Ads

سفاح قطار منتصف الليل

اسلام رمضان


ليس هناك من هو أعقل منى ولا أهدء منى فى ذلك العالم , كثيراً يصفوننى بلفظ البارد لعدم غضبى أبداً ولأنى دائم التبسم فى وجه عدوى قبل صديقى , ولا أعانى من أزمة نفسية بل أنى مستقيم جداً ، وإن نظرت إلى بذلك الوجه النحيف ، الشاحب ،المعروق الذى طوت الأيام كل ملامح شبابه ،وجسدى النحيف المتبالى
, شعرت بالرهبة بعض الشئ ولكن قلبى الطيب البريئ يجعلك تثق بى سريعاً وتحبنى وكأنك تعرفنى منذ سنوات , لا أكذب عليك كل شئ تغير وكل طيبتى ذهبت مع الريح بفضل حبيبتى وعشقى وهيامى ,كانت بارعة الجمال حقاً ,متفجرة الأنوثة وأقل ما أقوله فيها أنى أعشق كل خلية بجسدها ونفسها وكيانها , ولكنها تركتنى الآن دون كلمة وداع تركتنى دون إذن , حقا لم ارى أمامى بضع خطوات , بحثت عن هدوئي فلم أجد وبرودى فقد مات ، ورباطة جأشى فقد إستحالت نار تكوي قلبى , لم أشعر أنى يجب أن أمكث دقائق فى تلك البلدة , هى تذكرنى بأفضل أيام حياتى .
تذكرنى بحبى وإشتياقى , يجب أن أغادر آلان ,ليس هناك سبب للبقاء بعدما تيقنت أنها لن تعود لى أبداً ، بلى لن تعود ، لأنى قتلتها ، قد يخيل لى أنى قتلتها وهى تنظر لى بعينيها الرماديتين اللتان تشبهان عينى الصقر , لكنها غادرت المدينة هى أيضاً ، كما غادرت أنا الآن , وجدت قدمى تقودانى لطريق لا أعرفه ولم أُرد إليه الذهاب , وجدت نفسى فى قطار منتصف الليل الذاهب إلى ... 
لا أعرف حقيقة لا أعرف , وإنما ليذهب إلى آى مدينة فكل المدن الآن أمامى سواء ,جلست أفكر فى حبيبتى ولماذا تركتنى ؟ أشعر أنى سببت لها الأذى ولكن دون أن أشعر ,بحثت فى كل أيامى لكنى كنت حقاً ودوداً معها لاقصى درجة , لم نتشاجر ليوم حسبما أتذكر ، كنت أعشقها ، أشعر أن الله جعلنى أعمل بتلك الوظيفة حتى أقابلها وأعشقها ، لكن كل شئ ذهب ، أنا الآن بالقطار الذاهب إلى الا مكان ، جاء إحداهما وجلس بجانبى لقد كانت العربة تخلو من الأشخاص بإستثناءنا فقط , لم أءبه به فى البداية فحزنى يأخذ الجزء الرئيسى من تفكيرى ، حبيبتى الخائنة ، لماذا يلتصق بى هكذا ؟ لماذا جلس بجانبى والعربة خالية تماما؟  أن الوضع لا يطمأن بخير ،نظرت إليه تبدو على ملامحة الإجرام ، ماذا أفعل هل أجعله يأخذ كل ما معى وأنا صامت ، ووضعى وكرامتى أمام نفسى , لا لن يحدث ، ولكن قد يكون مخبول فقط ويستشعر الأمان بجلوسه جانبى ، قمت من مكانى فجأة ،لآرى ماذا يود أن يفعل ،أخرج سكيناً ووضعها على رقبتى بسرعة خاطفة ، لم أدرى ماذا أفعل ، هل أتركه يقتلنى ؟ أنا بتعداد الأموات على كل حال ، لقد مت بالفعل بعدما تركتنى وذهبت  ، لا لن أموت على يد هذا السكير البغيض ، ولكن ما الحل ؟ ما العمل الرئيسى الذى يشتت إنتباهه عن عنقى عن ذبحى كما الشاه ؟ أخرجت كل ما فى جيوبى وفجأة إرتطموا بالأرض بصوت أنين لم يسمعه غيرى ، الغبى ترك عنقى وسكينته وركض وراء أشيائى الأمر الأغرب أنى قابلته بركلة مصارع فى رأسة وإنقضضت عليه أقطعه بالسكين إربا ،لا أدرى أين ذهب سكونى ، أنا أشتعل غضباً ،لماذا كل هذا الغضب الذى ينفجر من داخلى ؟
 لما كل ذلك الغضب

 ملابسى أغرقت بالدم الحار اللزج ،دم ضحيتى الأولى ،الكلمات تحشرجت بحلقى تخيلته حبيبتى ،بلى هى السبب لكل هذا الغضب وتلك الوحشية لتركها لى ،لا تعلم الحمقاء أنى بدونها حياتى إنتهت وكل من سيقابلنى ستنتهى حياته هو الأخر ، لقد خلقت وحشا بداخلى وحش لا يبقى ولا يزر ، بسرعة إنتقلت إلى عربة أخرى ولم أدرى أن السكين مازالت بيدى وقطرات الدم تتساقط من ملابسى لتصنع خلفى دربا أحمر اللون ،العربة المقابلة كانت تعج بالناس ،كانت تعج بحبيبتى فقط التى قررت أن أقتلها أن رأيتها فى أى مكان  ، كل البشر يشبهونها رجالاً ونساء وجميعهم يصرخون من هيئتي وشكلى الذى لا ينبأ بخير ،  أتذكر وأنا فى منتصف وعيى أن كل من تحرك من مكانه كان نصلى يقتله بأبشع الطرق الممكنة هناك من فصلت رأسه عن جسده وتلك المسكينة بقرت بطنها وأخرجت أعضائها خارج جسدها وذلك البطل العالمى لرياضة بناء العضلات صاحب القلب الرقيق الضعيف الخائف ، مات موته شنعاء حينما كان سكينى راقداً فى رأسه والدم يسيل على جبينه ووجهه ، كل من فى العربة  لقى حتفه ، لأنى رأيت فيه حبيبتى ، هل أنا مجنون لأفعل تلك الجريمة الشنعاء؟ أم أنى أصبت بأزمة نفسية جراء تركها لى ؟ هى لا تعلم إلى آى مدى كنت أعشقها ، لقد كانت أرضى وسمائى ،نفسى وكبريائى ،روحى وقلبى وسعادتى وإبتهاجى وعملى ،رفيقتى ،حبيبتى ،أقسم أنى لن أدع لك يوماً سعيداً بعد الآن، أقسم أنى متى وجدتك وإينما رأيتك سأقتلك وأقتل نفسى ، لقد تجاوز حبى لكى جنون عاشق ليلى وشجاعة عنترة ،و رومانسية قيس ،وعنفوان وجنون روميو ، أنتى من أنهيت حياتك وحياتى أيتها الشمطاء ، عاد إلى وعيي للحظات ،وما أن رأيت ما أقدمت عليه ،أصابتنى حالة إنهيار عصبى شنيعه ،شعرت أنى مصاص دماء جف حلقة من العطش ففتك بكل تلك البشر ليشرب دمائهم ،والعربات جميعها  غارقة ببرك من الدماء ، لا أنا مستزئب وكنت جائع لوجبة من اللحم البشرى ، لقد قتلت كل من كان فى القطار إلا سائقة ، مازال القطار سائراً إلى الا مكان ، قد حافظ على حياته لأنى لم أنظر فى وجهه ،كل من نظرت فى وجهه قتلته لأنى رأيت وجه حبيبتى .
عاد إلى وعيي للحظات أخرى شعرت بحماقة ما أرتكبت وبشاعة ما أقدمت عليه ،لقد أصبحت سفاحاً بصورة رسمية ،يجب أن أهرب أن أفر ،بحثت عن جثة لم تلطخ ثيابها بالدماء ،هناك عربة مات معظم من فيها هلعاً ودهساً لبعضهم البعض ،بسرعة إنتقلت إليها ،وجدت واحداً فى نهاية  العربة مات من الهلع والرعب ، له نفس مقاييس جسدى تقريباً ، بسرعة غريبة قد غيرت ثيابى بثيابه ونظرت من نافذة القطار وجدته سائراً بين حشائش كثيرة أعتقد أنها سافانا ، فتحت باب العربة فقذفت بى الرياح إلى الداخل تحاملت على نفسى وقفزت من القطار على الحشائش فكان الضرر الجسدى أقل بكثير مما توقعت حدوثه ، أتذكر أنى محوت جميع بصماتى من على السكين ووضعتها بيد أحدهم ،هذا الذى بدلت ثيابى معه ،هو بأول عربة بعد السائق مباشرة ،  حبيبتى هى السبب الرئيسى لجريمتى فلو لم أرى وجهها فى كل هؤلاء الأموات ما ماتوا ولو لم يرد هذا السكير المخبول سرقة حاجياتى لكنت جالساً آلان صامتاً لا أدرى إلى أين طريقى ونهايتى ،لقد كانت هى البنزين وهو الشعلة ، لخروج البركان ،لإندلاع النار .
أخذت غرفة بفندق قريب ، دخلت الحمام وسكبت الماء على جسدى كله أغرقته بالماء .أحاول أن أنسى جريمتى ، غطت فى نوم عميق ، ورأيت كل ضحاياى و حبيبتى فى نومى وأنا أقتلهم مرة أخرى جميعهم ، أستيقظت فزعاً فى اليوم التالى ،حاولت جلب الهدوء لنفسى وأدعو قلبى وعقلى للعودة كما كانا من قبل ، وبدأت فى تصفح الجريدة حينما قرأت تفاصيل جريمة أمس وتحقيقات النيابة تؤكد أن سفاح قطار منتصف الليل قد لقى حتفه على أيدي السائق الذى تم تكريمة بميدالية بطل الأبطال، هنا عادت نفسى لهدوءها وسكينتها إلى سابق عهدها  ......

0 تعليقات:

إرسال تعليق