Ads

الفــن والبيئــــة


بقلم / عــدي علــــي حمـــــاد

من المعروف والبديهي أن الإنسان ابن بيئته ونتاجها والمعبر عنها بكل أوجهها ومكوناتها الطبيعية أو النفسية أو الاجتماعية أو البيئة الصناعية أو المصنعة . والفنان بشكل خاص يتفاعل مع البيئة المحيطة به ويستخلص منها ما يحتاجه ويحرر المعنى والأفكار وفق رؤيته في أشكال ورموز أكثر ابتكاراً , ويمكن لنا القول بأن جدلية البيئة والإنسان ( الفنان ) تعود الى نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين حيث قام الفنانون الانطباعيون بإعادة تنظيم العمل الفني من خلال طروحات تمحورت حول النور وانعكاساته وعلاقته بالبيئة المحيطة .
وقد قام الفنانون باستثمار كل ما تقع عليه أيديهم من خامات متيسرة في بيئتهم من خشب , قصاصات جرائد , حصى , رمل , نشارة خشب , جبس ومعادن أو مخلفات معدنية مبتعدين عن الشكل التقليدي للوحة الفنية وأصبحت قريبة من القطع النحتية فبذلك بدأ عصر جديد واتجاه جديد هو البنائية . وقد استهوى هذا الاتجاه الكثير من الفنانين منهم ( بابلو بيكاسو ) فقد أنتج عدة أعمال مستخدماً الورق المقوى والخشب والصفائح والمخلفات المعدنية .
فالفـن البيئي في الأسـاس يعتمد على تقنية التجميع والتركيب إذ يتم تركيب أشياء لا قيمة لها ليضفي عليها دلالات جديدة وتحويلها الى مدرك بصري جديد معطياً لها قيمة جمالية ففي هذا الاتجاه الفني نـرى البحث عـن وسائل الاقتران الذاتي مع البيئة ومكوناتها المحيطة بالإنسان للوصول الى حالات جمالية تطرح مفاهيماً جديدة وأفكاراً لا تقليدية , وبذلك فقد نـزل الفنان بفنه عن البرج العاجي الذي بقي ساجناً نفسه فيه لمئات بل آلاف السنين والمواد الخام وأبعاد وحدود العمل التقليدية التي ألتزم بها على مر العصور, فقد بدأ بالتعامل مع البيئة وتفاصيلها ومكوناتها ومخلفاتها وآلاتها في طرح مفاهيم وأفكار جديدة على شكل مدركات بصرية ( لوحات واعمال ) فهو يدعو الى ثقافة بصرية تركيبية معاصرة برداء جمالي تأملي.
إذاً فالبيئة من أهم العناصر الفاعلة في الفن المعاصر لما لها من تأثير متبادل وعلاقة ترابطية بينها وبين الفنان المنتج . 

0 تعليقات:

إرسال تعليق