Ads

ابو الطيب المتنبي


بقلم - فالح الحجية 

بهذه الايام المباركة يتم الاحتفال في العراق وفي محافظة واسط حصرا بذكري شاعر العرب الاكبر ابي الطيب المتنبي والذي قتل في ناحية النعمانية - محافظة واسط واسهاما مني او مشاركة انشر هذا الموضوع 
المتنبي أبو الطيب احمد بن الحسين الكندي ولد بالكوفة سنة 303 هجرية 
كان أبوه ساقياً يسقي الماء لاهالي الكوفة وقــــــــــد نشـــــــأ طموحا جدا ذو نفسية متعالية ثورية وامل قوي عزم منذ البداية وهو طفل الى نيل مناه ومن سار على الدرب وصل فطن إليه أبوه منذ الصغـــــــر فاجراه الى كتاتيب الكوفة ومجالسها وكانت الكوفة يومذاك جامعة العلم والثقافة فتعلم القراءة والكتابة وأحـــب مجالس الأدب والشعر وكان ذا فكر وقاد وقريحة ثاقبة وحافظة عجيبة فحفظ الشعر و تعلم العربية وأصولها ثم رحل في صباه الى بادية السماوة ليتعلم اللغة الفصحى البعيدة عن اللحن وبقي فيها سنتن تعلم الكرم 
و الشجاعة والشهامة العربية وحدة المـــــــزاج واحب الحرية حتى عاد إلى الكوفة وكأنه بدوي صميم وقد تفتحت منابع الشعر فيه من مناهلها الأولى منذ الطفولة
المتنبي هذا ذو النفسية العالية المتكابرة كان يـــرى كل الناس اقل منه شاءنا وانه أفضل من الملوك وأولادالملوك في ملكهم والأمراء مــــــــــن عروشهم غير هياب من احد انظر إليه في شبابــــه يقول:- 
أي محل ارتقــي أي عظيم اتقــــــي
وكل ما خلق الله وما لم يخلـــــــــق
محتقر في همتي كشعرة في مفرقي
لذا حقد على كل شيء في الزمن لعدم نيله امانيه الواسعة بل على الزمن نفسه وتمرد على دهره وعلى المجتمع والظلم الاجتماعي المخيم علـــــــــى الناس في حينه ويعود ذلك الى نفسه المجبولة على التمرد والثورة وحبه لذاته واعجابه المتغطرس بنفسه المتعاليــــــــــة اولا وللافكار القرمطيــــة التي تفهمها و التي كانت سائدة انذاك ثانيا هذه الافكار التي تحمل الردة على الدين والثورة على الاوضـــــــاع الاجتماعية السائدة يومـــــــذاك والتي لاقت صدى واسعا في نفسية هذا الشاب المراهق المتمرد على كل شىء فكان كا قيل مـن بعض دعا تها .
بعد جلاء القرامطة عن الكوفـــــــــة توجه الى بغداد حاضرة الدنيا وعاصمة الخلافة لكنه لم يستقر بها ورجع الى الكوفة ليجد جدته التي هي بمثابة والدته قد توفيت فرثاها اجمل رثاء وصب نقمته على الدهر الذي سد عليه منافذ الحرية مطلعها- 
أحـن إلـى الكـأس التـي شربت بها 
وأهـوى لمثواهـا الـتراب ومـا ضما 
سافرالى الشام سنة 321 وساح في البادية داعيا للمـــــــــــذهب القرمطي متكسبا بشعره ليعيش فيه حيث ذاع صيته في الشام وحين وصل الى حلب وكان خبره مشتهرا بها من انه شاعر فـــــذ وانه قرمطى الافكاروقدم لبث الدعاية لهذا المذهب قبض عليـــــه واودع السجن وكانت مدينة حلب يومذاك تحت سيطرة الاخشيد وواليهــــــا ابو لؤلو الغوري ولبث في السجن مدة مكابرا متعاليا متمسكــا بافكاره وارائه الاان طول مكوثه فيه و تعرضه للمرض اذل جمـــــاح نفسه المتمرده فطلب العفو وثاب الى رشده وكان الوالي الجديد لحلب اسحاق بن كيغلغ فاطلق سراحه على شرط ان يغادر حلــــب ولم يبق بها ابدا 
بقي ابو الطيب متجولا في الشــــــــام متكسبا بشعره مادحا هذا وذاك ممن يراهم دونه حتى كره هذه الحياة وبغضها وقد لبث في ا نطاكية اربع سنوات ثم غادرهــــا ساخطا على نفسه ودهره وانحدر نحو الجنوب الى طبرية فاتصل هناك ببدر بن عمـار واليها ومدحه وكان هذا وال عباسي بعد ان طرد العباسيون الاخشيد من ارض الشام ولما كثر حساد ابو الطيب على حضوته لدى بدر وكثرت الوشايات خال المتنبي نفسه في مازق فر من طبرية عائدا الى انطاكية واتصل بابي العشائر الحمداني والي انطاكية مـن قبل الامارة الحمدانية ثـــــــم توجه الى حلب مقا م الامارة الحمدانية
انقطع المتنبي الى مدح سيف الدولة الحمداني وكانت شهرته قــــــــد طبقت الافاق وقد اناله هذا الامير منزلة عظيمة منها انه كان ينشد شعره في حضرة الامير جالسا ووهبه سيف الدولة ما لم يهب بـــــه احدا من قبلـــــــه لا بعده فعاش بترف ورفاه
احب المتنبي سيف الدولة لمكانته الكبيرة عنده طيلة مكوثه عنده وقد منح الشاعر سيف الدولة قصائــــد في المدح والفخر خلدت ذكراه على مدى العصور وستبقى ولم يمدح شاعر خليفة او اميرا مثلما مدح المتنبي سيــــــــف الدولــــــة يقول:-
وقفت وما في الموت شك لواقــف 
كأنك في جفن الردى وهو نائــم
تمر بك الابطال كلمى هزيمـــــــــة 
ووجهك وضاح وثغرك باســــم
تجاوزت مقدار الشجاعة والنهى 
الى قول قوم انت بالغيب عالــــم
ولست مليكا ها زما لنظيـــــــــره 
ولكنك التوحيد للشرك هــــــازم
تشرف عدنان به لا ربيعــــــــــــــة 
وتفخر الدنيا به لا العواصـــــــم
طول بقائه وحضوته الكبير ة اكثرت الحساد والاعداء عليه بحيث اوغروا قلب سيف الدولة عليه فجفاه وتغير عليه ولم يترك المتنبي هذه الحالة فشكاها الى سيف الدولة في شعره مرات واستنجد به منهم ورجاه عدم سماع الوشايات 
الكاذبه يقول :
ازل حس الحساد عني بكبتهم 
فانت الذي صيرتهم لي حسدا
والشاعر المتنبي معتد معتز بنفسه تجد ذلك في قصيدته الميمية المشهورة والتي على كل لسان نظمها في مدح سيف الدولة وفخر بنفسه فيها وبين 
حساده واعداءه فيها يقول فيها:-
انا الذي نظر الاعمى الى ادبي 
واسمعت كلماتي من به صمــــــــم
الخيل والليل والبيد اء تعرفني 
والسيف والرمح والقرطاس والقلم
وكان اخر عهده بسيف الدولة الحمداني مجلسه بمناظرة لغوية بيه وبين ابن خالويه النحوي المعروف الذي شج وجهه بمفتاح كان معه بعد غلبة المتنبي له واجرى دمه امام مرآى ومسمع سيف الدولة ولم يحرك سيف الدولة ساكنا فغضب المتنبــــــــــي وتـرك المجلس وولى مغادرا حلب سنة 346 هجرية متوجها الى دمشق 
ثم سافر الى الفسطاط بمصر بعد ان اغروه الاخشيـــــــــد واطمعوه بالولاية ان قدم هو اليهم فذهب ومدح كافورا الاخشيدي الذي كان على راس الدولة الاخشيدية في مصر يقــول :
قواصد كافور توارك غيـــــره 
ومن قصد البحر استقل السواقيا
فجائت بنا انسان عين زمانـــه 
وخلت بياضا خلفها وماءقيـــــــا
وظل يمدحه مدة من الزمن لكنه يئس من حصوله على الولاية فعزم على السفر فاستاذن الامير كافور للسفر فلم ياذن لــــــــــه بل شدد عليه حراسته خوفا من سفره خفية الا انه عزم على السفر 
غادر مصر خلسة والناس مشغولون في افراح عيد الاضحى المبارك من تلك السنة وبعد سفره هجا كافورا هجاءا مقذعا وصـــــب عليه خزي الدهر كله وكذلك
الشعراء اذا ماغضبوا يفعلون يقول
امينا واخلافا وغدرا وخســــــة 
وجبنا اشخصا لحت لي ام مخازيا
تظن ابتساماتي رجاءا وغبطـة 
وما انا الا ضاحك من رجائيــــــــا
وتعجبني رجلاك في النعل اننـي 
رايتك ذا نعل اذا كنت حا فيــــــــا
توجه المتنبي بعد هروبه من مصر الى الكوفة مسقط راسه وفي الكوفة شارك في قتال القرامطة الذين كان من دعــــــــــاة مذهبهم في صباه ثم قصد بغداد ولبث فيها اشهرا ثم غادرها الى الاحواز فمدح فيها ابن العميد ثم تلقى رساتل من عضــــــــد الدولة يرجوه التوجه اليه فذهب ومدحه وظل مدة بشيراز ثم استاذن وغادر
شادا رحاله الى بغداد والتقى فيه بمنتصــــــــــف الطريق في قرية الصافية قـــــرب النعمانية من اعمال واسط (بفاتك ا لاسدى) واعراب من جماعته وكان المتنبي قد هجاه وجدته ووسمها ب (الطرطبة) وانال من عرضــــه فقاتله وقتله 
قتل المتنبي في النعمانية من اعمال واسط سنة\ 354 هجرية مع ولده وغلمانه ونهبوا اموالهم.
ابو الطيـــــــب شاعر فحل عظيم جمع بين الشعر والعاطفة والحكمـــة والخيال والعلم والبلاغة وروحه الشعرية شذية فواحة غلابة وكانـــــــــــت عواطفه هي الدم في جسد قصائده فكسبتها الحياة الابديــــــــــة والروعة والجمال والكمال فهو ذو شاعرية فريده ويعد شاعر العرب الاكبر بلا منازع صاحب مذهب شعري فريد فمذهبه الشعري عجز الشعراء ان ياتوا بمثلــــه او مجاراته حتى عد شاعر العربية وقد شغل الناس وملاء الدنيا كما قيل في حقه سابقا فديوانه في كل مكتبة صغيرة اوكبيرة او قل في كــــــــــل دار واشعاره على كل لسان ولم يحض شاعر بحضوة او مكانة رفيعة مثله ابدا فقد سار شعره في الافاق مثل اشعة الشمس وذلك يعود لسببيـن الاول رعاية الملوك والامراء له وعنايتهم به وبشعره الذي خلدهم بمدحه والثاني قوة شاعريته وتظلعه في اللغة والادب . 
خاض المتنبي كل فنون الشعر وابدع فيها فكان شعــــــره تصويرا لحياة عصره وما فيه اضف الى ذلك انه كان امام العربية ومعجمها حافظا لاصولهـا ومفرداتها وتعابيرها و معانيها وبلاغتها جم شعره فنون موسيقية شعرية فهو بحق كما قيل فيه ( شاغل الناس ومالئ الدنيا .)
هتم بالبديع والبلاغة وادخل الفلسفة والحكمة الــــــــى شعره واكثر منها فهــــو شاعر حكيم وحكيم شاعر لايشق له غبار فهو شاعرالعربية الذي ما ولدت العربية مثله على مر القرون والدهور ومن شعر ه في صباه هذه القصيدة التي تمثل طريق حياته وبناء شخصيته وهواجسه وعواطفه تجاه نفسه والاخرين ونوازع هذه النفس المتكابرة المتعالية يقول منها 
ما مقامي بارض نخلة الا 
كمقام المسيح بين اليهود
ومفرشي صهوة الحصان ولكن 
قميصي مسرودة من حديد
اين فضلي اذا قنعت من الدهر
بعيش معجل التنكيد
ضاق صدري وطال في طلب الرزق
قيامي وقل عنه قعودي 
ابدا اقطع البلاد ونجمي
في نحوس وهمتي في صعود
عش عزيزا او مت وانت كريم 
بين طعن القنا وخفق البنود
فرؤوس الرماح اذهب للغيظ
واشفى لغل صدر الحقود
لا كما حييت غير حميد 
واذا مت مت غير فقيد 
فاطلب العز في لظى وذرالذل
ولوكان في جنا ن الخلود
لابقومي شرفت بل شرفوا بي
وبنفسي فخرت لا بجدودي
وبهم فخر كا من نطق الضاد
وعود الجاني وغوث الطريد
انا ترب التدى ورب القوافي
وسمام العدا وغيظ الحسود
رحم الله المتنبي شاعرالعرب الاكبر فلم تنجب العرب قبله ولا بعده ولحد الان شاعرا مثله وبشاعريته وفصاحته . 
-->

0 تعليقات:

إرسال تعليق