Ads

حـســــن زايــــــد .. يكتب : هــويـدي والتبـشــير بالـحــرب الأهـلـيــة

الكاتب الصحفي فهمي هويدي قد أطل علينا بمقاله المعنون بـ : " السياسة مؤجلة لما بعد الرئاسة " في جريدة الديار اللندنية في العدد المؤرخ في 15 / 4 / 2014 م . ورغم أن الرجل قد فقد الكثير من مصداقيته لدي القاريء المصري بعدما تبين له أن حياديته كانت مصطنعة ، وأنه ينطلق من انحيازه البين لتوجه فكري يُعد حمل السلاح أحد خياراته لحسم المعارك الفكرية والسياسية  ، إلا أنني انزعجت من المقال لسببين : أولهما ـ أنه يضع ظهر مصر للحائط ويبشرها بحرب أهلية قادمة . ثانيهما ـ التبرير لأعمال الإرهاب بسوق مغالطات تاريخية . ويستهل مقاله بتساؤل قد يبدو بريئاً رغم ما ينطوي عليه من خبث ولؤم ، يقول هويدي :  " لماذا لا نأخذ بيان الإخوان بخصوص العنف على محمل الجد، ليس فقط لكي نختبر صدقيته، ولكن أيضا لكي نبحث عن مخرج للأزمة السياسية في مصر؟ " . وخبث السؤال ولؤمه يرجع إلي التفافه علي الأوضاع المستجدة ، ومحاولة إدخال الإخوان في السياق السياسي بعد لفظهم منه ، ثم يقدم الجزرة المتمثلة في إخراج مصر من أزمتها السياسية في زعمه  ، بعد اختبار صدقية الجماعة فيما طرحته . وقد تغافل السيد هويدي ، وهو الصحفي الكبير المتابع لكل شاردة وواردة ، أن المخاطب بمقاله ، وهو النظام القائم ، يعد من وجهة نظره ، ووجهة نظر جماعته ، أنه نظام انقلابي فاقد للشرعية . كما أنه تغافل عن لعبة توزيع الأدوار التي تجيدها جماعته ، فمنذ ثورة 30 يونيه وهم يلعبون لعبة القط والفأر. فهناك من يتقدم بمبادرة ، وهناك من ينكرها وينفي علاقة الجماعة بها . وبالتالي فلا معني لمسألة اختبار المصداقية ، فقد تكشفت وتعرت وبانت سوءتها للخاصة والعامة . من أجل ذلك لا محل لأخذ كلام أحدهم مأخذ الجد . أما عن الزعم بوجود أزمة سياسية في مصر فيقول هويدي : " لا يقولن أحد إنه لا توجد أزمة، أو أن ملف الإخوان أغلق " بالطبع لن يقول أحد بذلك  ، ولكن هذا الملف لم يأخذ البعد الذي يحاول أن يذهب بنا إليه ، أو إيهامنا بوجوده ، فلم يصل المجتمع المصري إلي حالة الإنقسام الحادة التي يزعم أنها غير مسبوقة في تاريخه المعاصر . إذ ليس هناك انقسام أصلاً . وإنما فقط جماعة خرجت علي المجتمع والدولة شاهرة في وجهيهما السلاح . وبالتالي فهي في مواجهة مع المجتمع والدولة . ثم يفجر السيد هويدي في وجوهنا ببشراه عن الحرب الأهلية المحتملة في مصر قائلاً : " الأمر الذي أزعم أنه بات يهدد استمرار التعايش أو يخدم السلم الأهلي. أذكِّر أيضا بأن مخططات الإرهاب لم تتوقف " . وهذا يعني أنه يهدد المجتمع والدولة المصرية ، بأنه في حالة عدم الإنصياع والرضوخ والإستسلام للإرادة الإخوانية ، فإن مخططات الإرهاب لن تتوقف . حيث يتحدث عن أنصار بيت المقدس وأجناد مصر ، وما إذا كان هناك منظمات أخري أم لا ، ملوحاً بخطواتهم القادمة . ثم يعرج علي مظاهرات الإخوان في الجامعة واستمرارها . ثم يزايد علي الواقع ـ شأن الإخوان ـ بأعداد المعتقلين وأعداد المصابين وأعداد القتلي . ثم يأتي السيد هويدي بعد ذلك بكلام يتصور معه أنه سيحملني علي تصديقه في الدفاع عن سلمية الجماعة ، وعدم التجائها في تاريخها إلي سبيل العنف أو الإرهاب ، متجاهلاً أنه يتناقض مع نفسه ، ويتناقض مع التاريخ الخاص للجماعة الذي يقطر دماً وإرهاباً منذ مؤسسها الأول حسن البنا ، وحتي الآن . والمرجع في ذلك كتبهم الصادرة عنهم . ولا يشغلني قوله بتبرؤ الجماعة مما ترتكبه الجماعات الأخري ، أو يرتكبه عضو من أعضائها ، فقد سبقهم إلي ذلك معلمهم الأول حين ذهب في تبرؤه من جريمة قتل إلي حد وصف من كُلفوا بتنفيذها بأنهم " ليسوا إخواناً ، وليسوا مسلمين " . وكله في حبك يهون ، علي نحو ما فعله هويدي في مقاله حين سطر كلمات صلاح جاهين التي تغنت بها الممثلة العبقرية سعاد حسني عن الربيع . كما أنه لا يشغلني الشهادات التي ساقها لمبارك أو لأحد وزراء داخليته عن براءة الجماعة من أعمال العنف في الثمانينات والتسعينيات من القرن الماضي ، فقد قيلت في سياق سياسي معين ، كانت الدولة فيه في مواجهة مسلحة مع الجماعات المتطرفة ، وكان يهمها تحييد هذا الفصيل ولو ظاهرياً ، حتي لا تنفجر الأوضاع كلها في وجه النظام . ثم يزعم السيد هويدي أن : " مستقبل الوطن ومصير الثورة أهم عندي من مصير الجماعة " . وهو زعم لا يسنده واقع حين يصطدم بالتساؤل عن أي ثورة يقصد ، وأي وطن ؟ . هل وطن الأرض والجغرافيا والطين أم وطن العقيدة ؟ . وفي تدليله علي استحالة القضاء علي الجماعة ساق مثل فج يكشف عما بداخله ، فقد شبه مسعي الدولة للقضاء علي الإخوان بما فعله النازي في اليهود ، وما فعله حافظ الأسد في مطلع ثمانينات القرن الماضي مع الإخوان . علي اعتبار أنه قد يتم القضاء علي الجماعة كأفراد إلا أنه يستحيل القضاء علي الفكرة . ونقول له خانتك المقارنة لأن فعل النازي والأسد فعل أنظمة ، وأبقت المجتمعات علي الفكرة واحتصنتها وحافظت عليها ، أما الموقف في مصر فقد تحول من صراع أنظمة مع جماعة إلي صراع مجتمع مع الفكرة والجماعة . بعد أن تبين للمجتمع فساد الفكرة وضلالها ، وانحراف الجماعة وإرهابيتها ، والأفكار الفاسدة تعيش في الأقبية والظلام ، فإذا أخرجت إلي الشمس ماتت تحت لسع وهج الحقيقة . ومصر يا سيد فهمي مجتمع أعمق من أن يحترب أهلياً . خبتم وخاب مسعاكم .

0 تعليقات:

إرسال تعليق