Ads

لا باحبك ولا باقدر على بعدك: شعار علاقة نظام مبارك بتنظيم الإخوان

بقلم: دكتور/ حنان راشد

لم تسمح ممارسات الفساد السياسي وتجريف الحركة الثقافية إبان فترة حكم مبارك الطويلة بنمو نخب فكرية وإعلامية مستنيرة، كما لم تدعم قيام كيانات سياسية "مدنية" قوية تعارض الحزب الحاكم -الوطني المنحل- بجدية وندية وتعمل على تحقيق التوازن اللازم في حياتنا السياسية المختلة والمعتلة، فاختزلت المعارضة الحقيقية بنظر الشعب في جماعة الإخوان المسلمين، التي سمح لها نظام مبارك بالتمدد والتوغل حتى كون رؤوسها ثروات مليارية وحتى ابتلعت -أو كادت- غالبية النقابات المهنية والجمعيات الخيرية، وبسبب قصور منظومة الخدمات الصحية وانهيار منظومة التعليم العام نشأت وانتشرت وتغلغلت ظاهرة المدارس والمستوصفات الإخوانية والسلفية التي أسموها "إسلامية"، حدث كل هذا والجماعة تعمل فوق الأرض وتحتها بصورة غير رسمية خارج نطاق أي رقابة حكومية أو سلطة قانونية، وبينما كان إعلام نظام مبارك يسميها "المحظورة" نهارا، كانت قيادات الوطني المنحل تعقد الصفقات السياسية معها ليلا، وبينما كان الأمن يطاردهم نهارا، كانت قيادات الداخلية تنسق معهم ليلا، وبينما كانت قيادات التنظيم الدولي للإخوان تلتقي وتتفاهم وتتعاون في الخارج مع أجهزة المخابرات الغربية والأميريكية، كان نظام مبارك يتعامى عن تحذيرات أجهزة جمع المعلومات، في مقابل تصريحات مراوغة لقيادات الجماعة بالداخل تعلن التأييد لمشروع التوريث المحتمل.
باختصار شديد؛ علاقة نظام مبارك بجماعة الإخوان معقدة ومتشابكة، وتذكرني بالمثل العامي الطريف: "لا باحبك ولا باقدر على بعدك"، إذ فيها من صور التقارب والتفاهم وتبادل المصالح أكثر مما فيها من صور الكراهية والملاحقة والتنابذ، ولقد استخدم نظام مبارك فزاعة الإخوان لتعزيز احتكاره للحكم ولتبرير التملص من تفعيل مبدأ "التداول السلمي للسلطة"، لذا فربما كان الأقرب لواقع الحال أن نسميهما "نظام مبارك/الإخوان" وليس "نظام مبارك وتنظيم الإخوان".

والله تعالى أعلى وأعلم.

0 تعليقات:

إرسال تعليق