هيام محي الدين
وسط معاناة انقطاع التيار الكهربي وأزمة البنزين والسولار وطوابير السيارات أمام محطات الوقود وغلاء غير مسبوق للمواد الغذائية وكافة السلع الضرورية ، وغضب عارم شمل كل فئات الشعب بكل طبقاتها استطاع من خلال حملة تمرد جمع خمسة عشر مليون توقيع تطالب بسقوط الجماعة والرئيس وتسحب منه الثقة ، وبعد تحذير حازم من الجيش باستعداده لحماية الشعب المصري أن يستجيب الرئيس ومرشده الأعلى لبعض مطالب الناس أو على الأقل يعد بالاستجابة أو يكاشف الأمة ببرنامج زمني لحل مشكلاتها وأزماتها وانقسامها الذي أوصلتنا إليه سياسات أهله وعشيرته الشديدة الغباء والفشل والقصور فكان خطابه مصداقاً لقول أمير الشعراء لرياض باشا الذي كان رئيساً لوزراء مصر وعميلا للإنجليز فخاطبه شوقي قائلاً:
خطبت فكنت خطبا لا خطيباً .. أضيف إلى مصائبنا العظام
فأقل ما يمكن أن نصف به خطاب المهندس محمد مرسي أنه يفتقد إلى الهندسة ويتسم بغباء سياسي لا حدود له فبدلاً من أن يقنع الرئيس الشعب بأنه يعمل لحل ما يعانيه من مشكلات اكتسب مزيداً من الأعداء والمعارضين والرافضين ابتداء من عمال الكهرباء وحتى القضاة مروراً بالإعلاميين وأصحاب محطات البنزين وكبار الكتاب والصحفيين والفنانين والمبدعين والأحياء والميتين فسب الجميع وهددهم بالويل والثبور وعظائم الأمور ، معتمداً على الكذب والافتراء والإفك الذي تدعيه جماعته وحلفاؤها أن من يعارضهم إنما يعارض الإسلام وأن الصراع الذي ويخوضونه جهاد ودفاع عن الدين ، وهذه الكذبة الكبرى التي يحاولون بها خداع السذج والبسطاء ويجتذبون بها المتشددين والمتطرفين والعنصيرين لم تعد تخدع أبناء هذا الشعب الذي لقى على أيديهم في عام واحد من العنت والمعاناة ما لم يشهده تاريخه الحديث في القرنين الماضيين ، إن ثورة الشعب وغضبه يا سيد مرسي ضد فشلك كحاكم وليس ضد الإسلام كدين فأنت أول من خرج على قيم الإسلام وأخلاقياته ومبادئه أنت وجماعتك تتصفون بالكذب وتمارسون الطغيان وتحنثون بالإيمان وتخونون العهود وتتسمون بفجر الخصومة وتزوير الحقائق وسب معارضيكم بأقذع وأقذر ما تحويه اللغة من ألفاظ ، وتكفرون المؤمنين وتخلطون خلطاً ساذجاً غبياً بين الرأي السياسي وبين العقيدة الدينية وتصنعون من أنفسكم آلهة تمنح الغفران وتضع قواعد الإيمان وتحتكر الأديان وتكفر عن يرفضون الطغيان وتدفعهم بقرارات الحرمان من رضا الرحمن كأنكم كهنة الأوثان الذين خدعوا الناس عبر الزمان بخرافة أنهم من يملكون مفاتيح الآخرة ويقسمون النقمة ويمنحون الرضوان ؛ من أنتم لتدعوا لأنفسكم كل هذا السلطان ، أليس حلفاؤك من الجهادين والسلفيين هم من كفروا منن يخرج على مبارك ، ويكفرون اليوم من يعارضك أليسوا من أشعلوا الفتنة الذهبية تحقيقاً للأهداف الأمريكية وقتلوا السياح في عهد مبارك والشيعة في عهدك ، لقد سقط من المصريين في عهدك البغيض غير السعيد أكثر من مائة قتيل استشهد في سبيل استعادة ثواره شعب مصر وتحقيق أهدافها والحد من تسلطك وجماعتك عليها واليوم وقد وضحت صورة الرفض لحكمك ولجماعتك ولفشلك الفاضح في ممارسة الحكم وسقوط البلاد في هوة من الضياع اقتصادياً وثقافياً وسياسياً وفقدان مواردها وانهيار مكانتها على أيديكم غير الكريمة.
أتظن أن عدة آلاف من السذج والمغيبين الذين يحتشدون في ميدان رابعة العدوية قادرون على حمايتك من غضبة الملايين أتظن أن تصدير كلمة الشريعة والشرعية في المشهد الحالي سوف تدافع عنك بعد أن أنكشف كذبك وحنثك وخداعك عن أي شريعة تتكلمون وأنتم تخرجون عن مبادئها وأخلاقياتها وتأكد الشعب أنكم ضالون مضلون.
لا تسلني أين كنا .. أين أصبحنا وكيف .. لا تسلني ما الذي مزقنا رأيا وصفا .. سل جموع الشهداء .. سل جموع الأبرياء .. سل أباضيف وجيكا ثم مينا .. سل دماء في الميادين وفي شبرا وسينا .. سل قوناً تاجرت بالدين والإيمان فينا .. ضل من يحسب يوماً أن للإخوان دينا.
لقد اكتسبت عداوة كل وطني يغار على هذا الوطن ، كل مصري يعتز بتاريخه وحضارته ومكانة بلاده وأمجادها ، اكتسبت عداوة كل مسلم مستنير حر من المصريين وكل قبطي ناضل من أجل عزة الوطن اكتسبت عداوة كل إعلامي ناجح وكل قاض عادل وكل فنان مبدع وكل أديب مقنع وكل شاعر رائع وكل مفكر مستنير وكل وطني مخلص ولا يقف إلى جانبك سوى فكر متخلف وإرهاب متعصب وجاهل ببغائي ألغى عقله وأغلق عينيه ، وعشق الظلام وقدس المخلوق الزائل وارتضى بالعبودية والتبعية ، وعادة مصر تقهر فاهر بها وأنت بخطابك المستفز لكل فئات الأمة تعجل بنهاية حكم جماعتك الغبية ومشدها الطاغية.
فلابد للصبح أن ينجلي .. ولابد للقيد أن ينكسر
وإن غداً لناظره قريب
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق