العدالة الاقتصادية من خلال حل المشاكل المعيشية للمجتمع كالبطالة والفقر والعدالة في توزيع الثروة. اذ ان تلك المشاكل هي من ابرز معوقات الوعي بشكل عام والسياسي بشكل خاص. ان الدولة الديمقراطية وهي دولة مؤسسات تتطلب قبل كل شئ الاستقرار السياسي وهذا يتحقق عبر تعميق الوعي السياسي لدى افراد المجتمع وشعورهم بان مؤسسات الدولة هي المعبرةعن ارداتهم ورغباتهم وتستوعب نشاطاتهم وانهم جزء منها .وكلما كان الوعي السياسي حاضرا ومتأصلا او متجذرا لدى اغلبية افراد المجتمع نرى ان القوة السياسية الفاعلة تجد نفسها مضطرة لاتباع مناهج عقلانية في مشاريعها السياسية وذلك في محاولة لاقناع الافراد بتلك المشاريع وبالتالي يكون من الصعب بمكان استغفال الجماهير والعزف على المشاعر البدائية كالتحفيز الديني او الطائفي او القومي او المناطقي.
انه من الواضح ان الانتقال من حالة الانظمة الشمولية الى الحالة الديمقراطية لاتكون بشكل آلي وسريع لان التجارب الديمقراطية تحتاج فسحة من الزمن تطول او تقصر حسب طبيعة المجتمع ونظامه. انا بالنسبة لعالمنا العربي فان قضية حقوق المرأة ليست بجديدة فقد ناضلت منظمات المجتمع المدني والناشطين جنبا الى جنب بغية تحقيق المساواة بين الجنسين ، ومع انه من الملاحظ حصول تقدم في المؤشرات الخاصة بالنوع الاجتماعي، والعمل على تحقيق المساواة بين الجنسين، مثل التحسينات في تعليم الاناث، إلا أن الهوة بين الجنسين لا زالت قائمة وتشكل تحديا كبيرا في المنطقة، حيث تراجعت مؤشرات تمكين المرأة في المشاركة الاقتصادية والسياسية. ومع ان المرأة العربية لعبت دورا رئيسيا خلال الثورات العربية من خلال الدعوة لحقوقها والمطالبة بإصلاح القوانين الوطنية وتعديل الدساتير لتتلاءم مع المعايير الدولية وعلى راسها اتفاقية (السيداو) الا ان حقوق المرأة لا زالت او تركت على الهوامش. من هنا تأتي اهمية التوعية بهذه الاتفاقية والسعي للتوقيع والتصديق عليها وانفاذ احكامها ، لكن هذا الامر لا زال يواجه العديد من الصعوبات والعوائق ومنها المتصلة بالتقاليد والمعتقدات والسلوكيات الموروثة في مجتمعاتنا ، بما يؤدي الى تفضيل الرجل على المرأة والاعتقاد بان الرجل امتداد لنسب العائلة ومورد استثمار مادي لها مما يكرس التمييز ويديمه . بالإضافة الى العوامل الثقافية التي تؤثر في العلاقات بين الجنسين وتوزيع الادوار فيما بينهما في الأسرة والمجتمع، ووجود الأنماط الاجتماعية القائمة على الأحكام المسبقة والتحيز بين الجنسين ،وهناك العوائق المتعلقة بعدم ملائمة بعض القوانين والتشريعات ووجود بعض المواد التي تعزز التمييز ضد المرأة اضافة الى المشاكل الاقتصادية والسياسية . وللقيام بهذا الامر تعتبر المنظمات غير الحكومية والاعلام من الاليات الوطنية الهامة والرئيسية لحماية حقوق الانسان بشكل عام وحقوق المرأة بشكل خاص، وتعمل هاتان الاليتان جنب الى جنب مع الاليات الاخرى سواء كانت اليات حكومية او مؤسسات وطنية لحقوق الانسان وغيرها من اجل اشاعة مبادئ حقوق الانسان للمرأة في المجتمع وحماية هذه الحقوق من الانتهاك.
دور منظمات المجتمع المدني
يعد المجتمع المدني حاليا احد المكونات الرئيسية لكل مجتمع يوصف بالديمقراطي، بالإضافة الا انه يعتبر احد اهم الاليات الوطنية في تعزيز حقوق الانسان حيث يقع على عاتقه دور اساسي يتمثل في الاسهام الفعال في التنمية وتحقيق التقدم من خلال استخدام قدراته وامكاناته لخدمة المجتمع بشكل عام ، كما انه يعد احد المؤشرات التي تستخدم لقياس مدى احترام الدول لحقوق الانسان.
ومن ناحية اخرى ، فان تراجع دور الدولة في الميادين الاقتصادية والاجتماعية و الثقافية ودعمها لإنشاء منظمات ومؤسسات غير حكومية لتقوم بأنشطة تكمل دورها، بالإضافة الى ازدياد المساعدات المقدمة من المؤسسات والهيئات الدولية للمنظمات غير الحكومية لتقوم بأنشطة تكمل دور الدولة، شجع على تزايد المبادرات الجماعية لتكوين منظمات المجتمع المدني . ويعتبر البنك الدولي أن الشراكات بين المجتمع المدني والحكومة والقطاع الخاص، أصبحت أكثر الطرق فعالية في تحقيق النمو الاقتصادي والاجتماعي القابل للاستمرار.
و تتنوع اختصاصات المنظمات غير الحكومية كما تتنوع اهتماماتها فبعضها يختص بمجال تعزيز حقوق الإنسان بينما يختص بعضها الاخر بتعزيز حقوق بعينها مثل مكافحة التعذيب، أو تعزيز حرية الراي والتعبير وغيرها. كما تتنوع أنشطتها، فبعضها يختص بنشر مبادئ حقوق الإنسان أو التربية عليها، وبعضها الآخر يختص بأنشطة الحماية فحسب مثل كشف الانتهاكات والتدخل لدى السلطات المختصة لمنعها وملاحقة مقترفيها، أو تقديم المساعدة القانونية. وكذلك الامر تتنوع فئاتها المستهدفة حيث يهتم بعضها بعموم المجتمع بينما يتجه الاخر لاستهداف فئات محددة مثل النساء والأطفال والمسنين ...الخ .
وبشكل عام يقع على عاتق منظمات المجتمع المدني دور كبير في التوعية على اتفاقية القضاء على كافة اشكال التمييز ضد المرأة حيث تعتبر اقرب الى المشكلة والى الناس من خلال القيام بالعديد من المهام منها :
-العمل على حث الدولة على التوقيع والانضمام للاتفاقية بالاضافة الى حثها لرفع تحفظاتها على اتفاقية السيداو.
-القيام بالتعبئة العامة في مختلف المناطق فيما يخص عمليات الإصلاح القانوني عن طريق مراجعة السياسات والبرامج الحكومية لرؤية مدى ملائمتها للاتفاقية وتسليط الضوء على الممارسات والتشريعات التي تسخر التمييز في جميع القطاعات والمجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية بهدف الدعوة الى موائمة التشريعات الوطنية لاتفاقية السيداو.
-اخذ التغذية الراجعة مرة اخرى على مستوى القاعدة وجمع البيانات بهدف اعداد تقاريرها واصدار توصياتها المختلفة لتعديل القوانين المحلية بما يكرس المساواة بين المرأة والرجل . من هذا المنطلق تعد عملية مراقبة مدى انفاذ الاتفاقية من اهم الادوار الملقاة على هذه المنظمات ، حيث تقوم لجنة السيداو بالإضافة الى النظر في تقارير الدول الى الالتفات الى المعلومات المقدمة من وكالات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية النسائية من البلدان المبلغة. كما انه يتم تعيين أوقات محددة خلال الجلسات الرسمية للجنة لإجراء مناقشات مع المنظمات غير الحكومية من خلال اعداد تقارير الظل عن واقع المرأة في بلدانهم . كما على هذه المنظمات التوعية بأهمية الاخذ بتعليقات لجنة الاتفاقية من خلال رصد مدى التزام بلادهم بتوصيات اللجنة وحث حكوماتهم على التركيز على التدابير اللازمة التي أبرزتها اللجنة لكي يتحقق تقدم في انفاذ الاتفاقية، والتوعية بأهمية هذه التوصيات ببيان اثرها الإيجابي على النساء في حال تطبيقها بصورة صحيحة. - من ناحية اخرى تستطيع هذه المنظمات استقبال الشكاوى المتعلقة بانتهاكات حقوق المرأة وتوثيقها اتخاذ الاجراءات اللازمة لرفع الانتهاكات وتقديم العون والمساعدة لضحايا الانتهاكات بما في ذلك المساعدة القانونية، والسعي الى تكوين شبكات مختصة بحقوق المرأة في كافة انحاء البلاد لتسهيل الوصول على النساء وتلقي شكواهم وتلمس واقعهن وتوعيتهن بالاتفاقية، من خلال توسيع قاعدة المهتمين بحقوق المرأة وتعزيز العمل الجماعي المنظم، وذلك بتنسيق الجهود للمنظمات التي تعمل في مجال تعزيز حقوق المرأة والتوعية بها لنتائج اكثر فاعلية .
- القيام بالزيارات للاماكن وللمؤسسات والمراكز التي يمكن ان يتواجد بها نساء مثل مراكز الاصلاح والتأهيل الخاصة بالنساء ودور الرعاية ومراكز الايواء ودور المسنين ... ، والوقوف على واقع حقوقهن ومدى ملائمتها للاتفاقية.
- قيام قيادات هذه المنظمات بمنح المرأة فرص أكثر للتعبير عن آرائها في الانشطة التي تقوم بها، وضمان مشاركة المرأة في مؤسسات المجتمع المدني وعلى كافة المستويات وبالأخص القيادية منها مما يضع آراء مختلف الفئات الاجتماعية في الاعتبار عند وضع البرامج، واتخاذ القرارات بما يسهم في ترسيخ ثقافة المساواة ونبذ التمييز ضد المرأة من خلال تبني البرامج والمشاريع المتعلقة بالاتفاقية.
- بناء قدرات العاملين فيها على الاتفاقية والياتها واكسابهم المهارات وتعميق خبرتهم ليتمكنوا من اداء مهامهم بطريقة فعالة.
- بناء قدرات العاملين في الاعلام وتنمية وعيهم بالاتفاقية بهدف تطوير الأداء الحرفي للإعلاميين وفق روح حقوق المرأة والمساوة على اساس النوع الاجتماعي ، وإنتاج المواد التي تساهم في نشر ثقافة حقوق الإنسان للمرأة وتنمية الوعي بها، ودعوتهم إلى التركيز على نشر مضامين الاتفاقية على أوسع نطاق ممكن وفي مقدمتها مفاهيم المساواة وعدم التمييز.
- تدريب المنظمات الناشئة على كيفية اعداد التقارير وحتى توفير التدريب للجهات الحكومية وبناء القدرات من خلال عقد المنظمات لندوات وورش عمل تضم مختلف الفئات وقادة الرأي ورؤساء المنظمات للخروج برؤية مشتركة تخدم تعزيز حقوق المراة ككل وتعتمد على إيجاد تكامل في الأدوار من خلال مشاركة الممارسات الجيدة على المستوى الوطني والاقليمي والدولي واخد الدروس المستفادة منها في مراقبة انفاذ الاتفاقية والتوعية بها من خلال عقد ورش العمل والمؤتمرات واللقاءات للمنظمات التي تشترك في الاهتمام بقضايا المرأة وحقوقها وتوقيع مذكرات التفاهم وتبادل الخبرات .
- عقد البرامج التدريبية والتثقيفية وورش العمل لمختلف الفئات المستهدفة من مؤسسات حكومة وقطاع خاص ومؤسسات وطنية كمعلمين وقضاة ومحامين ..، اضافة الى اعداد الادلة التدريبية على الاتفاقية .
- مراجعة المناهج المدرسية والمطالبة بإزالة الصور النمطية بين الجنسين داخل النظام التعليمي، مؤكدة بذلك أن كلا الجنسين ومسؤولياتهم هي على قدم المساواة في الحياة العائلية والمساواة في الحقوق من خلال السعي الى دمج قيم ومبادئ ومفاهيم حقوق المرأة المتضمنة في الاتفاقية في المواد الدراسية ، مما يجعل الطلاب في علاقة مع حقوق الإنسان للمرأة مما يسهم كثيرا في نهاية الامر من تأهيلهم لاحترام حقوق المرأة والدفاع عنها ، والإيمان بها وممارستها.
- تأسيس قاعدة بيانات وطنية خاصة بحقوق المرأة تسهم في توفير المعلومات المتعلقة بإنفاذ الاتفاقية لاستخدامها كأساس لتصميم وتنفيذ النشاطات والبرامج التي تهدف إلى رفع الوعي العام بقضايا المرأة ولمختلف القطاعات المجتمعية .
- تعزيز الثقافة التطوعية، والانضمام إلى مؤسسات العمل الجماعي لطلبة المدارس والجامعات من خلال عقد الانشطة والفعاليات المتعلقة بحقوق المرأة وتنفيذ البحوث والدراسات والمسوحات المتعلقة بحقوق المرأة .
- الدعوة لإنشاء المؤسسات الوطنية لحقوق الانسان في البلدان التي لا توجد فيها لانها تعد من اهم الاليات الوطنية لتعزيز وحماية حقوق الانسان وتستطيع منظمات المجتمع المدني التعاون معها لتحقيق اهدافها دون ان يتم تحييدهم .
كاتب المقالدكتور في الحقوق و خبيرفي القانون العام
ورئيس مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية والاقتصادية
عضو والخبير بالمعهد العربي الاوروبي للدراسات الاستراتيجية والسياسية بجامعة الدول العربية
0 تعليقات:
إرسال تعليق