السبت، 16 نوفمبر 2013

الاستراتيجيات الاستعمارية ودورها الاستعماري


دكتور عادل عامر
ويخطر لنا أن نقول أخيراً ''حتى لا ننزلق أو ننحاز إلى نمط أحادي من التحليل'' أن ما يجري في وطننا العربي في المرحلة الراهنة هو مخاض، ومحطة، وسياق تاريخي قد يستمر طويلا ويحمل معه الكثير من المشاكل والإشكاليات، ولكنه سياق قد بدأ شئنا ذلك أم لم نشأ، وهي خطى كتبت على هذه الأمة، ومن كتبت عليه مثل هذه الخطى مشاها إلى منتهاها ! ولأننا ممن يؤمنون إيماناً تاريخياً عميقاً بهذه الأمة وقدراتها على التجاوز، بعيداً عن التمنيات والرغبات والحتميات، ونؤمن بالجماهير العربية وعمق انتمائها وقدرتها على التغيير وصناعة التاريخ وتصحيح المسارات، فإننا لانطلق (بحديثنا عن الاستراتيجيات الاستعمارية ودورها الاعتراضي) نفير اليأس والتشاؤم، وإنما نجدد قناعتنا بأن مرحلة الانحطاط الطويلة التي شهدها الوطن العربي في العقود الأربعة الأخيرة، وعملت قوى خارجية وداخلية على تعميقها وإدامتها، قد خلقت تشوهاً في طريقة القراءة والتعامل مع المعطيات والمستجدات والمتغيرات، وأنتجت وقائع عربية نكوصية في الممارسة السياسية، وفراغات في العقل الجمعي، وهي التي أصبحت تقودنا الآن نحو هذا النمط من الاختلاط والالتباس والانسداد، ولكننا وكما ذكرت نواجه عاصفة هوجاء متعددة المخاطر والاحتمالات، وموجة لاعقلانية في طريقة التفكير، والتدبير، وأساليب التغيير، وهي كما نأمل اختلاطات في طريقها إلى الانكشاف والاتضاح والتبلور، وتوليد وقائع ومشاهد جديدة، وأسئلة استفهامية ملحة حول كيفية ابتداء خط النهضة والتغيير، وصياغة نقاط بداية جديدة لهذا التغيير، وتجاوز هذا الالتباس والاختلاط والتداخل ''الذي نراه برؤية تاريخية'' عابراً أو سياقاً صعباً من سياقات التحول ! فالقوى الوهابية المتآمرة المستسلمة تلعب دور التابع الذليل، دور العبيد المأجورين، الذين يعملون على تدمير القيم العربية الأصيلة، من خلال استخدامها للدين ولبس عباءته للدخول إلى عقول الناس وخداعهم بأنهم يدافعون عن الدين، ما سمح بخلق بيئة لنمو الطحالب والدمامل في جسد الوطن وانتشار مظاهر التخلف. هؤلاء العملاء الذين ارتضوا عبر التاريخ أن يكونوا أدوات رخيصة للعب دور السمسار والخيانة والتبعية ضد أبناء أمتنا العربية. وصولاً للتفريط بالحق العربي والتسليم بالوجود الصهيوني الامبريالي في المنطقة. لتبيين بعض المهام التي أنشئت من أجلها الوهّابيّة التكفيريّة، نشير إلى أنّها ذهبت في مسارين، الفكر التّكفيري، والأداء السياسي، والذي هو غاية تلك الأفكار التي أسِّس لها، فالغرب ليس مدرسة للتّنوير، بل هو منبع الدّهاء في توظيف الأفكار لصالح مشروعه الاستعماري، ومحوره في وطننا العربي إقامة الكيان الصهيوني وحمايته، وقد اقترن المظهران في المركز الوهّابي التّكفيري في شبه الجزيرة العربيّة.
في المقابل، فإن 50% منهم انخرطوا في حياة الدولة، وأصبحوا عنصرا مركزيا مهما في كل مجالات الحياة، كالاقتصاد والأمن والأكاديمية والطب وفي الثقافة وغيرها، وهناك 80 ألفا يعملون في الصناعات الإسرائيلية، ويشكلون 22% من العاملين فيها، كما خدموا في الجيش، وشاركوا في الكنيست، وأقاموا إذاعات ومحطة تلفزيون خاصة بهم ناطقة بالروسية، وعددا من الصحف والمجلات للحفاظ على اللغة الروسية. رغم أن هؤلاء مهاجرون جددا، فقد أصبحوا قوة لا يستهان بها في النسيج السياسي والاجتماعي الإسرائيلي، وقد يقدمون على تشكيل جسم متوحد ومتكاتف داخل دولة تعاني من اختلاف الثقافات وتناقضها فأن خريطة جغرافية تبين توزيع هؤلاء المهاجرين اليهود الروس في أنحاء إسرائيل، حيث يرتكزون في المدن المتوسطة مثل "الكاريوت، وأشكلون ونتسيرت عيليت وحيفا وأسدود وبئر السبع وتل أبيب وبات يام"، ومنهم 70% لم يتجاوزوا سن الخمسين، و70% حاصلون على ثقافة ثانوية ومتوسطة، وهم متمسكون بالعادات والتقاليد، وحتى المأكولات الروسية حتى اليوم، وتوجد متاجر لبيع المشروبات والمأكولات المستوردة من روسيا، رغم أنها تخالف الشريعة اليهودية لأنها تبيع اللحم والسمك الذي لم يشرف عليه حاخام يهودي.
 ولا ننكر أنهم استطاعوا اختراق الواقع العربي من خلال معظم الأنظمة العربية التي فرضوها ودعموها، كما أنهم صنعوا أنظمة غير عربية أيضاً موالية لهم ومستعدة لتنفيذ أجنداتهم, و نجحوا في زرع مستوطناتهم الفكرية والاقتصادية والثقافية والسياسية في بنية المجتمع العربي التي أحدثت خرقاً خطيراً في عقل الإنسان العربي من خلال تكريس العبثية والعدمية والتطرف والتعصب ونشر الفكر التكفيري والانغلاق في المجتمع العربي.
كذلك يتفحص الفصل الديناميكيات الداخلية لانتشار أسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط ، ثم يتصدى بعدها للديناميكيات الإقليمية ذات الصلة بأسلحة الدمار الشامل في المغرب والمشرق والخليج ، ويناقش التطورات والأدوار التي يقوم بها اللاعبون من خارج المنطقة . وفي النهاية يقدم الفصل للولايات المتحدة وحلفائها استنتاجاته ، والانعكاسات السياسيـة المحتملة . يتكرر استخدام عبارة " أسلحة الدمار الشامل " في الحوارات الاستراتيجية للإشارة غالباً إلى الاستعمالات التكتيكية المحدودة التي قد لا تتضمن دماراً واسعاً أو إلحاق إصابات بشرية شاملة . وعلى نحو ذلك ، فإن المناسبات العديدة التي استخدمت فيها الصواريخ البعيدة المدى في الشرق الأوسط كانت مقتصرة على استخدام رؤوس حربية تقليدية . ولو توخينا المبدأ ، لاقتضت الدقة منا أن نميز ما بين الاستخدام التكتيكي للأسلحة الكيمياوية والبايولوجية والإشعاعية والنووية ، والتوظيف الفعلي لهذه الأسلحة كوسائل دمار شامل ضد أهداف عسكرية ومدنية . ولكن من أجل غايات هذه الدراسة التحليلية ، تم أخذ موضوع نشر هذه الأسلحة غير التقليدية إجمالاً ، مع تركيز الاهتمام في نهاية الأمر على ما تحمله من تهديد بإلحاق دمار جسيم وخسائر بشرية واسعة النطاق . كذلك تبرز الصواريخ بعيدة المدى كعلامة شاخصة في المناقشة ، مع التركيز على دورها كأنظمة حمل محتملة لأسلحة الدمار الشامل . أما أنظمة الحمل الأخرى ، مثل المدفعية ، وصواريخ كروز ، والأساليب السرية الخفية ، فلم تجرِ مناقشتها على نحو نظامي هنا بالرغم من أهميتها المستقبلية المحتملة . عندما تنجح تجربة كفاحية في مكان ما، يميل الكثير من الناس وخاصة المفكرين والثوريين والسياسيين إلى الاستفادة منها أو تعميمها أو نقلها إلى بلدانهم، وذلك بدون تمحيص وتدقيق وحتى بدون التعمق في مقدماتها وخلفياتها، فغالبا ما يتم النظر إليها في مرحلتها المزدهرة أو الفترة الزمنية التي تحقق حركة ما النصر عبر استخدام إستراتيجية أو تكتيك معين. فبعد انتصار ثورة أكتوبر 1917 في روسيا جرى ميل عالمي لدى الثوريين لتبني إستراتجية الانتفاضة المسلحة، ولكن ذلك المثال لم يتكرر بنفس الشكل أبدا، وما أن نجح أسلوب حرب الشعب من الريف إلى المدن في الصين حتى وجد من يتبناه وينظر له ويحاول تعميمه، ولكن لم يتكرر أيضا. كوبا ثم فيتنام طبقتا حرب العصابات والحرب الشعبية المسلحة بأشكال أخرى وجدت لها أنصارها ومن يحاول أن يعممها أيضا. والبعض يشير إلى تجارب الكفاح المسلح ضد الاحتلال النازي في بعض الدول خلال الحرب العالمية الثانية كتجارب مهمة، بالرغم من كونها نوع من العمل وراء خطوط العدو كعنصر مساعد للجيوش المحاربة. وهناك من دعا بالنسبة لفلسطين المزاوجة بين الحرب النظامية (جيوش عربية) مع حرب شعبية فلسطينية. وأيا كانت المسوغات والدعوات التي ترى أفضلية لشكل على آخر، أو تصر على تقديس نموذج بعينه فإنها تظل ضيقة وقاصرة نظريا عن معالجة الصورة الأشمل؛ خاصة في الصراعات الطويلة والمعقدة. فمعظم الشعوب المكافحة ضد الاستعمار والاستغلال خاضت أشكال عديدة من الكفاح والمواجهات مع مضطهديها، سواء تعايشت تلك الأشكال معا في مرحلة معينة أم تتابعت عبر مراحل الكفاح الطويلة.



كاتب المقال
دكتور في الحقوق و خبيرفي القانون العام
ورئيس مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية والاقتصادية
 عضو  والخبير بالمعهد العربي الاوروبي للدراسات الاستراتيجية والسياسية بجامعة الدول العربية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق