Ads

سؤال ؟

اسلام رمضان


ذلك اليوم الملُبد بالغيوم والسماء تشققت بالغمام ، كل هذا كان بالنسبة لى أسعد لحظات عمرى لآنى أحب الشتاء وبكل شدة أكرهه وأبغض الجو الحار ، مسرعاً كالعادة ذهبت عملى والسماء تبكى من سعادتها مطراً يبعث فى نفسى كل الراحة والطمأنينة ، ولكن الوضع لا يبشر بخير أبداً فالغيوم تتساقط على الأرض وتحيط بكل شئ ، تحيط بى حتى أنى لا آرى يدى إذا ما نظرت إليها لا آرى شبراً واحداً أمامى ، لم أستطيع العودة إلى بيتى فلن تجد مجنوناً يوصلك إلى بيتك فى هذا الجو العجيب ، عدت من حيثما أتيت قهراً كان يجب أن أنتظر إلى الصباح وأمامى خياران ، أما أن أعود بيتى ولا أتى إلى العمل فى اليوم التالى أو أنى أظل فى عملى إلى أن أنتهى منه وأعود إلى بيتى ، فى تلك الأثناء كنت جالساً أعتصر بيدى كوب قهوتى وفى اليد الاخرى تقبع سيجارتى التى أنفس دخانها من حين لآخر ، وقشعريرة البرد تسرى بكل خلية بجسدى وتثلج أطرافى تباعاً ، كان يشعل النار فى وعاء كبير حيث يأتى بالخشب ويضعه على بعضه تباعاً ثم يشعل فيه النار حتى تقلل الحرارة الناتجة عنها جزء بسيط من هجمات البرد المتتالية على قلاع أجسادنا التى بدأت فى الإنهيار والإستسلام لإستعمار البرد ،

نظرت إليه نظرة ممتعضة وبدأت فى الإقتراب من مصدر الحرارة رويداً رويداً وكانها أتت لتنقذ جسدى من تلك الاعاصير والتتارات والغزوات التى يشنها البرد لى تباعاً  ، نظرت إلى الجمر أمامى وإلى كتل الخشب التى تحترق وتتلوى إصتكاكاُ وتموت وتندمل وسط بركان النيران الذى صنعه بعود كبريت ، الحرارة تتغلغل جسدى وخلاياى ، أشعر بالسعادة مجدداً بعدما شعرت بالضيق لعدم إستطاعتى العودة لبيتى ومن ذلك البرد الذى يأكلنى حياً .

الأمر غريب حقاً منذ ساعات كنت أشعر بالسعادة من داخلى جراء وجود برد ، وبعدها شعرت بالضجر منه ، ثم شعرت بالسعادة مجدداً لوجود مصدر للحرارة يحاول جاهداً مساعدتى للنجاة من إستعمار كتائب البرد المميتة .ما السعادة إذا ؟ أين تقبع؟ وكيف نشعر بها ؟ لكل منا رآى فى السعادة ولكل منا سبب يجعله سعيداً ...

تلك الام حديثة الولادة تشعر بسعادة غامرة بعد ألمها حينما ترى مولودها وذلك الأب الذى ينتظر بفارغ الصبر رؤية وجهة أبنه لآول مرة ، ليرى جزءاً نابضاً بالحياة ينبثق عنه .

وذلك العامل الذى ينتظر يوم قبضة لمرتبة ،يشعر بالسعادة حقاً حينما يرى ثمرة عمله وينسى كل همه .

ذلك الثائر الحق الذى يرى أثر تحقق لمطالب ثورته يشعر بالسعادة

أننا نشعر بالسعادة لمجرد وجبة كنا نشتهيها ،حينما نشعر بالدفئ بعد برد ، فنجان قهوة بعد غفلة وسنة من النوم ،تقدير بعد عمل ، أحدث نفسى كثيراً بداخلى كيف نشعر بالعسادة وما مفهومها ، ثم ذلك القابع أمامى ما السعادة فى إشعالة النار ؟ والطفل الذى يترك طائرته لينهشها تيار هواء فتحلق عالياً فى الفضاء ثم أنه يقضى ساعات ممسكاً بخيط طائرته ويشاهدها مراراً وهى تطير ما السعادة فى ذلك ؟

ثم الذى يزنى والذى يقتل والذى يسرق والذى يخون والذى والذى ؟ كيف يشعر بالسعادة وهو يعلم تمام العلم أن ما أقدم عليه هو خطأ فادح ؟

الامر صعب على عقلى ليستوعبه وأنت أيضاً وأنت تقرأ كلماتى وبعدما تخيلت جلستى على ذلك الكرسى المهشم ألتمس طريقاً لدفئ بعد سعادة ببرد أم أنك تخيلت هذا الذى يشعل النار ، هو ضباب بالنسبة لك لآنى لم أصف شيئاً من شكله فى كلماتى السابقة . نعم أنت تحدث نفسك لماذا لم أصف شكله او لماذا لم أضف طبيعة عملى او لم أصف سبب السعادة ومغزاها ولكنك فكرت جيداً وعدت كلماتى وبدأت الزاكرة فى عقلك تعمل وتفكر مراراً فى أكثر من موقف شعرت به بالسعادة بداخلك سعادة لم تجد حتى طريقها لإبتسامة .

أتذكر حينما شعرت بالسعادة جراء أول حب لك ؟

أو تذكر حينما شعرت بالسعادة حينما عملت بعمل ممتاز بالنسبة لك ؟

أم أنك شعرت بالسعادة حينما رزقت بأول مولود لك ؟

تذكرت أنك شعرت بالسعادة كثيراً ولكنك دائماً تقول أن الحال دائماً سئ وأن الوضع دائماً لا ينبأ بخير ، صحيح أنت تتذكر كل ذلك لكنك لا تقر به ، كما أنك لم تقر بعد أنى قد أكون كاتباً تلك الكلمات لآنى أشعر ببعض الفراغ وأكتب عدة كلمات تنهش من رداء الوقت لتصنع به ثقباً يجعله يمر أسرع ولو قليلاً .

أه نسيت أن أسألك لماذا تشعر فى بعض الأحيان بأن الوقت لا يمر ؟ ثم يحدث موقف يجعل الوقت يطير كما الضوء فى سرعته وتضرب بكل قوانين الفيزياء عرض الحائط فى تلك اللحظات ؟

لماذا تشعر بالسعادة ؟

الوقت يمر سريعاً وأنا أكتب تلك الكلمات ثم أنه يمر أسرع وأنا ذاهب إلى العمل متأخراً بضع دقائق عن موعدى الأصلى ، المحدد لى ؟ ثم كيف أن الوقت مر سريعاً حينما نظرت بساعتى لآجد الساعة تشير إلى السابعة والنصف صباحاً وأن ذلك الرجل دخل بيته لينام وأنى يجب أن أعود إلى عملى وأن المطر قرر أن ينقطع عنى لبضع لحظات وأنى آلان أشعر بالدفئ ؟!

كثيراً أود قول كلمة واحدة !!!!

أنت لا تعلم لماذا ةمتى وأين وكيف يحدث كل شئ ؟ ولو أنك جلست مثلما أجلس آلان وفكرت قليلاً لشعرت بدوخة تجتاح خلايا عقلك وتتار من النمل إستعمر كل خليه به .

هل تجد آى إجابة لذلك السؤال ؟

ما السر ؟

0 تعليقات:

إرسال تعليق