كتبت فكرة هذا المقال منذ أكثر من عام لمجله الكترونيه ليكون بمثابة اول تعاون ادبي فكري معها، إلا انه لم يرى النور او يحظى بالنشر بسبب الاعتراض الغير مباشر على محتوى هذا المقال الذي قام مدقق التحرير بوصفه "مقالا قد لا يتماشى مع تقاليد المجتمع المصري المحافظ" و قررت ان احتفظ به لحين تسنح الظروف لنشره تتبعا لخطى الكاتب الكبير فهمي هويدي و كتابه "المقالات المحظوره" و الذي قام فيه بجمع مقالاته التي تم تدقيقها و التغيير فيها و نشرها بعد اكثر من خمسة عشر عاما من كتابتها. و قد اقتُرح علي تغيير الموضوع حتى لا أخسر القراء منذ المقال الأول "على حد قول مدقق التحرير"، فقررت ان اعتذر منه و اختار الانسحاب من هذا التعاون الذي لم يكد يثمر عن مقالا يتيما أقول فيه ما أراه يفيد المجتمع ككل و الجيل الجديد بالأخص، و ذلك لأني رأيتها التضحيه التي سأشارك بها في ثورة الوطن من مطالبات صادقه متواصله للحريه حتى انها كلفت حياة الكثيرين من شباب الوطن الغالي الذي خرج يطالب بمصر الأفضل، و التي سيصل اليها بإذن الله. اما عن سبب اختياري هذا التوقيت لنشر المقال المحظور، فهو بسبب ما نحن بصدده من تباين في الآراء و المواقف و التعليقات على فيلما يُعرض حاليا ببعض دور العرض المصريه "حلاوة روح" و ينتجه السُبكي كأحدث انتاج من أفلامه التي وصفها الكثيرين بالمفسده للذوق العام و المدسوسه كمؤامره للنيل من التقاليد و العادات المحافظه للمجتمع المصري. ويستعرض مقالي نقاطا جمعتها من عدة كتب في التربيه الحديثه و دونتها بترتيب المراحل العمريه و التي تهدف لتنشئة أطفالا أصحاء نفسيا و قادرين على حماية أنفسهم و التصدي فكريا للتحرش، الاغتصاب، و كل ما شابه من الظواهر الاخلاقيه التي طفت على سطح المجتمع في غضون السنوات الأخيره و تسببت في العبث بأمان الصغار و قلق الآباء و الأمهات، و جدير بالذكر ان الأخيره تُغير و بشكل شبه جزري في حياة أطفالنا من الناحيه الصحيه و النفسيه و بالتالي فهي تؤثر على المجتمع اجمع. و إليكم المقال المحظور: يحتاج الأطفال للتغذيه الصحيه و هي التغذيه من مجموعات الأطعمه المختلفه لنمو متكامل و مناعه قويه. فمثلا ان لم يتناول الطفل الأطعمه الغنيه بالحديد فسيعاني من نقص في نسبة الحديد. و بنفس المنطق فالطفل الذي لا يلقنه أبويه (او المسئول عن تربيته) المعلومات اللازمه لحماية جسده بما يتناسب مع عمره فهو على الأرجح سيقوم بإتخاذ قرار غير سليم قد يؤثر على ثقته بنفسه لفترات طويله من عمره او مدى الحياه، بل و قد يورثها لأطفاله دون ان يشعر. تماماً كما تعرف الدول حدودها الجغرافيه بالخرائط ، و تعتبر تخطيها مخالف للقانون و قد يترتب عليها حروبا و معارك تودي بحياة الأفراد من الطرفين في سبيل الدفاع عن بلادهم و سيادة دولتهم و حماية أراضيها. و تماماً و على نفس الغرار، يعلمنا طب النفس ان حدود الانسان الجسديه هي جلده و ان تعدي هذه الحدود يستدعي الاستئذان من الطفل حتى لا يعتقد الصغير انه من المقبول ان يتعدى اي شخص على حدوده، فمثلا يجدر بأن يتعمد أطباء الأطفال الاستئذان من الأطفال قبل رفع ملابسهم عند الكشف عليهم، و ان يتم الكشف الطبي في وجود المربي. جدير بالتأمل ان تخطي حدود الطفل الجسديه يمكن أيضاً ان يحدث عن بعد و ذلك بإختراق عقله او مسامعه بصور او كلمات لا تتفق مع النمو العقلي في سنه، كأن يتعرض الطفل لمشاهدة مشهد حميمي من فيلم، او يسمع أفراد أسرته يناقشون خبر اغتصاب طفل في الجريده. ماذا لو سمع الطفل ذلك؟ سيبني الطفل اعتقادا بأن ذلك امر طبيعي و في حالة تعرض احد لجسد الطفل، فهو قد يلتزم الصمت و في الأغلب لن يخبر الأبوين و يعيش منكسرا نفسيا مما سيؤثر بالسلب على احترامه لجسده و نفسه و قيمته كإنسان. ففي الثانيه من العمر ينصح أطباء علم النفس ببداية التحدث للطفل عن انه مسئول عن جسده و عن ان ليس لأحد ان يرى او يلمس المناطق الحساسه من جسده، فهو له ان يرفض ذلك و لا يسمح به حتى و انا كان من شخص يكبره او من الطبيب في حالة عدم وجود احد والديه، و ان عليه بإخطار والديه فور تعرضه لأي من هذه المواقف. اما في السادسه من العمر فينصح بالتحدث للطفل عن انه اصبح مسئولا عن التأكد من عدم تغيير ملابسه امام الآخرين، و إغلاق باب الحمام عند قضاء الحاجه (و في سن السادسه يتقبل الأطفال وجودهم في مكان مغلق دون الآباء بدون خوف). و على أبواب المراهقه ينصح بالتحدث بشكل اكثر شمولا عن العنايه بالجسد و النظافه الشخصيه و مسئولية تفهم ان الانسان الصحي يرتقي عن الثدييات الاخرى بأنه يحتاج الى الارتباط الفكري و العاطفي قبل الارتباط الجسدي. و يتطلب الارتباط العاطفي النمو الكامل للمخ و الذي يتم في سن الثامنه عشر و يتوج بالتحكم الكامل في الفص الأمامي من المخ في سن الواحده و العشرون. و يتسنى لنا هنا اضافة الرؤيه من الناحيه الدينيه و الاخلاقيه و القانونيه. فيمكن ان نستعرض بعض القوانين المنظمه أيضاً، مثل: تطبق معظم دول العالم قانون اعتبار أية ممارسه مع طفل دون سن الثامنه عشر انه اغتصاب اي مخالف للقانون و تتراوح عقوبته بين السجن مع الإلزام بالعلاج النفسي و مراقبة المتهم مدى الحياه و قد تصل إلى الإعدام في بعض الدول. أيضاً، هناك بعض الكتب التي تناقش مسئولية الشخص عن جسده و التي يمكن ان نجدها في المكتبه او دور العباده، حتى يتسنى للطفل ان يسمع و أيضاً يقرأ المعلومات لضمان ترسيخها. أتمنى ان تكون رسالة المقال قد وصلت لكل أب و ام و مربي و مربيه فاضلين للمساعده في توصيل معلومات لأطفالنا يمكننا ان نجعل من توصيلها نوع من الحمايه لجيل جديد يتسلح بمعلومات و يمتلك أدوات معلوماتيه و فكريه تساعده على الاحتفاظ بسيادته على جسده و بالتالي على عقله و على صحه نفسيه لجيل اكثر أماناً و اقل تعرضا للخطر، حفظكم الله.
د. علياء هادي.
0 تعليقات:
إرسال تعليق