Ads

بيان قسم الفقه المقارن بكلية الشريعة والقانون بالدقهلية


حول الحلقة النقاشية التي أقيمت بالقسم في يوم 23 /11 / 2013 م متضمنا نتائج هذه الحلقة ، وضوابط فقه التظاهر ، والتوصيات التي انتهت إليها الحلقة النقاشية  
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم تم عقد جلسة علمية بقسم الفقه المقارن بكلية الشريعة والقانون بتفهنا الأشراف- دقهلية حول موضوع ( فقه التظاهر وضوابطه ) وقد حضر الجلسة فضيلة الأستاذ الدكتور السيد السخاوى عميد الكلية، وفضيلة الأستاذ الدكتور عبدالحليم منصور رئيس قسم الفقه المقارن بالكلية، والمشرف على الحلقة ، وشارك فى الجلسة عدد من السادة المدرسين، والمدرسين المساعدين، والمعيدين وقد خلصت الجلسة بعد مناقشات علمية دامت لساعتين إلى عدد من النتائج، والضوابط، والتوصيات . 
أولاً: النتائج  : 
1 - التظاهر حق كفلته المواثيق الدولية ، والدساتير العالمية  ، والشرائع السماوية ،  ومنها الشريعة الإسلامية التى هى أصل الشرائع والتى أسست لحقوق الإنسان. 
2 - التظاهر بمفهومه الآن مسألة معاصرة اختلف حلولها الفقهاء بين مؤيد ، ومعارض ، والدستور المصرى أقر حق التظاهر،  وبناء على ذلك فالقواعد الأصولية تقضى بأن ولى الأمر إذا اختار أحد الرأيين للعمل به فهذا يرفع الخلاف في المسألة ،  ويجب العمل بما اختاره ولى الأمر.
3 - التظاهر كما هو حق للرعية في التعبير عن آرائهم ، فهو حق للراعى على رعيته أيضا ، وذلك لتقويمه وتقديم النصح له، بناء على النصوص الشرعية التى توجب الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، والنصوص التى توجب النصيحة لولى الأمر. قال أبوبكر رضى الله عنه:  وإن اعوججت فقومونى.  
ويؤيد هذا التوجه ما ورد في السنة عن عبد الله عن إياس بن عبد الله بن أبي ذباب قال قال رسول الله   لا تضربوا إماء الله فجاء عمر إلى رسول الله  فقال يا رسول الله ذئرن النساء على أزواجهن فرخص في ضربهن فأطاف بآل رسول الله  نساء كثير يشتكين أزواجهن فقال النبي  لقد طاف بآل محمد  نساء كثير يشتكين أزواجهن ليس أولائك بخياركم "
ووجه الاستدلال : أن ما فعتله هؤلاء النسوة من مظاهرة ضد ضرب الرجال ، وقد أقرهُنّ الرسول صلى الله عليه وسلم بل وقف معهنّ وأيدّ مطالبهنّ بأن الذي الذي يضرب ليس من الخيار ، دليل واضح على مشروعية المظاهرة للتعبير عن رفض بعض الأمور حتى ولو لم تكن من المحرمات . فإذا كان النساء في عهد النبي  خرجن جماعات أو فرادى  في ليلة واحدة يشتكين ضرر أزواجهن أليست هذه هي مظاهرة سلمية؟!  فما الفرق بين هذا لو  خرج اليوم أو غدا مثل هذا العدد أو أقل أو أكثر أمام وزارة الداخلية، أوزارة العدل، أو المحكمة الشرعية،  أو دار الإفتاء، يطالبن بتوظيفهن أو رفع ظلم أوليائهن أولئك الذين يمنعونهن  من الزواج أو خرجن يطالبن بإطلاق أولادهن أو أزواجهن الذين طال سجنهم مع انتهاء مدة الإحكام الصادرة بحقهم أو لم يحاكموا أصلا !! 
4 -  الحق في التظاهر لا علاقة له بكون الحاكم أو الرئيس تقيا  ، أوفاسقا ، بمعنى أن البعض يربط الحق في التظاهر بكون الحاكم فاسقا مثلا ، ومنعه إذا كان الحاكم تقيا ، وهذا غير صحيح ، فالحق في التعبير عن الرأي بالتظاهر لتقويم الحاكم وتصحيح مساره لا يتوقف على تقواه وصلاحه ، ولا على فسقه ، وإنما يرتبط في المقام الأول والأساس بتصحيح مساره ، وهذا ما قال أبو بكر :" وإن اعوججت فقوموني " وهو من هو تقوى وصلاح .
5 - التظاهر يحقق سنة التدافع فى الكون، فلابد أن يجد الحاكم من يقومه حتى لا يصير طاغوتاً والله قال عن فرعون ( فاستخف قومه فأطاعوه ). وقاعدة سد الذريعة التى استدل بها المانعون تعد دليلاً عليهم حيث إن ترك الحاكم دون نصحه وأمره بالمعروف ، ذريعة إلى فساده ، وظلمه ، وتسلطه عليهم .  
6  - التظاهر وسيلة من وسائل التعبير عن الرأى والوسائل لها أحكام المقاصد، والقاعدة تقرر أن الأصل فى الأشياء الإباحة. 
7 - من خلال هذه النتائج يمكننا القول بأن التظاهر يمكن أن تعتريه الأحكام التكليفة الخمسة حسب المراد منه وحسب ما يصحبه من سلمية، أو خروج عن المسار السلمى، وكذلك يختلف الحكم باختلاف الهدف من التظاهر. ومن ثم فقد يكون واجبا ، وقد يكون مندوبا ، وقد يكون محرما ، وقد يكون مكروها ، وقد يكون مباحا . 
ثانياً  - ضوابط التظاهر :
بناء على الرأى الذى رجحته جلسة المناقشة بأن التظاهر مشروع وجائز فإن هذا الجواز لابد أن يكون محاطاً بسياج من الضوابط الشرعية التى تقنن هذه المشروعية منها:
1 –  أن تكون سلمية : فلا يجوز أن يترك المتظاهرون مهمتهم الأصلية والهدف الذي خرجوا من أجله وهو النصح ، للحاكم أو للحكومة ، أو والأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر وصولا للتطبيق الأمثل للقانون – وتخرج إلى القتال ، ومن ثم فلا يقر النظام العام الإسلامي التظاهرات أو التجمعات العسكرية أو المسلحة التي تشهر السلاح في وجه الحاكم أو الدولة ، أو سائر الأفراد الآخرين . فكثيرا ما  يلجأ حزب أو فريق معين إلى قوة السلاح لفرض وجهة نظره على الفريق الآخر ، فتراق الدماء ، كما هو مشاهد في بعض التظاهرات .
2 - ألا تتضمن المظاهرات شعارات أو عبارات أو أقاويل تتعارض مع الدين ، وترفضها الشريعة الإسلامية ، أو الخوض في الباطل بما لا طائل من ورائه ، فهذا كله خارج عن مفهوم النصح لولي الأمر ، ولعامة المسلمين ، وكذا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر . 
3 - ألا تكون بهدف نصرة معتقدات محرمة ، وألا تكون بدافع مؤازرة قضايا محرمة شرعا سواء أكانت أخلاقية أم اقتصادية أم اجتماعية ، كالدعوة إلى إباحة الخمور ، أو الدعارة ، أو الربا ، وغير ذلك من الأمور المحرمة شرعا . 
4 - ألا تتضمن أي مظهر من مظاهر التفرقة ، أو إثارة لأي لون من ألوان العصبية ، أو العنصرية بينهم ، مهما كان حالها ، جغرافية ، أو تاريخية ، أو اجتماعية ، أو حتى رياضية ، لأن ذلك فتنة ، والفتنة أشد وأكبر من القتل
5 - ألا تتضمن اعتداء على أعراض الناس بالقذف أو الاتهام بهم بالباطل ، أو السخرية والاستهزاء بهم ، أو الانتقاص من قدرهم ، ومكانتهم بلا وجه حق . 
6 - ألا تؤدي إلى الاعتداء على المحالفين في الرأي بالقتل ، وكذا الاعتداء على حياة الأبرياء من الناس ، مهما كانت الظروف والأحوال ، لأن الإنسان مكرم مصان ، جعلت الشريعة الإسلامية نفسه من المقاصد الخمسة التي يدور التشريع حولها حفظا ورعاية وصيانة .
7 – ألا تتضمن انتهاك حرمات ممتلكات الناس : والمراد بهذا حرمة التعدي على منازل الناس ، بل واي من أملاكهم ، الخاصة ، سواء بدخولها أو التجسس عليها ، دون إذن أصحابها ، ناهيك عن الإضرار بها كسرا أو هدما .
8 – ألا تتضمن الاعتداء على الممتلكات العامة : ذلك أن الأصل هو المحافظة على الممتلكات العامة ، وإزالة كل مظاهر الأذى والضرر عنها ، بل إن الإسلام جعل ذلك جزء من الإيمان .
9 – ألا تتضمن المظاهرات قطعا للطريق وإلحاق الضرر والأذي بالمواطنين .
10 - ألا تتخذ المظاهرات  في سبيل تحقيق هدفها وسائل محرمة : مثل السباب ، والتجسس ، والتنابذ بالألقاب ، والسخرية وغير ذلك .
11 - ألا تكون هذه المظاهرات ممولة ومدعومة بتمويل من الخارج أو لحساب منظمات خارجية  وليس لمصلحة الوطن .
12 – الضوابط التنظيمية الأخرى التي تتعلق بمكان وزمان التظاهر ، وإخطار الجهات المعنية لتأمين التظاهرة ، والمحافظة على حياة المواطنين . 
ثالثاً: التوصيات: 
 بعد المناقشة البناءة، ومناقشة الأراء والأدلة والسماع لكل الحاضرين خلصت الجلسة إلى توصيتين هامتين كثمرة لهذا الحوار الفقهى: 
التوصية الأولى:  إدراج موضوع التظاهر – باعتباره آلية من آليات التعبير عن الرأي - وكيفيته فى المناهج التعليمية لأبنائنا الطلاب فى المدارس لاسيما فى سن مبكر حتى يتعلم الطلاب ، ماهو التظاهر؟ وكيفيته ؟ وأدواته ؟ وضوابطه ؟ 
التوصية الثانية: لا بد من بيان الأحكام الفقهية المتعلقة بالتظاهر من كل جوانبها ، وتوضيحها لمجموع المسلمين من خلال وسائل الإعلام المختلفة ، حتى يعلم الناس الحلال منها فيتبعوه ، والحرام فيجتنبوه ، وعلى علماء الأزهر واجب الاضطلاع ببيان هذه المهمة في شتى وسائل الإعلام المختلفة مقروءة ومسموعة ومرئية .
هذا وبالله التوفيق...والحمد لله رب العالمين
دعبد الحليم منصور
رئيس قسم الفقه المقارن بكلية الشريعة والقانون بالدقهلية .

0 تعليقات:

إرسال تعليق