Ads

شجرة الجن

سمر زيدان

منذ طفولتي وأعشق مجالسة الكبار،ذات مره كان جدي وأصدقائه مجتمعون في بيته القديم ..جذبني حديثهم وجلست لأستمع ..

قال جدي
"أخبرنا أجدادنا أن الجن هو من قام بزراعة هذه الشجره الملعونه منذ الاف السنين ويعتني بها حتي يومنا هذا الي أن أصبح أرتفاعها يتعدي المائة متر "
فقاطعه أحد أصدقائه 
"يقال أن الشجرة الملعونة بها حفره تسع جسم إنسان بطول مترين أو اكثر"
واكمل صديق جدي الثاني
"يقال أن من يقترب من هذه الحفره او يمسك بأحد فروع الشجره ليلا يفقد للابد ولايعود لذويه مره أخري"
ازداد الحديث تشويقا بالنسبه لي بالرغم من خوفي الشديد من تلك الرويات المفزعه ولم أستطيع مغادرت الجلسه عندما سأل جدي أصدقائه 
"وماذا عن الكوخ الصغير الذي يوجد بجوار تلك الشجره حيث يقطنه رجل عجوز ربما يكون عمره يفوق عمرهذه الشجرة الملعونة"
أجابه صديقه الاول
"يقال أن هذا الرجل مصرح له من الجن بأن يقوم برعاية الشجره لذلك هاجر كل السكان المجاورون لها لما يرونه كل ليله من أفعال عجيبه"
فقاطعه جدي قائلا
"نعم سمعت رويات عده من السكان المهاجرين،احدهم قال لي ان بيته هدم في أحدي الليالي وفي الصباح وجده كما هو أخر وجد زوجته وأطفاله مغشي عليهم خارج المنزل و بعد أن عادوا الي صوابهم لم يستطيعوا العيش في هذه المنطقة"
وصل الحوار الي أقصي حد من التشويق لكني لم استطيع أن أكمله لاني فزعت ممايتحدثون به
ومنذ ذلك الحين
كلما مررت بالقرب من تلك المنطقه المهجوره ألا من الشجرة الملعونة والشيخ العجوز صاحب الكوخ القديم قدم عمر الشجره أشعر بالخوف الشديد من فكرة عدم العوده الي أهلي..وفوق كل هذا وذاك تحدث اشياء مثيره ومخيفه للغايه بالنسبه لي..حين يجن الليل ويذهب كل فرد في أسرتي الي فراشه لينعم بالنوم الي الصباح وتنطفئ كل الانوار ويسود الهدوء القاتل كل المنزل عدا غرفتي التي يكون الضجيج بداخلها علي أوجه ..يأتي اليها الكثير من الاشخاص تتفاوت أعمارهم بين الصغر والكبر ..الكل يحتفي بي ويعاملني معامله اكثر من أن توصف بحسنه أو طيبه وكأنهم يعرفونني منذ سنوات وكأني أيضا أعرفهم منذ أعوام ،أشكالهم مألوفه بالنسبه لي..
دعاني أحدهم للذهاب معهم قائلا
"هيا لتذهب معنا ،ستنعم هناك بحياه كريمة ،ستحقق كل ما تحلم به من أماني"
أقاطعه مسرعا وانا أرتعش خوفا 
"أذهب معكم!الي أين؟"
يجيبني شخصا أخر مبتسما و يبدو علي وجهه الطيبة والحب
"الي عالمنا الاخر ،هيا لنذهب معا الي الشجره لتلمس أحد أغصانها أو تنام في الحفره ،لتنعم بحياه أخري أنت من يلونها كما تشاء"
أستيقظ في الصباح مفزوعا عندما أتذكر ما حدث لي ليلا.أذداد غضبي بمرور الايام فما عدت أحتمل كل هذا،وأصبحت أكثر عصبيه..كلما حدثني احدأ أشتاط غضبا في وجهه بسبب وبدون سبب وأذهب الي حيث أجلس بمفردي،في أحدي المرات أتي الي أخي الاصغر ليسألني عما اذا كنت أرغب في لعب كرة القدم معه أم لا فصرخت في وجهه بصوت مرتفع ربما سمعه الجيران وليس من في البيت فقط..
"لا أرغب في شئ ..لا أريد أحد بجواري أتركوني ونفسي "
تركونى ونفسي وظلت الأفكار تتزاحم في ذهني الي أن جن جنوني وقررت الذهاب الي المنطقة المهجورة ذات الشجره الملعونة والكوخ القديم والشيخ العجوز،هممت بالخروج من المنزل وقتها كان الليل في أوله فكما قال جدي وأصدقائه ما يحدث من غرائب يحدث ليلا فقط..
"سأذهب ولن أعود الي أهلي وأصدقائي ،سأعيش بين أهل غير أهلي..حقا سأعود الي المنزل مره أخري لا لا الأفضل أن أعيش في إطمئنان بين أهل غير أهلي علي أهل أعيش مفزوعا بين اهلي"
هكذا حدثتني نفسي الي أن وصلت الي المنطقة المهجورة،كان الطريق حقا طويلا لكن هواجسي ومخاوفي هي من رافقتني وهونته او صعبته ربما .. 
عند أول المنطقه أخرجت المصباح الذي احضرته معي لان المكان كان حالك الظلمه وقبل أن أصل الي الشجرة الملعونة وأمسك بأحد فروعها لأنسحب الي عالم أخر او أنام في الحفره التي تسع إنسان،خرج علي من داخل الكوخ شيخ عجوز جدا يتكأعلي عصا ويتحرك بصعوة بالغة ..
"من هناك هل من أحدا هنا؟"
هكذا قال العجوز الذي يرتدي جلباب قديم مرقع ربمامائة رقعه ،عندما رأي ضوء مصباحي ،أتجهت ناحيته قائلا أنا يا جدي أريد ان أنام داخل الحفره او أمسك بأحد فروعها لاذهب الي عالمهم لأستريح من الفزع الذي يسكنني،أبتسم العجوز وكانه ينتظرني منذ فتره وقال
"تفضل يابني لتأخذ واجب الضيافه اقترب لأتكا عليك "
دون تردد أتجهت ناحية العجوز وأمسكت بيده وانا أشعر بإطمئنان غريب ،لم يكن شكله غريبا أو مخيفا كما توقعت بل كان شخصا عاديآ مثله مثل أي شخض .. 
دار في داخلي صراع عنيف،اذا كان هذا الرجل يسخر الجن حقا ..لماذا لم يسخره ليصلح له حال معيشته لماذا لايرضي أن يعيش كريما ..الجن قادر بأن يحضر له ما يريد ،دخلنا
الكوخ القديم فكل شئ بداخله بدائي ،لمبة الجاز القديمه والبابور الذي أعد العجوز عليه كوب الشاي..أعادت الحديث عليه ،أريد أن أذهب الي عالمهم..لم يفهم العجوز فشرحت له ما يحدث معي من إضرابات منذ أن سمعت بتلك القصة الغريبة حول الشجرة الملعونة والعالم الاخر..كان رده صادما للغايه
"ليس هناك أي شئ مما تتحدث عنه يا ولدي لا يوجد جان ولا يوجد حفره تسع إنسان بطول مترين أو أكثر حقا هناك حفره و لكنها صغيره ولا تسع كلبا طوله ربع متر!هذه رويات أخترعها أهل البلده منذ قديم الزمان"
لم أصدق ما سمعت وبدا علي الدهشه والاستغراب 
"اذا كان ما قلته صحيحا فلماذا لا يعيش أحد في هذه النطقة غيرك ،ألم يهجروها بسبب الجن ؟!"
ضحك العجوز ضحكه جعلتنى أبدو مغفلا ثم قال
"لا أحد يعيش في هذه المنطقه لانها بعيده للغايه عن البلده الي جانب أن جميع المرافق لا يمكن أن تصل الي هنا فكما تري أمامك المكان عباره عن صحراء لا يوجد بها شئ سوي هذا الكوخ الذي أسكنه وهذه الشجره العتيدة التي لم تمت حتي الان ..ماتت جل النباتات التي كانت هنا وظلت هذه الشجره منذ مئات السنين ولولا الضوء الذي أشعلته لما رأيتك "
أحس العجوز أني مازلت لا أصدقه فربت علي كتفي قائلا 
"هيا لتري بنفسك الشجرة والحفرة "
أرتعدت خوفا مما سمعت وشعرت أنه سيغرر بي..
لكن ذكاء العجوز جعله يقول لي
"لا تخف يابني فانا لا أسخر الجن وأن كنت حقا كذلك كنت سخرته ليوصل لي المرافق أو حتي يقضي لي حاجاتي الضروريه فكما تري انا أعيش وحيدا منذ عشرات السنين "
شعرت بإطمئنان لكلام العجوز وهممت لأساعده أمسكت بيده لكي نصل الي الشجره وأمسكت بيدي الاخري لمبة الجاز لتنير لنا الطريق وعندما وصلنا هناك تأكدت من صدق العجوز بعد أن أخرجت المصباح من جيبي لأري الحفره التي لاتسع حتي كلبا صغيرا ولمست فروع وأغصان الشجره ولم أذهب الي العالم الاخر ..وعدت الي أهلي ومنزلي في نفس الليله ،ومنذ ذلك اليوم وانا أداوم علي زيارة الشيخ العجوز وأقضي له حاجاتة الضرورية ونجلس تحت الشجره التي يبلغ أرتفاعها مائة متر ويمتد ظلها لأكثر من مائة خمسون مترا في أخرالنهار..
في إحدي الليالي أستيقظ والدي في منتصف الليل علي ضجيج بداخل غرفتي فأسرعا اليها ليجدا الغرفة خالية من الأشخاص ،ومن أي شئ يدل علي أن هناك أحدا كان هنا،بينما انا كنت مستغرقا في نوم عميق.


0 تعليقات:

إرسال تعليق