الدكتور عادل عامر
فالدولة ذات السيادة ليست سوى (آلة التعبير) عن السياسة، والسياسة ليست سوى خطط وأهداف تأتى (صفة الأمة القومية) فى بؤرتها، السيادة بهذا المعنى تأتى كنتيجة وكسبب للأمن القومي، وكواجهة لقوة الدولة القومية، تصبح الحقيقة الأولى للحياة السياسية برمتها، ومن ثم لا توجد فكرة الدولة المجردة، إلا فى عقول قلة من الكتاب الذين يولدون دائماً بعيداً عن مأساة أمتهم. إن سيادة الدولة كمفهوم قانوني واستراتيجي يفترض اليوم -وبالضرورة- امتلاك الدولة لأحدث أدوات القوة للدفاع عن الذات ونظام القيم الداخلية بعبارة أخرى للدفاع عن أمنها القومي، وهنا تصبح مسألة امتلاك السلاح النووي قضية حيوية، خاصة حين نعلم أن امتلاك هذا السلاح يوفر للدولة التي تمتلكه إمكانية أكبر من (الحركة والاستخدام للأسلحة التقليدية) ولنتأمل نموذجي إسرائيل وإيران وقضية سلاحهما النووي وأبعاده المعقدة كدليل على ما نقول. نخلص من التحليل السابق بشأن مفهوم الأمن القومي إلى أننا بصدد مفهوم أصابه التطور والتجديد، فلم يعد الأمن القومي هو فقط (القدرة على حماية الذات من خطر القهر الخارجي) أو (حق التنمية والتطور) أو (حق البقاء) وإنما أصبح بالإضافة إلى هذا كله (كيف تكون تلك الحماية أو تلك التنمية أو ذلك البقاء) وبأي الطرق وإلى أي مدى وبأي ثمن؟ أجلى صور الأزمة الاقتصادية الحالية وأهم نتائجها يتمثل في معدلات البطالة التي أخذت في الارتفاع في مختلف أصقاع الأرض، ومع ذلك فالبطالة ليست مشكلة حديثة أو مستحدثة، بل هي قديمة قدم الأنظمة الاقتصادية وعلم الاقتصاد كما نعرفه اليوم. ولعلنا لا نبالغ في القول إن ادعينا أنها - أي مشكلة البطالة - كانت ومازالت لعل من أكبر المشكلات التي تواجه الحكومات ومن أعقد الظواهر التي تواجه علماء الاقتصاد المتقدمين والمتأخرين. وعلى الرغم من تفأوت المدارس الفكرية في مقاربة هذه المشكلة ودرجة نجاح الحكومات في القضاء عليها فإنه لا يمكن إنكار وجود نوع من التوافق بين المنظرين والممارسين للاقتصاد على أن الحل يكمن في التنمية والمزيد من التنمية، بمعنى أن حل مشكلة البطالة يعتمد ويتمحور حول النمو الاقتصادي الكفيل بإيجاد المزيد من الوظائف، لكن هذا التوافق يجب ألا يمنعنا من النظر في حقيقة التنمية ودورها في رفع مستوى الرفاهية الاجتماعية، وفي القضاء أو على الأقل الحد من انتشار واستفحال مشكلة البطالة. ان مفهوم البطالة ونشوئها والأسباب المؤدية إلى ظهورها في اقتصاديات العالم سواء المتقدم منها أو تلك الاقتصاديات التي هي في طور النمو فضلا عن التعرف على الجوانب والمضاعفات والتأثيرات المباشرة منها وغير المباشرة على الكيان الاجتماعي وما تلحقه تلك الظاهرة من أضرار اقتصادية واجتماعية تطال شرائح واسعة من الموارد البشرية التي تشكل العنصر الأساسي من العناصر الرئيسية في بناء سياسة اقتصادية ناجحة تضع نصب عينيها تحقيق أهداف التنمية الاقتصادية المستدامة وصولا إلى حالة من الرفاهية التي هي غاية كل سياسة اقتصادية تنموية أصيلة. كما يهدف البحث إلى إظهار الجوانب السلبية الناتجة عن مشكلة البطالة وتسليط الضوء على الجوانب الاقتصادية والإجتماعية والسياسية التي تتأثر تأثرا شديدا في تلك الظاهرة مع استعراض موجز أهم المفاهيم والأسس التي اتبعتها مختلف المدارس الفكرية والاقتصادية في تعريفها وتعليلها لنشوء ظاهرة البطالة من حيث الأسباب والنتائج والتقييم والتأثير على مختلف القطاعات الاقتصادية في المجتمع. هذا عن المفهوم المعقد الذي أثار ولا يزال يثير العديد من الاستفهام فى محاولة لضبطه ومعرفته، فماذا عنه حين ننزل إلى سلم التحليل خطوة أكثر تحديداً؟ ماذا عن الأمن القومي العربي و(المصري) فى أصوله العامة؟ كما أن اعتبار الحياد الاستراتيجي حلا للأزمة خطأ كبير فهو عنصر فعال فيها ، فهو يرسخ مفهوم الأمن القومي الجديد و الذي هو ارادة للجماعة الحاكمة صندوقيا و تحويله لارادة دولة ، كما لن يأتي السير وراء هذه المفاهيم الجديدة الا عصفا بالمفهوم الحديث للدولة من جماعة وطنية الى جماعة دينية ، هذه الجماعة التي علمتنا سنة الحياة و الميراث الاجتماعي و السياسي الانساني سيجعل نهايتها اجلا ام عاجلا التطرف و البحث عن فتوحاتها و معاركها الربانية التي من خلالها سيتم تدمير ما تبقى من وطن و ما تبقى من جيش و ما تبقى من سلاح…نهاية ، الأمن القومي الجديد و الحياد الاستراتيجي خدعة ، و الذهاب بعيدا عن قلب المعركة الرئيسية داخل الحدود ليس حلا وطنيا ، والاستمرار بالتعامل بهذه المفاهيم ليس الا هدما لما تبقى من وطن يشملنا جميعا ، فيجب في هذه اللحظات الحرجة ان يكون هناك دورا لضبط الموازين حتى من خلال استخدام دلال الدبابة للضغط على القيادة السياسية لاعادة الدفة للطريق الصحيح أو حتى الوصول لفرض أمر واقع جديد و ممكنا في حالة تعذر ذلك … أضحت مشكلة البطالة عائقا تنمويا كبيرا في الكثير من دول العالم الثالث وأصبحت سببا في تهديد استقرار العديد من الأنظمة والحكومات في ظل المعدلات المتزايدة للنمو السكاني في هذه البلدان وزيادة الفجوة بين الإنتاج والاستهلاك. تنعكس بلا شك البطالة التي يعاني منها شباب دول العالم النامي وكذلك البعض من دول العالم المتقدم على حد سواء على سلوكهم وتلقي بظلالها على المحيط الاجتماعي حيث بدأت تظهر في البعض من مجتمعات الدول النامية المحافظة ( اجتماعيا وسلوكيا ) صورا لأوضاع شاذة على شكل تعاطي المخدرات والسرقة والاغتصاب والإحساس بالظلم الاجتماعي وما يتولد عن هذا الإحساس بالإحباط والهزيمة الداخلية من قلة الانتماء والعنف وارتكاب الأعمال الإرهابية والتخريبية وقد تقوم فئات أخرى بالكبت بداخلها مما يتحول بمرور الوقت إلى شعور بالإحباط ويخلق شبابا مدمرا نفسيا وعضويا. تعرف البطالة أنها حالة عدم وجود عمل لطالبه رغم الرغبة فيه والبحث عنه أي وجود أشخاص لا يعملون وهم يدخلون في مفهوم قوة العمل إلا أنهم قادرين على العمل وراغبين فيه وباحثين عنه ولكنهم لا يحصلون عليه وبالتالي هم متعطلون عن ممارسة العمل . أما منظمة العمل الدولية فتعرف العاطل عن العمل بأنه كل من هو قادر على العمل وراغب فيه ويبحث عنه ويقبله عند مستوى الأجر السائد ولكن دون جدوى. فوفق تعريف منظمة العمل الدولية فإن العاطل عن العمل هو كل إنسان قادر على العمل وراغب فيه ويبحث عنه ويقبله عند الأجر السائد ولكن دون جدوى. وان معدل البطالة هو عبارة عن نسبة عدد الأفراد العاطلين إلي القوة العاملة الكلية و هو معدل يصعب حسابه بدقة وذلك لاختلاف نسبة العاطلين حسب الوسط (حضري أو قروي) و حسب الجنس و السن و نوع التعليم والمستوى الدراسي ومن خلال هذا التعريف يتضح أن ليس كل من لا يعمل فهو يمكن اعتباره عاطل عن العمل فنجد إذن أن كلا من التلاميذ والطلبة والمعاقين والمسنين والمتقاعدين ومن فقد الأمل في العثور على عمل ومن هم في غنى عن العمل لا يمكن اعتبارهم عاطلين عن العمل. ويتسم هذا النمط من الصراعات الداخلية بشدة التعقيد والتشابك وارتباطها بخلفيات وجذور ممتدة وغاية في التعقيد، بالإضافة إلى الاستخدام المتزايد للعنف، والانتهاك الشديد لحقوق الإنسان. وعلى الرغم من أن مكونات الأمن الإنساني ومصادر تهديده موجودة تاريخيًا فإن بروز المفهوم مؤخرًا ارتبط بعملية العولمة والتي جعلت مصائرنا مشتركة؛ وذلك نظرًا لما تقوم عليه عملية العولمة من فتح للحدود بين الدول لانتقال السلع والخدمات والتحرير الاقتصادي العالمي. فقد أكدت دراسات الاقتصاد الدولي على أن التحرير الاقتصادي العالمي له مخاطر عدة منها انتشار أنظمة غير مستقرة لا يمكن التحكم فيها خاصة في الأسواق المالية. بالإضافة إلى ما أكدت عليه تلك الدراسات من تأثيرات سلبية قد تصيب الاقتصاد العالمي والتي يمكن أن يكون لها تأثيرها السلبي على قضايا البيئة، والاستقرار السياسي
كاتب المقالدكتور في الحقوق و خبيرفي القانون العام
ورئيس مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية والاقتصادية
عضو والخبير بالمعهد العربي الاوروبي للدراسات الاستراتيجية والسياسية بجامعة الدول العربية
0 تعليقات:
إرسال تعليق