نادية أحمد الطيب
باحثة دكتوراه فى العلوم الإنسانية والسياسية
لقد وصفت صحيفة “Washington post” الأميركية مصر بأنها واحدة من أسوأ دول العالم في نسبة التحرش بالنساء في الشوارع والأماكن العامة. وأضافت الصحيفة في تقرير لها تحت عنوان «في مصر.. بعض النساء يزعمن أن الحجاب يزيد من تعرضهن للتحرش» ان الولايات المتحدة وبريطانيا تحذر النساء المسافرات إلى مصر من إمكانية تعرضهن لاعتداءات جنسية ونظرات غير مرغوب فيها. وأشارت في التقرير إلى الدراسة التي أعدها المركز المصري لحقوق المرأة والتي تظهر زيادة تعرض المحجبات للتحرش حيث ثبت أن 72 في المئة ممن تعرضن للتحرش محجبات. وأشارت إلى انتشار الإعلانات في الشوارع ورسائل البريد الإلكتروني التي تدعو المرأة لارتداء الحجاب في مصر للحماية من التحرش. وقالت ان هذه الحملات تأتي في وقت يزداد فيه الجدل حول قضيتين في مصر هما زيادة الضغط الاجتماعي على المرأة المسلمة لارتداء الحجاب وارتفاع نسبة التحرش بالنساء رغم ان 80 في المـئة من المصريات محجبات، وان هناك ضغوطاً متنامية لفرض الحجاب، في ظل انتشار تأثير الأصوليين على مجتمعات الإسلامية في العالم على حد قول الصحيفة .
ولقد أعلن في مصر قبل ساعات مطالبة تحالف "المنظمات النسائية المصرية" سلطات البلاد بسن قانون يجرم كل من يمارس التحرش الجنسي، وذلك بعد ان بدأت هذه الظاهرة تنتشر في المجتمع المصري، لا سيما في فترة الأعياد، وتثير قلق كثيرين على المستوى الشعبي، وذلك تزامناً مع تشكيل لجنتين شعبيتين من قِبل حركتين نسائيتين في الأيام الأخيرة، بحسب موقع "محيط" الإلكتروني.
وقالت منسقة تحالف المنظمات النسائية نيفين عبيد: "نسعى في التحالف للضغط من أجل إقرار قانون لتجريم التحرش الجنسي، ينص على معاقبة المتحرشين سواء من الرجال أو النساء، بالحبس مدة لا تتجاوز سنة وبغرامة لا تتعدى ألف جنيه (ما يعادل 170 دولار أمريكي) أو بأحدهما، سواء كان التحرش تم بواسطة المغازلة الكلامية أو اللمس، أو من خلال المحادثات التليفونية، أو رسائل المغازلة التي ترسل عبر الهاتف النقال أو الإنترنت أو الرسائل المكتوبة أو الشفوية".
واعتبرت نيفين عبيد ان اعتماد قانون كهذا رهن بمواصلة الدولة استكمال سلطاتها، بما في ذلك إعادة انتخاب مجلس الشعب (البرلمان المصري)، منوهة بأن التحالف سعى بشكل حثيث الى التنسيق مع عدد من أعضاء المجلس لتمرير مشروع القانون قبل ان يتم حله في شهر يونيو/حزيران الماضي، الأمر الذي أبقى الوضع على ما هو عليه من الناحية العملية والقانونية.
وتضيف عبيد ان العمل يجري على التمهيد لاعتماد هذا القانون من خلال "إجراء مقابلات مع بعض الأحزاب المدنية، والتي يهمها تحقيق المساواة أمام القانون، من أجل تأسيس شبكة من المناصرين لقضايا المواطنة ومناهضة العنف ضد النساء". وأشارت الى ان تحالف المنظمات النسائية عقد لقاءات عديدة مع الجمعية التأسيسية لصياغة الدستور، وان أعربت عن خيبة أمل أصابتها نتيجة لتسريب معلومات عن المواد التي سيتضمنها الدستور، معتبرة انها لا تحول دون حماية المرأة من العنف بالشكل المطلوب.
ولقد كان صدورأول حكم قضائي يعاقب متحرشاً جنسياً في مصر عام 2008 وكان بحق مواطن تحرش بمخرجة أفلام وثائقية ويقضي بسجنه 3 سنوات. ويؤكد الموقع ان هذا الحكم ظل حالة استثنائية لعدم وجود نص في قانون العقوبات المصري يعرف التحرش بشكل دقيق ويصنفه على انه جريمة، وان الحكم اليتيم صدر بناءً على "اجتهاد من القاضي" قياساً لجرائم أخرى.
وكان "المركز المصري لحقوق المرأة" قد نشر تقريراً ألقى من خلاله الضوء على نسبة النساء اللاتي يتعرضن للتحرش الجنسي في البلاد، جاء فيه ان 83% من المصريات و98% من الأجنبيات يتعرضن له. ويشير التقرير الى ان نسبة ضئيلة جداً من هؤلاء النساء يتقدمن ببلاغات للسلطات الأمنية خوفاً من ان ذلك قد يلحق ضرراً بسمعتهن
وكانت الشوارع المصرية قد شهدت قبل أيام مبادرة "امسك متحرش في العيد"، اذ وصف القائمون على هذه المبادرة عيد الفطر بـ "موسم التحرش"، وتهدف الى مكافحة التحرش الجنسي، مما أدى الى انخفاض معدل التحرشات في تلك الفترة.
وتم تشكيل لجان شعبية بدأت تطوف شوارع العاصمة القاهرة ودور السينما والحدائق العامة ومترو الأنفاق فيها، كي يتم رصد حالات تحرش الذكور بالإناث. ويشكل 15 شخصاً نواة اللجان الشعبية انضم اليها لاحقاً 40 متطوعاً علموا بالمبادرة بواسطة موقع "فيسبوك".
وتعقيباً على مبادرات كهذه اعتبر الخبير الاجتماعي، أستاذ الطب النفسي محمد المهدي ان "من شأنها أن تروض المتحرش وتجعله يفكر مرتين قبل الإقدام على مثل هذا الفعل، وذلك لأن هناك رقابة مجتمعية ستقف له بالمرصاد، وهو ما يساعد في الحد من الظاهرة". ويلفت المهدي الى ضرورة التقليل من الإعلانات المثيرة للشهوة، كما شدد على أهمية تعديل الخطاب الديني الذي يتعامل مع المرأة على انها "جسد شيطاني شهواني يجب تغييبه عن الحياة تماماً وعزله بالكامل داخل غرف مغلقة بعيداً عن أعين الرجال الحيوانيين"، وفقاً للموقع ذاته.
0 تعليقات:
إرسال تعليق