لقد أسقط الشعب المصري كل الأقنعة الزائفة ، عندما انحاز للسيسي في الميادين ، وانحاز له في الصناديق ، ثم انحاز له في الميادين كرة أخري . انحاز له في الميادين ابتداءً عندما انحاز له السيسي في خياراته . عندما ناداه اساالملايين التي نزلت هادرة إلي الميادين علي نحو غير مسبوق مجرد " فوتوشوب " ، وأنها خدعة تم تصويرها لإيهام الناس في مصر والعالم بأن ما حدث من انقلاب هو بإرادة شعبية . فنزل الشعب مرات عديدة حتي يدحض الأكاذيب والأضاليل وترهات المرجفين في المدينة . ولم يقر بذلك الذين عُمِّيت عليهم في الداخل والخارج ، من العرب والأعاجم . وقيل بأن الشعب في غالبيته رافضاً للإنقلاب ، راغباً في عودة الشرعية المزعومة ، وشكلوا فيما بينهم مكوناً هلامياً يقال له تحالف دعم الشرعية ، جعل يناهض الدولة ومؤسساتها ويستهدفهما بالإرهاب والتدمير والقتل ، وينهاض الشعب باغتيال أبنائه . ورداً علي ذلك نزل الشعب إلي الإستفتاء علي الدستور في ظل هذه الأجواء الإرهابية . ثم جاءت الإنتخابات الرئاسية ، ونزل المصريون في أجواء حارقة لإختيار رئيسهم في ظل متابعة دولية متربصة ، ومتابعة من وسائل الإعلام المحلية والأجنبية . فشككوا في الأعداد التي نزلت ، وخلو اللجان من الناخبين ، إلي حد ذهاب روبرت فيسك إلي القول بذلك ، ووصفه حال الجنود في اللجان بالمتسكعين . وكأن الشعب المصري قد جرت وقائع انتخاب رئيسه من وراء ظهره ، وعلي حين غفلة منه ، وأنه لم ينزل إلي اللجان ، ولم يصوت لرئيسه ، وكأنه شعب من السكاري الذين يخيل لهم سكرهم إتيانهم بأفعال لم يقترفوها ، وإمتناعهم عن أفعال قد أتوها . والشعب المصري ليس هكذا . وإنما تلك تصورات فئة ضالة أودت بهم خيالاتهم المريضة إلي إمكان الوصول بالشعب إلي هذا التصور . واليوم أبي الشعب المصري إلا أن يلقن كل المشككين في عبقرية اختيارته درساً قاسياً ، وقد تمثل هذا الدرس في خروجه اليوم إلي الميادين ، فاليوم هو الإعلان الرسمي لنتيجة الإنتخابات الرئاسية ، وهي معلومة له علي نحو مسبق ، ومع ذلك خرج إلي الميادين ليحتفل ويرقص كما رقص وغني أمام اللجان . رقص احتفاءً برئيسه الذي مثل تجسيداً حياً لإرادة الإختيار دون قهر أو تدليس أو غش أو تزوير . إنها الديمقراطية بالمذاق المصري الخالص الذي لا يفهمه أصحاب القلوب المريضة والعقول السقيمة . ديمقراطية بعيدة عن تعقيد الفلسفات والنظريات الباردة التي تفتقر إلي حرارة الدماء المصرية . فهل وعي المتفذلكون الدرس ، أم أنهم في غيهم سادرون . الجماهير ترقص وهي تردد مع أميرة الطرب العربي فيروز : " مصر عادت شمسك الذهب ، تحمل الأرض و تغترب ، كتب النيل على شطه قصصاً بالحب تلتهب ، لك ماض مصر إن تذكري يحمل الحق و ينتسب ، و لك الحاضر في عزه قبب تغوى بها قبب ، جئت يا مصر و جاء معي تعب ، إن الهوى تعب ، و سهاد موجع قلته هارباً مني و لا هرب ، صرت نجم الحب أحصى إذا أحصيت في الظلمة الشهب ،
فسماً بالمبدع سبباً يا حبيبي إنك السبب ، الحضارات هنا مهدها بعطاء المجد تصطخب ، نقشت في الصخر أسفارها فإذا من صخرك الكتب ، مصر يا شعباً جديدا غدٍ صوب وجه الشمس يغترب " . تحيا مصر رغم أنف الإرهاب ، ورغم أنف الغرب المنافق .
0 تعليقات:
إرسال تعليق