Ads

ماتيجوا ننسى الإستفتاء ونستعد للإنتخابات


كتب/ عبدالحميد شومان

يا ريتنا كنا قاطعنا مهزلة الاستفتاء، ولم نشارك فى هذه اللعبة السخيفة».. هذه الكلمات كتبتها إحدى الفتيات على صفحتى على الفيس بوك بعد لحظات من معرفتها ان نسبة الموافقة «غير الرسمية» على الاستفتاء زادت على 63٪. 
ويبدو أن رأى هذه الفتاة سيمثل اتجاها عاما سنسمعه كثيرا فى الأيام المقبلة، على هؤلاء أن يتريثوا قليلا حتى لا يصابوا باليأس. 
لا استطيع أنا أو غيرى ان نقيس فى اللحظة الراهنة حجم الانتهاكات الانتخابية، ويحتاج الأمر إلى أدلة مادية لفضح التزوير إذا كان قد حدث فعلا. 
لكن وحتى لو كان هناك تزوير فإن مجمل ما حدث لم يكن تمثيلية وبالقطع لم يكن لعبة سخيفة. 
كثيرون صاروا يدركون أن اسوأ خيار فى العمل السياسى هو ان يريح الإنسان أو الحزب نفسه ويقاطع ثم يصرخ بأعلى صوته «الحقونا»، المقاطعة خيار اضطرارى عندما تكون هناك سلطة غاشمة وثبت أنه لا أمل فى إصلاحها. وهذا التوصيف يصعب القول انه ينطبق على إدارة الرئيس محمد مرسى الآن لأننا لم نختبره اختبارا عمليا طويلا. 
ثم إذا كانت المعارضة قد خاضت الانتخابات فى عز سلطة حسنى مبارك القمعية، والتى كانت تتخذ من التزوير والتزييف منهجا ثابتا، ألا يحق لها أن تشارك فى انتخابات ما بعد الثورة، حتى تتبين على الأقل حقيقة الخريطة السياسية والانتخابية؟. 
البعض يعتقد أن الديمقراطية سلعة نشتريها مصحوبة بضمان كامل لا نهائى. وهذا وهم كبير، فنزاهة الانتخابات مثلا تحتاج أولا إلى قوى سياسية على الأرض، تقنع الناس بأفكارها وتحشدهم فى لجان التصويت، وتدافع عن الصناديق بأجسادها إذا حاول البعض العبث بهما. 
أحيانا تنتكس الديمقراطية إذا تخاذل الشعب عن حمايتها مثلما حدث فى ألمانيا فى أوائل الثلاثينيات من القرن الماضى حينما نجح أودلف هتلر فى توجيه أصوات الشعب لإقامة حكومة نازية، أو كما كاد يحدث فى فرنسا قبل سنوات قليلة حينما وصل المتطرف جان مارى لوبان إلى جولة الإعادة أمام جاك شيراك لولا يقظة الشعب فى اللحظات الأخيرة. 
نزاهة الانتخابات تحتاج عملا دائما ودائبا وتحتاج كوادر ومتطوعين مستعدين لدفع أثمان غالية لا تقتصر على السجن والتشريد، بل تصل للتضحية بالنفس.
على المعارضة ان تفضح بكل السبل الممكنة عمليات التزوير التى تمت وتوثقها، وتذهب بها إلى القضاء حتى ينال المزورون عقابهم. 
لكن المسار الأهم هو ان تبحث المعارضة سيناريو افتراضيا ان التزوير لم يحدث، أو حدث لكن بحجم لا يؤثر على النتيجة النهائية، وان هذا هو بالفعل مزاج الناخبين الآن. 
المطلوب ان تبدأ هذه المعارضة فورا الاستعداد الجاد للانتخابات النيابية. 
لو جاز لى ان أنصحهم، فعليهم أن يناضلوا لإقرار قانون انتخاب ديمقراطى، وبالتوازى معه اختيار مرشحين يستطيعون المنافسة، وتوجيه كل كوادرهم إلى الدوائر الانتخابية لإقناع الناس بأفكارهم وبرامجهم. 
أسهل خيار ان تدعو المعارضة إلى مليونيات كل ثلاثاء وجمعة أو حتى كل اثنين وخميس، لكن ذلك وحده لا يضمن الحصول على مقاعد فى البرلمان
صحيح أن نسبة المشاركة فى الاستفتاء لم تتجاوز 33٪ لكن يصعب القول تماما ان ما حدث مهزلة أو لعبة سخيفة. 
المهزلة الحقيقية ان نتقاعس عن فضح التزوير إذا حدث، وان نكتفى بالصراخ أو العمل الموسمى أثناء الانتخابات 
لو ان هناك ميزة واحدة مما حدث فهى ان هناك العديد من المواطنين المصريين «الثلث على الأقل» مستعد للانخراط فى العملية السياسية والانتخابية. هؤلاء الذين ذهبوا إلى لجان الاقتراع وقالوا «لا» ينتظرون أحزابا وقوى سياسية، تستوعبهم، لنبدأ حياة سياسية حقيقية قائمة على البرامج وليس على المظاهرات والاعتصامات فقط

-->

0 تعليقات:

إرسال تعليق