Ads

وماذا عن الإعلان الدستوري؟!

بقلم/ عبدالحميد شومان
يحق لنا أن نقول إن عبور مصر محنة حكم الإخوان المسلمين في30يونيو هو العبور الثاني العظيم بعد عبور المصريين قناة السويس لتحرير الأرض في أكتوبر1973,فمن يتأمل مشاعر الارتياح والفرح والفخر التي اجتاحت المصريين الذين نزلوا للشارع مطالبين بالتغيير وماحققوه من استعادة ثورة25يناير من خاطفيها لن يخطئ تقدير الثقل الحقيقي لتمرد30يونيو...إنه لم يكن مجرد انفجار بركان الغضب في مصر بل امتد ليكون بمثابة زلزال هائل هز بعنف أركان جماعات الإسلام السياسي في المنطقة والعالم ودفعها لأن تعيد حساباتها وتراجع استراتيجياتها التي طالما سولت لها التآمر علي الشعوب والأوطان والاستبداد بها.
والآن تخطو مصر بثقة وأمل نحو تفعيل خريطة الطريق التي رسمها بيان القوات المسلحة من أجل إدراك التحول الديمقراطي, فصدر الإعلان الدستور الذي يحدد ملامح تسيير شئون البلاد حتي يتم تعديل دستور2012 المعطل,كما تم تشكيل الحكومة الجديدة التي أشاعت برئيسها ونوابه ومستشاريه ووزرائه روح التفاؤل لدي جموع الشعب...ولا يفوتني أن أسجل بعض الملاحظات العفوية التي صدرت عن المصريين تعبيرا عن فرحتهم بالتغيير,فبعد الخطاب الأول للرئيس عدلي منصور-وهو خطاب تميز بالوقار والرزانة والاقتضاب-هتفت مواطنة:أيوه كده...أخيرا بقي عندنا رئيس ورجعتلنا الدولة,وأيضا بعد انتهاء مراسم حلف اليمين لأعضاء الحكومة الجديدة قال آخر:يا سلام علي وزراء الحكومة شكلهم يفرح ويدعو للثقة وإحنا كنا في كابوس وانزاح!!
وإذ أقول ذلك أعود لأذكر الجميع أن التحديات لاتزال قائمة ولا ينبغي أبدا أن يعود كل منا إلي بيته محتفلا بنجاح الانتفاضة الشعبية وعودة مصر إلي الطريق الصحيح,فهناك عمل مهم وجهاد متواصل لمتابعة مراحل خريطة الطريق والمشاركة فيها حسب موقع كل منا,ثم الاصطفاف أمام صندوق الاستفتاء والانتخاب لإعلان إرادة الشعب وللحيلولة دون إعادة اختطاف ثورته مرة أخري لحساب أي جماعة لاتنوي خيرا بهذا الوطن...وأظن أنني في غني عن تحذير المصريين من أن أي استهانة بالمرحلة المقبلة سواء كانت بدعوي الارتياح والاطمئنان أو بسبب التشرذم والفرقة السياسية ستكون نتيجتها كارثية إذا أفضت إلي السماح بعودة منابر الإسلام السياسي-الأكثر تنظيما وحشدا أمام الصندوق-إلي تقلد السلطة إما بالدستور أو بالبرلمان أو بالرئاسة...واسمحوا لي أن أختم التحذير بأن أقول:30يونيو وحركةتمرد لايمكن أن تكون سيناريو يجري تكراره إذا فرط هذا الشعب في ترسيخ إرادته من خلال صندوق الانتخاب,ولايمكن أن نراهن علي أن القوات المسلحة سوف تتولي بنفسها تصحيح المسار الديمقراطي مرة تلو أخري إذا كنا نحن لا نكترث ونسمح للقلة منا أن تقفز علي هذا المسار وتعبث به.
في هذا الإطار يجب أن نكون يقظين وفاحصين لكل مايحدث علي الساحة ضمن خريطة الطريق,ولعلي أبدأ بقراءة في بنود الإعلان الدستوري الذي صدر منذ أسبوعين حيث تجدر الإشارة إلي أن البعض يعتبره مؤشرا للتوجهات التي سيتم تفعيلها في تعديل دستور2012,الأمر الذي يحتم تسجيل ردود أفعالنا تجاهه حيث يبرز الآتي:
**لم يهدر الإعلان الدستوري وقتا ولم يحاول التجمل أو التمهل فقام بصفع الأقباط -بل والمسلمين أنصار الدولة المدنية الحديثة-بما تضمنته مادته الأولي من مضمون المادة(219) في دستور 2012, وبعد أن كان هؤلاء يتطلعون إلي إلغاء المادة (219) التي أدخلت عنوة في دستور2012 في مناورة مكشوفة من جانب الإخوان والسلفيين للالتفاف حول رفض الأزهر تعديل المادة الثانية,إذ بواضع الإعلان الدستور يأتي بمضمونها إلي المادة الأولي,الأمر الذي عكس صحة الشكوك بأن هناك مجاملة سياسية للسلفيين ما كان لها أن تكون علي حساب الأقباط-وأكرر والمسلمين أيضا-لتحويلمبادئ الشريعة الإسلامية إليأحكام الشريعة الإسلامية كمصدر رئيسي للتشريع!!!....إذا أستطيع أن أقول إن المعركة بدأت مبكرا ولا مفر من المواجهة ودعونا ننتظر ونري ماذا تفعل لجنة تعديلات الدستور في هذا الشأن؟!!
**في المادة العاشرة يعود شبح الصفقات مع الإسلاميين والسلفيين ليطل بوجهه في الفقرة الأخيرة التي تنص علي:...ولا يجوز قيام حزب سياسي علي أساس التفرقة بين المواطنين بسبب الجنس أو الأصل أو الدين.......وقد أصابت هذه الفقرة كل الذين يدعون بحظر الأحزاب الدينية بالإحباط,فبدلا من النص علي هذا الخطر بصراحة وصرامة نجد شبهة التلاعب بالكلمات بخطر التفرقة بين المواطنين بسبب الدين في قيام الأحزاب,لأنه لا يخفي علي أحد أن في ذلك المنحي يترك الباب مفتوحا لتمرير الأحزاب الدينية التي تدعي أنها ترحب بعضوية جميع المصريين وبذلك تكون غير مفرقة بينهم!!!...هنا أيضا يجب أن نرقب ماذا تفعل لجنة تعديلات الدستور وهل ستخطو خطوة إلي الأمام أم خطوات إلي الخلف؟!!
**هناك ملحوظة هامشية علي المادة الحادية عشرة حيث تكررت في فقرتها الأخيرة ذات العبارة الواردة في المادة السابعة والتي تنص علي:حرية الرأي مكفولة ولكل إنسان التعبير عن رأيه ونشره بالقول أو الكتابة أو التصوير أو غير ذلك من وسائل التعبير في حدود القانون... وبينما تتسق هذه العبارة مع المادة السابعة أجدها خارج سياق مضمون المادة الحادية عشرة التي تتناول الملكية العامة والخاصة,مما يترك شبهة السهو في ذلك التكرار.
***علينا جميعا أن نتابع بكل اهتمام مايجري بشأن تعديلات الدستور لنستطيع بلورة موقفنا وتوحيد صفوفنا عندما يحين موعد ذهابنا للاستفتاء عليه.

0 تعليقات:

إرسال تعليق