Ads

حكم التحكيم ووجوب نفاذه

,وليد دياب
مستشار بالتحكيم الدولى والمنظمة الدولية للتمية وحقوق الانسان
التحكيم هو نظام للفصل في المنازعات بين الاشخاص سواء كانوا من اشخاص القانون العام او من اشخاص القانون الخاص وبشرط أن يتفق طرفي النزاع علي اللجوء اليه للفصل في منازعاتهم كما يشترط ايضاً ان يكون النزاع المعروض علي التحكيم ذو طبيعه مدنيه او تجاريه او متعلق بعقد اداري ويتم الفصل في النزاع المعروض علي التحكيم بحكم يصدر من هيئة التحكيم منهياً للخصومه وهذا الحكم غير قابل للطعن عليه بالوسائل العاديه او غير العاديه للطعن علي الاحكام ويجوز فقط أقامة دعوي بطلان لهذا الحكم امام محكمة الاستئناف العالي او محكمة الدرجة الثانيه حسب طبيعة ونوعية النزاع.
وتحوز احكام التحكيم قوة الامر المقضي بها ولها ذات الحجيه المقرره للأحكام النهائيه الصادره من القضاء الوطني بما يسمح تنفيذها وفقاً للقواعد القانونيه وبالقوه الجبريه أذ لزم الامرونتناول الان احوال تنفيذ الاحكام في مصر سواء صدر حكم التحكيم في داخل جمهورية مصر العربيه او صدر خارجها وذلك كله وفقاً لقواعد واحكام القوانين والاتفاقيات الدولية المنظمة لذلك.

اولا تنفيذ حكم التحكيم الوطني أو الصادر من جمهورية مصر العربية
أخذ المشرع المصري بنظام التحكيم ونظم قواعده واجراءاته بصفة اساسية في القانون رقم 27 لسنة 1994 بشأن التحكيم في المواد المدنيه والتجاريه وقدد حدد القانون المشار اليه في الماده (1) منه بأنه يسري علي كل تحكيم بين أطراف من اشخاص القانونن العام او القانون الخاص أياً كانت طبيعة العلاقة القانونية التي يدور حولها النزاع اذا كان هذا التحكيم يجرى فى مصر او كان يجرى في الخارج واتفق اطرافه علي اخضاعه لاحكام هذا القانون .
وترتيباً علي ما تقدم فالتحكيم الذي يجري في مصر تنطبق عليه - بحسب الاصل - قواعد واجراءات التنفيذ الوارده في القانون رقم 27 لسنة 1994 بشأن التحكيم في المواد المدنية والتجارية بما في ذلك حالة اذا اتفق طرفي النزاع علي تطبيق قواعد تنفيذ اخري .
وترتيباً علي ما تقدم فأنه وفيما يتعلق بتنفيذ الاحكام الصادره من هيئات التحكيم الذي جري في مصر فأن هذا التحكيم يتم طبقاً للقواعد المنصوص عليها في القانون 27 لسنة 1994 .
وفي حالة ما اذا كان حكم التحكيم الذي جري في مصر قد اتففق طرفاه علي تطبيق قواعد تنفيذ قانون اخر غير القانون رقم 27 لسنة 1994 فأنه وباعتباره أنه تحكيم قد جري في داخل مصر وأن الحكم الصادر فيه سوف يتم تنفيذه في مصر فلابد وأن يكون قابل للتنفيذ طبقاً للقواعد المقررة فى قانون 27 لسنة 1994 أذ ان تنفيذ الاحكام وبصفه عامة امر متعلق بدولة التنفيذ وهي مصر في هذه الحاله كما وان التحكيم قد جري داخل مصر الامر الذي يلزم معه والحا كذلك تطبيق قواعد التنفيذ المنصوص عليها في القانون رقم 27 لسنة 1994 والالتفاف عما اتفق عليه الطرفان من تطبيق قانون اخر وذلك تأسيساً علي أن التنفيذ الذي يجري في مصر لحكم تحكيم صدر في مصر وهو امر متعلق بالنظام العام القانوني المصري الذي لا يجوز الاتفاق علي مخالفته كما انه ومن ناحيه اخري متعلق بجهات التنفيذ في مصر ايضا التي تدخل طرفاً في اجراءات التنفيذ وما يمكن ان يترتب علي هذا التدخل من منازعهات في التنفيذ وبالتالي فأن ارادة طرفي التحكيم ليس لها اعتبار في هذه الحاله ويتم تطبيق القواعد القانونيه للتنفيذ المنصوص عليها في القانون المصري وهو في هذه الحاله القانون رقم 27 لسنة 1994 في شأن التحكيم في المواد المدنيه والتجاريه
ولا يعد ذلك اهدارا لأراده طرفي التحكيم ولكنه تغليبا لمصلحه التنفيذ نفسه فمما لا شك فيه أن من مصلحه التنفيذ أن يتم وفقاً لقواعد الدولة التي يتم فيها هذا التنفيذ وهو امر كما ذكرنا متعلق بالنظام العام فحتي يمكن تنفيذ الحكم وتجاوز اية مشكلات او منازعات تثور بشأنه فلابد من الخضوع لقواعد التنفيذ المقرره في القانون المصري للتحكيم
وخلاصة القول ان التحكيم الذي يجري في مصر وصدرت احكامه لتنفذ في مصر سيتم هذا التنفيذ دائماً طبقا لاحكام قانون التحكيم في المواد المدنيه والتجاريه رقم 27 لسنة 1994
وترتيباً علي ما تقدم نعرض الاتي :
قواعد تنفيذ حكم التحكيم طبقاً للقانون رقم 27 لسنة 1994
نظم المشرع في الباب السابع من القانون رقم 7 لسنة 1994 قواعد واجراءات تنفيذ احكام المحكمين فنص في الماده 55 علي أنه تحوز احكام المحكمين الصادره طبقاً لهذا القانون حجية الامر المقضي وتكون واجبه النفاذ بمراعاه الاحكام المنصوص عليها في هذا القانون"
والبين من هذا النص ان المشرع اضفي حجية الامر المقضي علي الاحكام التي يصدرها المحكمين وبهذا يكون لهذه الاحكام ذات الحجيه الموجوده للاحكام القضائيه كما أنها تتمتع بامكانيه تنفيذها بالقوة الجبريه .
من جانب اخر فقد اكد المشرع في هذا النص علي وجوب تنفيذ احكام المحكمين المشار اليها طبقاً للقواعد المنصوص عليها في هذا القانون رقم 27 لسنة 1994
وبناءاً علي ما تقدم فقد حدد المشرع في المواد 55 حتي 58 من الباب السابع للقانون المشار اليه اجراءات وقواعد تنفيذ احكام المحكمين والتي سوف نعرض لها تفصيلا الا انه وقبل ذلك فأنه يجدر التنويه بأن طريقه تنفيذ احكام المحكمين تختلف عن ما تجري عليه طريقه تنفيذ الاحكام القضائيه ,فتنفيذ الاحكام القضائيه يجري بواسطة المحضرين وهم ملزمون لأجرائه بناءاً علي طلب ذي الشأن متي سلمهم السند التنفيذي ,والسند التنفيذي هنا هو الحكم او الامر او المحرر الموثق او محضر الصلح المصدق عليها من المحاكم .
فمن صدر حكماً قضائياً نهائياً لصالحه واراد تنفيذه فعليه التوجه الي قلم المحضرين الكائن بدائره المحكمه المراد التنفيذ فيها وتسليم المحضر المختص بالتنفيذ فيقوم هذا المحضر وبناءاً علي ذلك بالانتقال لمكان التنفيذ لتنفيذ الحكم فأذا امتنع المنفذ ضده عن تنفيذة تثور عندئذ عقبة في التنفيذ يتم عرضها علي قاضي التنفيذ للفصل فيها .
وبالتالي يتضح ان قاضي التنفيذ لا تعرض عليه اوراق التنفيذ الا اذا اثار نزاع بشأن التنفيذ , فأذا لم يحدث هذا النزاع فلا دور لقاضي التنفيذ في عمليه التنفيذ الاحكام القضائيه .
ويختلف الامر بالنسبه لاحكام المحكمين التي استلزم المشرع بداءه عرضها علي قاضي التنفيذ المختص بنظرها لأصدار امراً لتنفيذها وذلك حتي يتمكن ذوي الشأن من هذا التنفيذ ،فأذا ما صدر هذا الامر يتوجه من صدر لصالحه بعد ذلك لقلم المحضرين لتنفيذه.
وهو ما يتضح من نص الماده 56 من قانون 27 لسنة 1994 الذي ينص علي أنه " يختص رئيس المحكمه المشار اليها في الماده 9 من هذا القانون او من ينتجه من قضاتها بأصدار الامر بتنفيذ حكم المحكمين "
ولا يمكن التنفيذ بواسطة المحضرين مباشره بدون هذا الامر وبعد صدور هذا الامر يتم التنفيذ بمعرفة المحضرين .
وقد تطلب المشرع لأمكان صدور الامر بالتنفيذ اتخاذ بعض الاجراءات من قبل طالب التنفيذ كما تطلب ايضاُ توافر بعض الشروط والقواعد بعد ذلك , ونعرض لذلك كله علي النحو الاتي :
اولاً الاجراءات الواجب اتخاذها لأمكانيه صدور امر التنفيذ
الزام المشرع طالب التنفيذ بأن يتقدم بطلب لتنفيذ حكم التحكيم لرئيس المحكمه المشار اليها في الماده (9) من هذا القانون ,اي رئيس المحكمه المختصه اصلا بنظر النزاع اذا كان التحكيم ليس تحكيماً تجاريا دولياً , أما إذا كان التحكيم تجاريا دولياً فيكون رئيس المحكمه المختص بتلقي طلب التنفيذ هو رئيس محكمة استئناف القاهره او اي محكمه استئناف اخري يتفق الطرفان عليها وجدير بالذكر ان طلب التنفيذ يقدم بطلب علي عريضه وليس بعريضه دعوي لأن الذي يصدر بناء علي ذلك هو امر علي عريضه وليس حكماً بموجب دعوي.
وتبدأ اجراءات التنفيذ بتقدم طالب التنفيذ( ويجوز ان يكون المحتكم او المحتكم ضده ) بطلب علي عريضه لرئيس المحكمه المختص وفقاً لما سبق يطلب فيه منه اصدار اصدار امر بتنفيذ حكم التحكيم , علي ان يكون هذا الطلب مرفقاً به ما يأتي من مستندات:
(1) اصل حكم التحكيم او صورة موقعه منه .
(2) صورة من اتفاق التحكيم .
(3) ترجمة للغه العربيه للحكم اذا كان صادراً بلغه اجنبيه.
(4) صورة من المحضر الدال علي ايداع حكم التحكيم قلم كتاب المحكمه .

ثانياً : المحكمه المختصه باصدار امر التنفيذ :
رئيس المحكمه المختصه اصلا بنظر النزاع او من يندبه من قضائها اذا كان التحكيم ليس تحكيماً تجارياً دولياً .
اذا كان التحكيم تجارياً دولياً فيكون الاختصاص لرئيس محكمة استئناف القاهره أو من يندبه من قضائها ما لم يكن اتفاق بين الطرفين علي محكمة استئناف اخري.
ثالثا : القواعد الواجب تطبيقها من قبل رئيس المحكمه المختصه بالتنفيذ
وضع المشرع قيداً علي رئيس المحكمه المختصه بالتنفيذ عند نظره طلب التنفيذ وهو :عدم اصدار امره بالننفيذ الا بعد فوات المده المحدده لرفع دعوي بطلان حكم التحكيم (الماده58 من القانون رقم 27 لسنة 1994) وهي تسعون يوماً من تاريخ اعلان حكم التحكيم للمحكوم عليه.
وبصرف النظر عما اذا كانت الدعوي قد رفعت بالفعل من عدمه فلابد من مروره مدة التسعون يوماً حتي يمكن لرئيس المحكمه اصدار امره بالتنفيذ.
والحكمه من ذلك عدم التسرع في اصدار الامر بالتنفيذ واعطاء المده الكافيه للفصل في دعوي البطلان في حاله رفعها وذلك كله قبل اصدار امر التنفيذ.
اجاز المشرع لرافع دعوي بطلان حكم التحكيم ان يضمن دعواه طلبا بوقف تنفيذ حكم التحكيم ولرئيس المحكمه التي تنظر دعوي البطلان في هذه الحاله أن يأمر بوقف تنفيذ الحكم اذا كان الطلب مبنياً علي اسباب جديه تقدرها المحكمه (ماده 75)
وفي هذه الحاله اوجب المشرع علي رئيس امحكمه المشار اليه الفصل في طلب وقف التنفيذ خلال ستين يوماً من تاريخ اول جلسه محدده لنظره (ماده 57) والسبب في ذلك هوا أراده المشرع في سرعة البت في طلب وقف التنفيذ المقدم ضمن طلبات دعوي البطلان وبحيث لا يرتبط بالظروف الاخري التي من الممكن ان تسيرعليها دعوي البطلان والتي قد تؤدي الي طول مدة الفصل فيها .
اجاز المشرع لرئيس المحكمه التي تنظر طلب وقف التنفيذ مع دعوي البطلان انه في حالة صدور امره بوقف التنفيذ ان يأمر بتقديم كفاله او ضمان مالي عن هذا الوقف للتنفيذ .
الزم امشرع رئيس امحكمه المشار اليها في حاله اصداره امروقف التنفيذ أن يقصل في دعوي البطلان خلال ستة اشهر من تاريخ صدور امر وقف التنفيذ .
رابعاً : الشروط الواجب توافرها لأصدار الامر بالتنفيذ :
(1) الا يتعارض حكم التحكيم المطلوب تنفيذه مع حكم سبق صدوره من المحاكم المصريه في موضوع النزاع وبين ذات الخصوم (لتناقص ذلك مع الحجيه)
(2) أنه لا يتضمن ما يخالف النظام العام في جمهوية مصر العربيه , كما اذا كان محله مسألة لا يجوز فيها التحكيم
(3) انه قد تم اعلان الحكم اعلاناً صحيحا للمحكوم عليه
بعض الامثله لاسباب عدم اصدار امر بالتنفيذ
عدم اكتمال البيانات التي تطلبها القانون لحكم التحكيم .
عدم صدوره من اغلبيه المحكمين او عدم توقيعهم .
عدم اثبات اسباب عدم توقيع الاقليه .
عدم استناد الحكم لاتفاق التحكيم .
سقوط التحكيم لانتهاء ميعاده
مخالفة قواعد النظام العام
خامساً : احوال التظام من الامر والمحكمه المختصه به :
يجوز التظلم من الامر الصادر برفض التنفيذ ويقدم التظلم الي المحكمه المختصه اصلاً بنظر النزاع في التحكيم التجاري الغير دولي والي محكمه استئناف القاهره او محكمى استئناف اخري يتفق عليها الطرفان المتنازعان اذا كان التحكيم تجاريا دولياً .
ويجوز التظام من الامر الصادر بتنفيذ الحكم وفقاً لحكم المحكمه الدستورية القائم علي المساواه بين الاطراف الموجودين في ذات المركز القانوني .
وكان المشرع – وقبل صدور حكم المحكمه الدستوريه العليا- قد نص علي عدم جواز التظلم من الامر الصادر بتنفيذ الحكم .
يكون التظلم من الامر الصادر برفض التنفيذ بالاجراءات المعتاده لرفع الدعوي وخلال ثلاثين يوماً من تاريخ صدوره.
يجوز الطعن في الحكم الصادر في التظلم اذا كان هذا الحكم صادراً من محكمة اول درجه ويكون الطعن امام المحكمه الابتدائيه لهيئه استئنافيه وامام محكمة الاستئناف اذا كان الحكم قد صدر من المحكمه الابتدائيه .
اما اذا كانت المحكمه المختصه بنظر التظلم هي محكمة الاستئناف فأن الحكم الصادر في التظلم لا يجوزاستئنافه ويحوز حجية الامر المقضي به .
يجوز تقديم اشكال وقتي في تنفيذ حكم التحكيم وذلك لعدم وجود نص صريح في قانون التحكيم يمنع من تقديم الاشكال فيرجع عندئذ للقواعد العامه في قانون المرافعات والتي تبيح الاشكالات في التنفيذ وفقاً لقواعد وضوابط محدده.

ثانياً : تنفيذ حكم التحكيم الاجنبي
نظم المشرع في قانون المرافعات المدنيه والتجاريه قواعد واجراءات تنفيذ احكام التحكيم الصادره خارج مصر ولم يتفق اطراف النزاع فيها علي تطبيق قانون التحكيم رقم 27 لسنة 1994 وذلك في الفصل الرابع من الكتاب الثاني والمعنون" تنفيذ الاحكام والاوامر والسندات الرسميه الاجنبيه" ويمكن تلخيص هذه القواعد فيما يلي "
يجوز تنفيذ حكم التحكيم الاجنبي في مصر وذلك بنفس الشروط المقرره في قانون ذات البلد التي صدر فيها والتي تطبقها هذه الدوله عندما يطلب منها تنفيذ احكام التحكيم الصادره في مصر فيها .
فاذا كان تنفيذ حكم التحكيم المصري يستلزم قانون البلد الاجنبي لتنفيذه مراجعته شكلاً وموضوعاً ,عومل حكم التحكيم الاجنبي في مصر عند تنفيذه نفس المعامله.
اجراءات تنفيذ حكم التحكيم الاجنبي
يقدم طلب الي المحكمه الابتدائيه التي يراد التنفيذ بدائرتها طيقاً للاوضاع المعتاده لرفع الدعوي (ماده 297)
تصدر المحكمه الابتدائيه امرها بالتنفيذ بعد التحقق من توافر الشروط الاتيه في حكم التحكيم الاجنبي :
(1) ان المحاكم المصريه غير مختصه بالمنازعه التي صدر فيها الحكم .
(2) ان يكون الحكم قد صدر من المحكمه الاجنبيه طبقأ لقواعد الاختصاص القضائي الدولي المقرره في قانون دولة تلك المحكمه .
(3) التأكد من احترام مبدأ المواجهه بين الخصوم ومن حضورهم ومن توافر حق الدفاع لديهم في الدعوي التي صدر فيها الحكم الاجنبي .
(4) ان يكون الحكم الاجنبي قد حاز قوة الامر المقضي به طبقا لقانون المحكمه التي اصدرته (اي لا يكون مازال قابلاً للطعن عليه )
(5) الا يتعارض الحكم الاجنبي مع حكم سبق صدوره من المحاكم المصريه .
(6) الا يتعارض حكم التحكيم الاجنبي مع النظام العام او الاداب العامه في مصر (كصدور حكم يساوي بين الرجل والمرأه في الميراث او يجيز الزواج بين المحارم لتعارض ذلك مع احكام الشريعه الاسلاميه)

ثالثاً : تنفيذ احكام المحكمين الاجنبيه وفقاً لاتفاقيه نيويورك بشأن الاعتراف وتنفيذ احكام المحكمين الاجنبيه الموقعه في 10-6-1958 ودخلت حيز النفاذ في 8-6-1958 بالنسبة لجمهورية مصر العربيه :
بعد أن وقعت مصر علي هذه الاتفاقيه وانضمت اليها واصبحت ساريه فيها ابتداءاً من 8 يونيو 1959 فأنه يجوز تطبيق احكامها علي اعتبار انها ضمن القوانين الداخليه فيها .
وقد نصت الماده الثالثه من الاتفاقيه علي أنه :
تعترف كل من الدول المتعاقده بحجيه حكم التحكيم الاجنبي وتامر بتنفيذه طبقاً لقواعد المرافعات المتبعه في اقليم الدوله المطلوب اليها التنفيذ وطبقاً للشروط المنصوص عليها في المواد التاليه , ولا تفرض للاعتراف أو تنفيذ أحكام المحكمين التي تنطبق عليها احكام الاتفاقيه الحاليه شروط أكثر شدة ولا رسوم قضائيه أكثر ارتفاعاً , من تلك التي تفرض للاعتراف وتنفيذ احكام المحكمين الوطنيين "
البين من نص الماده الثالثه سالف الذكر أن حكم التحكيم الاجنبي له حجيه الامر المقضي فيه وجائز تنفيذه طبقاً لقواعد المرافعات في الدوله المطلوب اليها التنفيذ وأنه لا يجب فرض شروط اكثر شده ولا رسوم قضائيه أكثر ارتفاعاً من تلك المفروضه علي احكام المحكمين الوطنيه عند تنفيذ حكم التحكيم الاجنبي ومؤدي ذلك أنه كانت قواعد تنفيذ احكام التحكيم الاجنبي في مصر والمذكورة في قانون المرافعات المدنيه والتجاريه من الماده 296 حتي 301 هي قواعد أكثر شده او أكثر ارتفاعاً في رسومها القضائيه من قواعد تنفيذ حكم المحكم الوطني والمذكورة في القانون رقم 27 لسنة 1994 فأن القواعد الاخيره هي التي تكون واجبة التطبيق لذلك يجب عمل مقارنة بين قواعد تنفيذ حكم التحكيم الوارده في كلا القانونين : قانون المرافعات المدنيه والتجاريه وقانون التحكيم في المواد المدنيه والتجاريه وبناءاً علي ذلك يلزم تطبيق الاقل شده عند تنفيذ حكم التحكيم الاجنبي في مصر.

وهذه المقارنه تؤدي الي النتائج الاتيه :
1 أن المختص بأصدار أمر التنفيذ حكم التحكيم الاجنبي في مصر فيما لو طبق قانون التحكيم سيكون بدرجه رئيس محكمه بمحكمه الاستئناف وذلك علي أعتبار أن حكم التحكيم الاجنبي المراد تنفيذه هو حكم صادر في تحكيم يتصف غالباً بأنه تحكيم تجاري دولي , بينما المختص بذلك وفقاً لقانون المرافعات المدنيه والتجاريه هو بدرجه قاض مختص بالتنفيذ . الامر الذي يتضح منه أن الخبره القضائيه ستكون متوافره أكثر في حالة تطبيق قانون التحكيم رقم 27لسنه 1994 ولا شك أن للخبره القضائيه اثر ملموس في التقليل من شدة اجراءات تنفيذ الحكم .
2 انه يلزم فوات مدة تسعون يوماً من تاريخ صدور حكم التحكيم لاصدار الامر بتنفيذ هذا الحكم وفقاً لقانون التحكيم رقم 27 لسنة 1994 بينما لا يشترط المشرع اية مدد كي يصدر قاضي التنفيذ امر التنفيذ وفقاً لقانون المرافعات المدنيه والتجاريه .
وهذا يبدو من اول وهله في صالح تطبيق قواعد التنفيذ في قانون المرافعات , الا أنه وكما سيتضح فيما يأتي أن طلب تنفيذ حكم التحكيم الاجنبي وفقاً لقانون المرافعات يكون برفع دعوي وهذا معناه مراعاه مواعيد الاعلان واعاده الاعلان وكافه الاجراءات الاخري التي تتخذ في الدعوي العاديه ويتعامل علي اساسها القاضي دون أن يتقيد بأي مواعيد ملزمه له وهذا قد يؤدي وفي غالب الاحوال الي أطاله مدة اصدار امر التنفيذ عن مدة تسعون يوماً المحدده في قانون التحكيم .
3 أن طلب التنفيذ في قانون التحكيم يكون بموجب عريضه تقدم لرئيس المحكمه المختصه بينما يأخذ طلب التنفيذ طبقأ لقواعد قانون المرافعات المدنيه والتجاريه شكل دعوي يرفعها الطالب وفقاً للاجراءات المعتاده لرفع الدعاوي بما في ذلك من اعلان و اعاده إعلان …. الخ , ولا شك أن الايسر هو الطلب علي عريضه .
4- أن قاضي التنفيذ طبقأ لقواعد تنفيذ حكم التحكيم الموجوده في قانون المرافعات يتحقق من ان محاكم مصر غير مختصه بنظر المنازعه التي صدر فيها حكم التحكيم , وأن هيئة التحكيم التي أصدرت الحكم المطلوب تنفيذه كانت مختصه بذلك , بينما لا يتطلب قانون التحكيم سوي التحقق من عدم تعارض حكم التحكيم مع حكم سبق صدوره من المحاكم المصريه في موضوع النزاع .
والفارق بين القانونيين يؤدي الي القول بأن قانون التحكيم 27 لسنة 1994 هو الافضل في هذا الخصوص , إذ أن دور رئيس المحكمه المختصه بالتنفيذ وفقاً لهذا القانون هو فقط التأكد من عدم صدور حكم سابق من القضاء المصري في موضوع النزاع يتعارض مع حكم التحكيم الاجنبي المعروض للتنفيذ بينما يعطي قانون المرافعات الحق لقاضي التنفيذ بحث ما اذا كانت المحاكم المصريه مختصه بنظر المنازعه التي صدر فيها حكم التحكيم من عدمه فأذا كانت مختصه فلا يجوز له ان يأمر بالتنفيذ , وهوامر خطير ويعرض حكم التحكيم الاجنبي لخطر رفض التنفيذ , أذ أن غالب الامر أن تلك المنازعه ستختص بها المحاكم المصريه لان كود التنفيذ سيتم في مصر.
يرشح للقول بأن موضوع النزاع تختص به المحاكم المصريه . وكان يجب استبعاد مسأله هذه من شروط امر التنفيذ إذ أن اللجوء الي التحكيم يخرج المنازعه وفقاً لاتفاق طرفيها من القضاء الي التحكيم فكيف يمكن بحث الاختصاص القضائي بنظر النزاع بعد ذلك خاصة وان مؤدي ذلك تفريغ قانون التحكيم من مضمونه ,لذلك نري أن الموقف المشرع المصري في قانون المرافعات أكثر شده في تنفيذ حكم التحكيم الاجنبي عن موقفه في قانون عند تنفيذ حكم التحكيم الوطني
5 يلزم قانون المرافعات قاضي التنفيذ التأكد من أن الخصوم في دعوي التحكيم الصادر فيها حكم التحكيم الاجنبي قد كلفوا بالحضور ومثلوا تمثيلاً صحيحاً , بينما يتطلب المشرع في قانون التحكيم تحقق رئيس المحكمه المختصه بالتنفيذ من ان المحكوم عليه قد تم اعلانه اعلاناً صحيحاً . ولا شك ان الشرط الموجود في قانون التحكيم وهو الاكثر يسراً من الشرط الموجود في قانون المرافعات .
6 تطلب قانون المرافعات أن يكون حكم التحكيم الاجنبي المطلوب تنفيذه لا يتعارض مع حكم سبق صدوره من المحاكم المصريه والا يكون مخالفاً للنظام العام والاداب في مصر وهذا الشرط تطلبه ايضاً قانون التحكيم والاداب العامه جزء من النظام العام في الدوله وبالتالي فأن الشرط واحد في كلا القانونين.
7 تطلب حكم المرافعات اخيراً أن يكون حكم التحكيم الاجنبي المراد تنفيذه قد حاز قوة الامر المقضي طبقاً لقانون المحكمه التي اصدرته وانه علي قاضي التنفيذ التحقق من ذلك , فعليه البحث في القانون الذي طبقته هيئه المحكمه للوصول الي كون حكم التحكيم قد حاز قوة الامر المقضي فيه من عدمه , بينما لم يشترط ذلك قانون التحكيم رقم 27 لسنة 1994 لأن القانون الاخير قد اقر حجية الامر المقضي بالنسبه لاحكام التحكيم الصادره وفقاً له . لذلك فأن قانون التحكيم سيكون هو الايسر في هذا الخصوص.
من ذلك كله نري أن يجب تطبيق أحكام وقواعد تنفيذ حكم التحكيم المنصوص عليها في القانون رقم 27 لسنه 1994 بشأن التحكيم في المواد المدنيه والتجاريه عند تنفيذ حكم التحكيم الاجنبي وليس قواعد التنفيذ المنصوص عليها في المواد من 296 حتي 301 من قانون المرافعات المدنيه والتجاريه والسبب في ذلك ان قواعد التنفيذ المنصوص عليها في القانونى رقم 27 لسنة 1994 اقل شده من تلك المنصوص عليها في قانون المرافعات وهو ما تطلبه اتفاقيه نيويورك عند تنفيذ حكم التحكيم الاجنبي.
بالاضافه لذلك فان البين من الماده 301 من قانون المرافعات المدنيه والتجاريه أن تطبق قواعد التنفيذ المنصوص عليها في المواد من 296 حتي300 من قانون المرافعات لا يخل بتطبيق المعاهدات المعقوده او التي تعقد بين مصر وغيرها من الدول في هذا الشأن ومن ضمنها معاهده نيويورك التي تكون اولي بالتطبيق.
ويبني علي ما تقدم اننا نري ان قواعد تنفيذ الاحكام الاجنبيه الموجوده في قانون المرافعات لا تنطبق عند طلب تنفيذ حكم التحكيم الاجنبي وانما يجب تطبيق قواعد قانون التحكيم رقم 27 لسنه 1994 المتعلقه بالتنفيذ بدلاً منها

0 تعليقات:

إرسال تعليق