الأحد، 9 ديسمبر 2012

الأم تعتصر وتوبخ أبنائها


بقلم المستشار / طه حسين أبو ماجد

لكم وافر تحياتي يا أبنائي الأعزاء ..يا من افترشتم أرضي والتحفتم بسمائي, ترعرعتم في خيري, وارتويتم من مائي. أحبائي أبنائي, مسلمكم وقبطيكم, إخواني وليبرالي, أسماء سميتموها وصفات أنفسكم وصفتموها, لم أصنفكم يوما, وحدت بينكم دوما, تباينت صفاتكم واختلفت عقائدكم , تباعدت أفكاركم وأيدلوجياتكم, تقاربتم, تباعدتم, اتفقتم,اختلفتم، أنتم على أرضي وفي قلبي.. أنا مصر أمكم, لا فارق بينكم, سواء عندي كلكم, غرسي أنتم  ونبتتي, حناني أحاطكم, نخوة وعزة وكبرياء أرضعتكم, جيناتي الطيبة حملتكم, أعطيتكم وأجزلت عطاءكم, أكرمتكم وزدت كرمكم, اقتطعت من نفسي وأعطيتكم, لم أبخل عليكم يوما.. فأنا مصركم أمكم. 
حنوت عليكم صغارا, وسعدت بكم رجالا, رقصت فرحا وطربا بثورتكم, أخوة متحابين متحدين, نابذين خلافاتكم واختلافاتكم, زهوت بنفسي وبكم, أبنائي على قلب رجل واحد, هدف واحد, فكر واحد, يدا واحدة, تزيلون تراب وجهي, أستعيد  بكم عزتي, كبريائي, كرامة مصر أمكم, رفعت رأسي  زهوا, والعالم باهيت بكم.
زرفت  دمعة على شهيدكم, وحنين قلبى أحاطكم, وفي أعين العالم نظرتكم, وشعوبه يكبرونكم,غارت منكم الأمم فصارت على دربكم, واندلعت ثورات جواركم, لم تشبه ثوراتكم, فأنتم أبناء مصر وهي أمكم. 
أبنائي الأعزاء ماذا أصابكم!؟ تفرقتم بعد جمعكم.. يميني, يساري, إخواني, ليبرالي, مسلم, مسيحي. ذهبت ريحكم, تفرقت سبلكم, تغلبت مصلحتكم, واختلفت أهدافكم,  أهلتم التراب على أمكم, وفي صميم القلب جرحكم, مكلومة أنا بفعلكم وفرقتكم وظلمكم. 
أبنائي الأعزاء.. مصركم أمكم تلوذ بكم, طريحة الفراش, جراحها غائرة, عليلة تئن روحها, ضمدوني, دثروني, أمكم عارية أزحتم عني غطائي ورفعتم حجابي, كشفتموني وعيون العالم ناظرة نظرات طامعة, هانت عليكم أمكم مصركم, أنا لم أقصر يوما في حقكم, أي عار عليكم أن تفرطوا في مصركم. 
أبنائي الأعزاء لا شكر لكم, ثكلتكم أمكم, إن لم تسمعوا نداء مصركم, وتمسحوا دمعة أمكم, مصر تستغيث بكم، وحدوا شملكم, عودوا لأصلكم كي أباهى وأفخر بكم، وإن لم تعودوا فأنا مصر في قرآن السماء آمنة (ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين). 
وسأظل واحة الأمن والأمان على مر الزمان, لن تغيب شمسي أو يندثر ذكري. أرض الأنبياء, تاريخ شاهد على مجد الأجداد, خلدوني وفي واجهة الدنيا والزمان رفعوني, شامخة قوية عزيزة أبية, مزارا وقصدا لكل أهل الأرض. إن جنحتم فاعلموا أن فرعونكم جنح وظلم وفسد وذهب وأنا مصر الباقية, وكم من فراعين تعاقبت طواهم النسيان وبقيت أنا شاهد على الزمان. 
أبنائي الأعزاء عودوا – وإن لم تعودوا فاذهبوا بأحقادكم وظلماتكم, لن تكونوا إلا صفحة  سوداء في تاريخي, ينساكم الزمان ويطويكم النسيان, وأظل أنا مصر أم الدنيا إن طلح لها ابن.. صلح لها أبناء.

-->

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق