وزارة
محلب
استمرار
للببلاوي أم سياسة جديدة
بقلم هيام محى الدين
أول
ما يلفت النظر في التشكيل الوزاري لوزارة المهندس إبراهيم محلب هو احتفاظها بتسعة
عشر وزيراًَ من وزارة الببلاوي بما فيهم المهندس إبراهيم محلب الذي انتقل من
الإسكان إلى الرئاسة وبقيت الوزارات السيادية الرئيسية بنفس الأشخاص ، والوزراء
الثمانية الجدد جاء اختيارهم بناء على رؤية لسياسة جديدة في وزارات محددة ورغم
أهمية بعضها مثل المالية والكهرباء والتموين والتضامن إلا أنها كلها تقريباً تصب
في الإصلاح الداخلي وعلاج مشكلات هيكلية سببت قصوراً مؤثراً في أداء هذه الوزارات
مثل الفشل في علاج عجز الموازنة مالياً والانقطاع المستمر للتيار الكهربي دون رؤية
مستقبلية لخطط علاج حقيقية مما سبب سخطاً شاملاً بين الجماهير وأثر على الإنتاج
خاصة في المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر ، وانفلات أسعار السلع عامة والمواد
الغذائية خاصة وانعدام الرقابة عليها ؛ وأخيراً إهمال رعاية الفقراء والمهمشين ؛
وفوضى جمعيات المجتمع المدني وحقوق الإنسان ومشكلات تمويلها من الخارج ، أما
الوزارات الأربعة الأخرى (الإسكان / القوى العاملة والطيران المدني والإنتاج
الحربي) فالأولى والأخيرة تغيرا اضطراراً والثانية والثالثة تغير وزيراهما لقصور
في الأداء كان واضحاً واتجاه أحدهما إلى تلميع شخصه خارج نطاق مسئولياته إضافة إلى
التخلص من وزير الرياضة المشكل بضمها لوزارة الشباب ، ومازلنا حتى صباح السبت
الأول من مارس أمام ست وزارات خالية هي العدل والثقافة والصحة والصناعة إضافة إلى
التعليم العالي والبحث العلمي وأخيراً الري والموارد المائية ، وهي وزارات شديدة
الأهمية والخطورة في المرحلة الحالية ويعتذر عنها كل من يرشح لها ، ونتمنى لرئيس
الوزراء الجديد التوفيق في شغلها فمصر لم تعقم وهي مليئة بالوطنيين الشرفاء
العلماء القادرين على العبور بالوطن إلى بر السلامة.
تبقى
الوزارات الثمانية عشرة التي ظل وزراء حكومة الببلاوي في مناصبهم نفسها في الوزارة
الجديدة وبقاؤهم يثير تساؤلا مشروعاً ، هل كان أداؤهم متميزاً فتم الإبقاء عليهم
قد يصدق هذا على وزراء الدفاع والداخلية والخارجية والسياحة والتنمية المحلية مثلا
ويمكن أن يقال ذلك عن وزراء الزراعة والتعليم والأوقاف ولكن وزارات مثل البترول
والآثار والشباب والإعلام والنقل والعدالة الانتقالية وغيرها لم يكن أداؤها في
مستوى يناسب تحديات المرحلة ؛ وهنا يثور تساؤل جديد ، هل كان ضعف الأداء راجعاً
إلى شخص الوزير أم إلى تسيب وضعف رئاسة المجلس السابقة وبصراحة أكثر هل كان أسلوب
الببلاوي معوقا لعمل الوزراء أم أن الوزراء أنفسهم تنقصهم المقدرة والحزم من
الواضح أن إعادة اختيارهم لنفس المناصب يرجح أن عملهم كان يعوق من خارج سلطتهم ،
ولعل الأيام القادمة تحسم إجابة هذه التساؤلات.
إن
رئيس الوزراء الجديد أمامه مشكلة عاجلة هي إتمام التشكيل الوزاري بما يناسب رؤيته
للمرحلة القادمة التي سيكون مسئولاً عن كل ما يحدث فيها من إنجاز أو تقصير وأمامه
مشكلة شاملة تتمثل في تحويل الأداء الحكومي إلى أداء ثوري يتغلب على مشكلات
الروتين الحكومي المرتعش والعمل بجرأة وتصميم على تحقيق الأهداف العاجلة بيد قوية
واثقة منطلقة ، وأن تضع كل وزارة خططا وبرامج سريعة وحاسمة لحل المشكلات التي لا
تحتمل الانتظار مع وضع خطط متوسطة وطويلة المدى بعناية وحرفية دون النظر إلى
الفترة الزمنية التي ستقضيها الوزارة في الحكم بحيث تجد الوزارة القادمة أمامها
سبيلاً ميسراًَ للعمل وتنفيذ خطط وضعت على أساس علمي متخصص وواقعي قابل للتنفيذ
بصرف النظر عن شخص الوزير الذي يتولى المسئولية الآن أو الذي سيتولاها في المستقبل
واضعين نصب أعيننا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم " اعمل لدنياك كأنك
تعيش أبدا واعمل لآخرتك كأنك تموت غدا " فنفهمه على أن نعمل في الوزارة كأننا
سنبقى فيها أبدا ، وأن نعمل لتاريخنا بعد تركها كأننا سنغادرها غدا فتكون مغادرتنا
بعد أن نترك بصمة واضحة تبقى مشعل ضوء في تاريخ كل وزير حتى بعد أن يترك منصبه ،
وليذكر كل وزير التاريخ الناصع الذي يحفظه المصريون لوزراء مثل عزيز صدقي وسيد
مرعي ، وزكريا محي الدين وصدقي سليمان ، وغيرهم الذين تركوا بصمة مشرفة في العمل
التنفيذي كل في مجاله ، ولعل تذكرنا لوزراء مثل الدكتور محمد صلاح الدين ،
والدكتور محمود فوزي اللذين قادا السياسة الخارجية المصرية في عصور كانت مشكلاتها
أشد وطأة وأكثر خطورة من الفترة التي نعيشها اليوم.
إن
مصر رائدة الحضارة ومصنع الرجال العظماء في كل مجالات الأداء الإنساني على مر
العصور ، فلينظر كل وزير إلى هذا الوطن بثقة المصري الوطني وليعلم أنه ابن أعظم
حضارتين عرفهما تاريخ الإنسانية الحضارة المصرية الفرعونية والحضارة العربية
الإسلامية وأنه قادر على اجتياز الصعاب وحل المشكلات والتغلب على العقبات فهو ابن
الذين:
كانوا
الشـهب حين الأرض ليل ... وحين الناس جد مضللينا
مشت
بمنارهم في الأرض روما ... ومن أنوارهم قبست أثينا
هيام محي الدين
0 تعليقات:
إرسال تعليق