أحمد محجوب
بخصوص مجزرة ترحيلات أبو زعبل، أيوه بقول مجزرة ببساطة، بس اسمع مني للآخر:
مبدئياً دي مش أول مرة تحصل حاجة زي كدا، بدأت مع الثمانينيات، حصلت هجمات من ذات النوع لتحرير سجناء الجهاد والجماعة الإسلامية، كلهم كانوا بيهاجموا سيارات الترحيلات، خلينا نقول أمثلة محددة شوية (ياريت ما تكونش ذاكرتي خانتنتي في بعض التواريخ).
عقب أحداث 8 أكتوبر بتاعت أسيوط، حاولت مجموعة من الجماعة الإسلامية تنفيذ عملية نوعية لـ«فك أسر المجاهدين»، وقتها حاولوا اقتحام مركز ترحيلات في ديروط على ما أذكر، ووقتها كمان كان فيه تعاون كويس مع تجار مخدرات ليهم محكومين كانوا هايترحلوا لسجن أسيوط بعد جلسة الحكم.
الهجوم دا تم دون تعاون من المعتقلين والسجناء انفسهم، ما كانوش يعرفوا بالقصة أصلاً، طبعا كانوا الهجوم كان فاشل من كل النواحي، بدأ الهجوم بالآلي في وقت الترحيل، انتهى الهجوم بقتل مجموعة من الجنود والسجناء، وفرار 3 فقط من الجماعة الإسلامية (من أصل أكتر من 15)، وغالبية تجار المخدرات، الوفيات وقتها كانت في الشرطة بدرجة أكبر.
بعدها الداخلية، كانت عايشة فوبيا هروب المسلحين، خاصة في الصعيد، كان فيه تار بايت بينهم وبين العائلات الكبيرة اللي عيالها اتمسكوا، وأتذكر إنه في قنا الداخلية اضطرت في التسعينيات (أيام عبد الحليم موسى صاحب الصفقات الشهيرة)، إنها تسلم ضابط برتبة ملازم، لعائلة في نجع حمادي، ليوقفوا الهجوم على الضباط (كانوا بيخطفوا العساكر بتوع الأمن المركزي).
في المنيا، ومن مركز دير مواس، كانت مجموعة اتمسكت، عددها كان على ما سمعت من معتقلين سابقين حوالي 25 شخص، بس اللي اتضح لي إن القبض كان عشوائي، يعني المنظمين أصلاً كانوا 6 فقط، والباقيين اتمسكوا «غشومية وغل».
أثناء الترحيل من المحكمة – لم يكن هناك حكم قد صدر- بدأ الهجوم على طريق زراعي مرت فيه العربية، وقتها الداخلية قتلت كل السجناء اللي في العربية، الضباط كان عندهم تعليمات شفوية بتصفية المعتقلين إذا وجدوا إنهم ممكن يهربوا.
في عهد زكي بدر (استمر حتى 1990 على ما أذكر)، كانت التعليمات واضحة، الضرب في المليان أمام أي محاولة للفرار، وحصلت مجازر شهيرة، منها مثلاً مجزرة معتقلي قرية كحك بالفيوم (شوقيين)، ومجزرة ساحل سليم في أسيوط (جماعة إسلامية).
بشكل واضح، كانت الداخلية في الفترة من 1986 وحتى 1993، بتقتل وتدفن، كانت فيه تصفية رسمي في رحلات نقل المعتقلين، بعضها تم حتى دون محاولات تهريب، وحتى الآن لدي شهادات مسجلة لمعتقلين سابقين، تحدثوا عن «دفن» جثث القتلى في الطرق للسجون، بشكل لا أجد له تعريفاً سوى مصطلح «المقابر الجماعية».
في 2008، كان حلمي (ولا يزال)، أن أحول هذه الشهادات إلى رحلة بحث عن تلك المقابر الجماعية، خاصة على طريق المنيا بني سويف، وفي الظهير الصحراوي للفيوم، لأن الشهادات مرعبة.
في 2011، وثقت (بمساعدة هائلة من الصديقة ماجدة بطرس التي كانت تعمل في المبادرة المصرية للحقوق الشخصية)، مقتل أكثر من 70 شخص في سجن وادي النطرون، ودفنهم في المحيط الصحراوي للسجن، سجلت أكثر من 25 مكالمة تليفون مع سجناء، وأكثر من 17 شهادة للأهالي، وأعددت ملفاً من صفحتين بهذا الخصوص، لكن للأسف الشديد لم يتم نشره (والحقيقة ولا رفض نشره، فقط تم تجميده منذ مارس 2011، ولمدة 5 أشهر)، ومن وقتها حتى اليوم، ومع عملي لأعوام على فكرة المعتقلين، أقدر أقول بضمير مطمئن إن التالي حصل:
1- الهجمات لتحرير المعتقلين ممكن تكون حصلت بالفعل، وربما فعلاً يكونوا احتجزوا ضابط (حصلت قبل كدا في مرتين في منطقة طرة للسجون المركزية، وفي سجن أبو زعبل نفسه من جنائيين وسياسيين).
2- تعامل الشرطة استلهم نموذج زكي بدر، صفيهم أحسن ما يهربوا.
3- الفيصل في المسألة كلها إن حياة المحتجز داخل منشأة أو تحت ولاية دولة، هو مسئولية السلطة، ووفاته (حتى لو بعدم توفير العلاج للمريض منهم)، هو قتل واضح.
4- تقديري أيضا، وحسب ما أعرف ستلجأ الشرطة لاستدعاء النيابة، والاستماع لشهادة الضباط (وجميعها مجروحة)، ولن يتم القبض على أي من المهاجمين لسماع شهادته (الطرف الثاني)، وهايجيبوا وأهالي تشهد بالهجوم (وهو فعلا مرجح إنه حدث)، وكمان يجيبوا جنائيين يشهدوا إن تبادل إطلاق النار أدى لقتلهم برصاص المهاجمين، أو أن بعضهم اختنق بالغازات إلخ.
5- الحل الوحيد لإثبات حق الـ 38 اللي قتلوا في الترحيلات، في يد الإخوان وحدهم للأسف، ساعتها هايكون عليهم الدفع بمن يقدم شهادته عن الواقعة، بس بكدا هما هايعترفوا بتنظيم هجوم مسلح على منشأة شرطية، والشرطة عارفة دا كويس، وعارفة إنه بالشكل دا آخر الضباط إن ممكن واحد منهم يلبس خصم 3 أيام، أو يتنقل بعضهم لحمايتهم.
6- للأسف في كل السوابق اللي كانت قبل كدا، لم ينجح التحقيق في التوصل لا إلى شخصية من قاموا بقتل السجناء (الغالبية اتكيفت شيوع جريمة)، ولا حد قدر يقتص من الشرطة.. المطلوب مش السكوت، المطلوب هو إلزام الداخلية بوجود مدني لا يخضع لها، ومن خارج منظومة الدولة، يراقب عمليات الترحيل وأحوال السجناء، بس للأسف دا حل لن يأتي الآن.


0 تعليقات:
إرسال تعليق