Ads

الإمراض المزمنة للأمة الإسلامية


دكتور عادل عامر
إن الاختلاف والبغي وتفريق الدين من علل أهل الكتاب التي كانت سببا في هلاكهم ونسخ أديانهم وبقاء قصصهم وسائل إيضاح للدرس والعبرة لمن ورثوا الكتاب والنبوة ذلك أنة للاسبيل للاستبدال والنسخ في عالم المسلمين وهم أصحاب الرسالة الخاتمة  وإنما هي الإمراض التي لا تقضي علي الجسم نهائيا  فأما إن تعالج فيكون التصويت وتكون المعافاة ويكون النهوض وإيقاف التآكل الداخلي وهذا من خصائص الرسالة الخاتمة .
إن مايعانية عالم المسلمين اليوم لايخرج عن إن يكون أعراضا للمشكلة الثقافية وخلالا في البنية الفكرية التي يعيشها العقل المسلم وأثارا للازمة الأخلاقية التي يعاني منها السلوك المسلم وما من سبيل إلي خروج إلا بمعالجة جذور الأزمة الفكرية وتصويت الفهم وإعادة  صياغة السلوك الخلقي كضمانة ضرورية وإلا كالذي يضرب في حديد بارد .
إن الاختلاف في وجهات النظر بدل إن تكون ظاهرة صحة تغني العقل المسلم بخصوبة في الرأي والاطلاع علي عدد من وجهات النظر ورؤية الأمور من إبعادها وروياها كلها وإضافة عقول إلي عقل انقلب عند المسلم عصر التخلف إلي وسيلة للتناكل الداخلي والإنهاك وفرصة للاقتتال حتى كاد الأمر إن يصل ببعض المختلفين إلي حد التصفية الجسدية والي الاستنصار والتقوى بأعداء الدين علي صاحب الرأي المخالف لقد  وصلت حدة الاختلاف إلي مرحلة أصبح المشرك معها بأمن علي نفسه عند بعض الفرق الإسلامية التي تري إنها علي الحق المحض أكثر من المسلم المخالف لها بوجهي النظر والاجتهاد حيث أصبح لا سبيل معها للخلاص من التصفية الجسدية إلا بإظهار صفة الشرك .
إن أزمتنا أزمة فكر ومشكلتنا في عدم صدق الانتماء والأمة المسلمة عندما سلم لها أفكارها وكانت المشروعية العليا  الأساسية في حياتها للكتاب والسنة استطاعت إن تحمل رسالة وتقيم حضارة علي الرغم من شظف العيش وقسوة الظروف المادية فكان مع العسر يسر ذلك الحيدة عن الكتاب والسنة موقع في التنازع والفشل لقد أوقف الإسلام التشرذم والتآكل الداخلي ووجه العرب وجهه الإله الواحد الحق والغي الالهه المزيفة حيث كان لكل قبيلة إلهها الذي تتجه إلية ولكن هناك أمراض تعاني منها هذه الأمة والغريب لو نظرت لمرض من هذه الأمراض في مصر لوجدت نفس المرض تعاني منه دول المشرق
 للان الاختلاف الذي وقع في سلف هذه الأمة ولا يزال واقعا جزء من هذه الظاهرة الطبيعية فان لم يتجاوز الاختلاف حدوده بل التزمت أدابة كان ظاهرة ايجابية كثيرة الفوائد ومن تلك الفوائد وغيرها يمكن إن تتحقق إذا بقي الاختلاف ضمن الحدود والآداب التي يجب الحرص عليها ومراعاتها ولكنة إذا جاوز حدوده ولم تراع أدابة فتحول إلي جدال وشقاق كان ظاهرة سلبية سيئة العواقب تحدث شرخا في الأمة وفيها ما يكفيها فيتحول الاختلاف من ظاهرة بناء إلي معاول للهدم .
إن الاختلاف ظاهرة طبيعية لايمكن تفاديها أبداً فهو مظهر من مظاهر الإرادة في الإنسان  وعلى الرغم من أن المولى عز وجل أمرنا بالاعتصام بحبل الله والبعد عن الفراق والنزاع إذ إنها تؤدي إلى الفشل والعجز عن الوصول إلى أي حل فقد طغى اليوم على اختلافاتنا كل وسائل التكفير والتفسيق والتبديع والتشويه والتسفيه وتبع ذلك الموالاة والمعاداة لكل من اختلفنا معه وتجاهلنا التماس الأعذار للآخرين سواء لجهلهم أو لاجتهادهم أو لأنها مسائل اجتهادية لا إجماع عليها وتجاهلنا الرفق في التعامل مع بعضنا البعض وأصبح الكل يتحدث والكل يقدم الحجج والبراهين ولو بغير علم
فإذا تحول الاختلاف إلي خلاف – والخلاف يكون جذريا في كل شيء كما أنه في حالة الخلاف يحاول أحد الطرفين أو كلاهما فرض رأيه على الجميع دون أن ينسى تحقير الطرف الآخر والنيل منه ويصبح النقاش حلبة مصارعة كل واحد يحاول أن ينتصر لنفسه ويعجز صاحبه وينتظر تصفيق المتفرجين وقد قال فيه رب العزة سبحانه وتعالى" والذين سعوا في آياتنا معاجزين أولئك أصحاب الجحيم" الحج51 – وعند الخلاف يبدأ الطرف الآخر يخوض في آيات الله ويستهزأ بها ويتخذ القرآن عضين ، ويتبع هواه في تفسير آيات القرآن ، ويرفض منها ما غم عليه فهمه أو يحاول أن يجعل بعض آيات القرآن محدودة الزمن ومرتبطة تاريخيا بسبب نزولها بالمخالفة لقوله تعالى" وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ" سبأ 28 ، أقول عندما يحدث ذلك فإن الله سبحانه وتعالى وضع لنا القاعدة القرآنية وأخبرنا كيف نتصرف في ذلك فقال سبحانه وتعالى" وقد نزل عليكم في الكتاب إن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره إنكم إذا مثلهم إن الله جامع المنافقين والكافرين في جهنم جميعا" النساء140 ، وقال تعالى" وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فاعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره وأما ينسينك الشيطان فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين" الأنعام86
كاتب المقال
دكتور في الحقوق و خبيرفي القانون العام
ورئيس مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية والاقتصادية
 عضو  والخبير بالمعهد العربي الاوروبي للدراسات الاستراتيجية والسياسية بجامعة الدول العربية

0 تعليقات:

إرسال تعليق