Ads

إجراءات إصلاح منظومة الدعم المصري

الدكتور عادل عامر
أن هناك حاجة إلي تطوير قوانين الاستثمار وقانون العمل والوظيفة العامة والمنظومة الضريبية مشددا علي أهمية الشفافية وإتاحة البيانات التي تشجع علي مناخ الاستثمار. أن مصر لن تنهض إلا بالقيمة المضافة مؤكدًا وجود تعاون كبير بين مصر والبنك الدولي لان الزيارة التي قام بها 13 مديرا تنفيذيا لمصر مؤخرًا كانت ناجحة وانعكست في إجماع البنك علي تمويل المشروعات متناهية الصغر بـ300 مليون دولار. أن مصر لديها إمكانيات كثير لم تستغل بعد وعلي الحكومة اتخاذ إجراءات إصلاحية سريعة. أن دعم الموازنة العامة للدولة لقطاع الكهرباء يبلغ نحو 21 مليار جنيه ، أن خطة تحريك أسعار الكهرباء لن تمس الشرائح الدنيا التي تخص الفقراء ومحدودي الدخل وتؤدي إلي وفورات يمكن تحقيقها من خلال إنارة الشوارع باعتماد نظام الطاقة الشمسية ما يوفر نحو50 الي 80 ميجاوات سنويا لإنارة المصانع والمنازل وصيانة شبكات التوزيع لتخفيف الهدر، والسيطرة علي التسرب في الكهرباء . أن مشكلة التضخم في مصر ترجع لأسباب مختلفة منها انحسار المعروض ووجود اختناقات بالسوق المحلية  بجانب اتخاذ كثير من المستوردين احتياطاتهم بهامش ربح مبالغ فيه نتيجة عدم اطمئنانهم للأحوال الاقتصادية  وسعر الصرف وغيره . إن مشروع توزيع الوقود بالبطاقات الذكية سيتم تنفيذه في ضوء متوسط استهلاك الفرد الطبيعي وما يزيد عن ذلك يدفع بسعر مختلف يجري الاتفاق عليه لاحقا ويرتبط بالتكلفة  وليس بالسعر العالمي  ونفي أي مشكلات في تطبيق منظومة الكروت للبنزين والسولار  أو تأجيلها. أضاف قدري أن علينا أن نبدأ باتخاذ خطوات ستبدو صعبة  ولكن علينا أن نتحملها كمواطنين  ومنها إصلاح منظومة الدعم  والنظام الضريبي. أن عجز الموازنة في مصر بلغ 246 مليار جنيه وتبلغ الميزانية العامة للدولة حوالي 650 مليار جنيه منها 171 ملياراً مخصصة للدعم بجميع أنواعه منقسمة إلي 120 ملياراً جنيه دعما للطاقة و51 مليارا دعما لـ33 سلعة تموينية بجانب 18 مليارا دعما للصحة والتعليم والرياضة والثقافة وهذا يعني أن أغلب الدعم موجه إلي الطاقة كما أن 80 % من هذا الدعم مقدم  للمصانع كثيفة الاستخدام للطاقة ومع الخصخصة فإن أغلب هذا الدعم يصل إلي رجال أعمال وهو ما يعني أن الدعم لايصل الي مستحقيه. أن الحكومة بدلا من أن توقف الدعم عن تلك المصانع لجأت إلي المواطن البسيط الذي تحاول أن تعطيه الدعم النقدي وتتركه وسط غلاء الأسعار فمثلا مصانع الأسمنت تبيع طن الأسمنت بـ700 جنيه في الوقت الذي تبلغ تكلفته 120 جنيها فقط وبالتالي هناك مكاسب كبيرة لا تستفيد منها الدولة، مشيرا الي أن الحكومة تخشي من رجال الأعمال بسبب سطوتهم الإعلامية ولكنهم ليس لهم أي تواجد بين الجماهير. أن الوقت الحالي ليس مناسبا للتحول من الدعم العيني إلي الدعم النقدي، فمثل هذه التغيرات من المفترض أن تحدث بعد أن تنتهي الدولة من استحقاقاتها الديمقراطية كاملة وخاصة اختيار رئيس مصر القادم. أن الجميع يغفل سلبيات الدعم النقدي التي يأتي علي رأسها ترك المواطن فريسة للأسعار العالمية بالأسواق المحلية خاصة أن أغلب السلع في مصر يتم استيرادها كذلك سيواجه بدون مساندة الدولة له الارتفاعات المتلاحقة للأسعار عاما بعد الآخر متسائلا: كيف ستتمكن الدولة من التفريق بين مستحقي الدعم وغير مستحقيه فقاعدة البيانات المطلوبة لا تفرق بين دعم عيني ونقدي وحتي الآن الدولة لم تنجح في هذا الأمر. أن رفع الدعم العيني يعني استبداله بدعم نقدي في صورة ارتفاع في الأجور الأمر الذي سيزيد من العجز بالموازنة العامة للدولة مقارنة بالدعم العيني وليس العكس كما يردد البعض لافتا إلي أنه ليس مع هذا التحول كما أن الوقت ليس مناسبا للحديث عنه من الأساس. وتعمل وزارة التضامن الاجتماعي حاليا علي إعادة تقييم برنامج معاش الضمان الاجتماعي، لتحديد مدي كفاءته وتحديد أبرز عيوبه حتي تستطيع تلافيها في سياسات المساندة الاجتماعية الجديدة التي تعتزم الحكومة تطبيقها خلال الفترة القادمة.
وستعتمد الحكومة في تشكيلها لقاعدة البيانات التي ستعتمد عليها في توزيع الدعم النقدي علي بيانات مليون ونصف المليون أسرة تستفيد حاليا من برنامج معاش الضمان الاجتماعي فضلا عن 2.5 مليون أسرة كانت الحكومة قد جمعت عنها معلومات خلال عامي 2009 و 2010 وعرّفتهم وقتها بأنهم الأسر الأولي بالرعاية الاجتماعية، وفقا للمصدر الذي أضاف أن الحكومة تعيد مراجعة تلك البيانات في الوقت الحالي.
وستعتمد القاعدة علي التوزيع الجغرافي لمعدلات الفقر كما أن بعض المناطق التي ستصل نسبة الفقر فيها إلي 80% قد تستهدفها الحكومة لتقديم الدعم النقدي لكل مواطنيها. كما ستقوم الوزارة  بعمل نماذج لأسئلة استبيان ستجيب عنها بعض الأسر ومن خلالها نستطيع تحديد مدي أحقيتهم للحصول علي الدعم النقدي من عدمه.
مع بداية هذه المرحلة، في عام 2004 قد تم سن قوانين جديدة بين عامي 2004 و2005 منها القوانين المتعلقة بالتوقيع الإلكتروني ذ وذلك بهدف تشجيع التجارة الإلكترونية ومشروعات الأعمال الإلكترونية في مصر، بالإضافة إلي تيسير تعامل المواطنين في قطاع الأعمال الإلكترونية بمصر والعالم - وكذلك القوانين المتعلقة بالاستثمارات الجديدة، والجمارك، ومكافحة الاحتكار والتنافس، وضريبة الشركات الموحدة، ومكافحة الإغراق، كما تم تعديل قوانين الاستيراد والتصدير. هذا وقد تم تسريع وتيرة الخصخصة لعدد من شركات القطاع العام ( خلال الفترة بين منتصف 2004 ومنتصف 2006  بهدف تحسين الكفاءة الاقتصادية لشركات قطاع الأعمال العام وزيادة استثماراتها وتعظيم مساهمتها في الاقتصاد القومي مع مراعاة الحفاظ علي حقوق العاملين بها. وخلال هذه المرحلة تم تنفيذ برنامج متكامل لإدارة الأصول يرتكز علي ثلاثة محاور رئيسية، وهي:
- الأول: تنفيذ برامج إعادة الهيكلة وصيانة المال العام للشركات والتوسع في إقامة استثمارات جديدة.
- الثاني: توسيع المشاركة في ملكية أصول وشركات قطاع الأعمال العام ومساهمات المال العام في الشركات المشتركة.
- الثالث: تطوير إدارة الشركات وفقاً لمبادئ الحوكمة.
هذا بالإضافة إلي زيادة الاتجاه نحو إعطاء القطاع الخاص دور أكبر في دفع عملية التنمية الاقتصادية عن طريق زيادة استثماراته في خطة الدولة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية؛ ففي عام 2006- 2007 بلغت جملة الاستثمارات المنفذة نحو 150 مليار جنيه مقابل 113 مليار جنيه استثمارات منفذة خلال عام 2005- 2006 ووصلت نسبة مساهمة القطاع الخاص في جملة الاستثمارات المنفذة إلي نحو 66% عام 2006- 2007 وهو ما يعكس التحسن المتواصل في مناخ الاستثمار وتشجيع الدولة لمشاركة القطاع الخاص في كافة الأنشطة الاقتصادية. وفي عام 2008- 2009 قامت الحكومة بالعديد من الإجراءات لمواجهة الآثار السلبية للأزمة المالية العالمية والخروج منها بأقل خسائر ممكنة خاصة في القطاعات المالية والقطاعات الاقتصادية الدافعة للنمو مثل السياحة والتشييد والبناء والصناعات التحويلية وقناة السويس، مما ساعد علي الحد من آثار الأزمة المالية فوصل معدل النمو الاقتصادي خلال عام 2008- 2009 نحو 4.7%.
وقد تمثل أهم هذه الإجراءات في الدعم الحكومي للقطاعات الاقتصادية بحوالي 15 مليار جنيه تم منحها للقطاعات بأثر رجعي منذ شهر ديسمبر 2008، إلي جانب اتخاذ الإجراءات لضبط الأسعار بالسوق الداخلي، خاصة للسلع الإستراتيجية، كما وضعت الحكومة خططاً إستراتيجية للترويج السياحي وتنشيط الاستثمار خاصة مع الدول الأجنبية والعربية.
أما في الفترة الحالية، فمن الطبيعي أن يمر الاقتصاد المصري بأزمة تحتاج إلي حسن إدارتها، والخروج منها في أسرع وقت ممكن، وفيما يلي وصف لحالة الاقتصاد المصري:
ثانيا: توصيف حالة الاقتصاد المصري:
يُعد التوصيف السليم لحالة الاقتصاد المصري خلال المرحلة الراهنة أمراً ضرورياً للخروج من الأزمة، والعمل علي النهوض بالاقتصاد، ووضع رؤية مستقبلية للنظام الاقتصادي المصري، فيُلاحظ أن الاقتصاد المصري يعاني حالياً من مشكلة الركود التضخمي، والذي تمثل فيما يلي:
1- انخفاض الطاقات الإنتاجية المستغلة.
2- ارتفاع معدل البطالة إلي أعلي من 12% بعد أن كان أقل 10%.
3ـ انخفاض معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي إلي ما يقدر بنحو 2%، في حين أن متوسطه طويل الأجل في الماضي كان 4% سنويا.
4- ارتفاع معدلات التضخم إلي 12%، مع توقع مزيد من التضخم بسبب انخفاض قيمة الجنيه المصري.


كاتب المقال
دكتور في الحقوق و خبيرفي القانون العام
ورئيس مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية والاقتصادية

 عضو  والخبير بالمعهد العربي الاوروبي للدراسات الاستراتيجية والسياسية بجامعة الدول العربية

0 تعليقات:

إرسال تعليق