هالة برعى
يرى البعض أنه ليس من العدل والإنصاف الحكم على أداء الإسلاميين في مصر بهذه السرعة فى الوقت الراهن بعد وصولهم الى سدة الحكم عبر إنتخابات مشكوك في نزاهتها ,كذلك لا يمكن القول أن هذا الحكم الذي يشكل مرحلة إنتقالية جعل الإسلاميين في مصر يركزون على المرحلة المقبلة ودستورها الدائم وإنتخاباتها أكثر من محاولاتهم التغلب أو بمعنى أدق إيجاد حلول مناسبة وسريعة للكثير من المشكلات الحياتية والإقتصادية والإجتماعية التي إضطرت الملايين للإنفجار والثورة على النظام السابق.
لقد إعتمد الاسلاميون في مصر على خبراتهم المعروفة والمتجددة دائما فى مجال الترويج الدعائي في مواجهة منافسين محتملين سواء في إعداد دستور المرحلة القادمة أو في الإنتخابات المقبلة ليعتبروا أن المواجهة ستكون مع تيارات الدولة المدنية والأحزاب التي تدعو إليها.
هنا يتضح خطأ هؤلاء الإسلاميين الذين أعلنوا أنهم مع دولة القانون والتعددية الحزبية وتداول السلطة سلماً عبرالإنتخابات الحرة غافلين أن مثل هذه المبادئ هي نفسها التي تحكم قواعد عمل تيارات الدولة المدنية وأن التحالف في المرحلة الإنتقالية ينبغي أن يتشكل مع هذه التيارات بعينها وذلك من أجل إرساء المبادىء الدستورية المناسبة التي تضمن للجميع الوصول الأمن إلى تحقيق دولة القانون والتداول السلمي على السلطة وتمنع السيطرة على الحكم وعودة الديكتاتورية والطغيان من جديد.
ولأسباب قد تتعلق بالانتهازية السياسية و الرغبة فى السيطرة على كل مجريات الأمور كذلك لكسب ود وتعاطف شرائح مناهضة للدولة المدنية يسعى الإخوان الأن فى معظم محافظات مصرإلى إعلان أن التيارات الإسلامية الأخرى هى الشريك الأساسى المدعم لهم على الرغم من إختلاف إتجاهاتهم شكلا وموضوعا.
وقد أبدى بعض قادة الإخوان نوعا من المرونة والتسامح في موقفهم مع بعض التيارات الإسلامية الأكثر تشددا خصوصاً السلفيين وغيرهم من أصحاب الرؤى المختلفة. إذ أن التسامح مع العمل السياسي السلمي شيء والتسامح مع مبادئ إقامة الدولة المدنية شيء آخر. في هذا السياق ربما يخسر الحزب الحاكم في مصر روح الجهاد الذي قام به ضد الظلم والطغيان كذلك ربما يخسر ذلك الشعار الذي رفعه لإقامة دولة القانون من أجل الفوز بأصوات أكثر من الإسلاميين المنتميين إلى التوجهات الأخرى في الإتخابات المقبلة.
كذلك وبما لا يدع مجالاً للشك فإن التيارات الجهادية فى مصر إنتعشت إنتعاشاً كبيراً ليس فقط بفعل سقوط نظام مبارك وإنما أيضاً بفعل روح التسامح الذى يتعامل به رأس الدولة الجديد حاليا الأمر الذى يبدو واضحا سواء نتيجة للعفو الرئاسى الذى صدر مؤخرا عن بعض المدانين فى قضايا إرهابية أو عبر التحفظ المقصود فى التصدي لبعض الأفكار الجهادية والتكفيرية .
وكنتيجة متوقعة إستغل المتشددون هذه السياسة إلى أقصى درجة حيث بدأت بعض الأوساط تتحدث عن إعادة تشكيل المجموعات الجهادية في مصر من جديد ونية بعضها فى تنفيذ عمليات إرهابية داخل البلاد كما حدث أثر الهجمات على مباني السفارة الأميركية كرد فعل مباشر على الفيلم المسيء وسقوط قتلى الأمر الذى أجبرت على أثره السلطات في القاهرة على التحرك لإرضاء واشنطن وبالتالى فإن ذلك يحسب على هذه السلطات وليس لها بعدما أتاحت لهؤلاء المتشددين سبل العمل والحركة.
هناك شىء أخر يتعلق بهذا الواقع الجديد وهو تلك الإتهامات المروجة لمحاولة البعض النيل من حكم الإسلاميين في مصر ومصدرها بعض التيارات المتشددة وليس تيارات الدولة المدنية. كذلك فإن هذه المحاولات والمناوشات ستبقى قائمة طالما هناك رغبة مستميتة فى الإستحواذ على كافة الدوائر الإنتخابية والسعى من أجل إحتلال مناصب ومراكز بعينها فى الحكم، فى نفس الوقت الذى تبذل فيه كل الجهود المشروعة والغير مشروعةعلى إبعاد أى من المنتمين إلى الفكر المدنى عن دائرة النفوذ والحكم.
0 تعليقات:
إرسال تعليق