Ads

من الذى حنث بالعهد


كانت تجلس متكئة على مقعدها تحملق فى شاشة حاسبها والدموع تجرى أنهاراً على وجنتيها ، وهى تحملق فى تلك الصور التى إقتصت لحظات من الزمن لتخلدها ما بقيت موجودة ، وما بقيت هى على قيد الحياة .
تشعل زاكرتها بتلك التفاصيل واللحظات التى مرت عليها مراراً جعلتها أسعد نساء العالم .
لكن لسان حالها يسألها سؤالاً لم يجد سبيل لإجابة أبداً : لماذا رحل وتركنى ؟ كيف يرحل آلان ؟ لقد وعدنى أننا لن يفرقنا إلا الموت ، لقد حنس بوعده لى .

تتذكر تلك الأيام كثيراً وكيف أنها كانت أسعد النساء معه وكيف أنه كان رجلاً مكتملاً للرجولة وكيف أنه كان خير معين وصديق على تلك الأيام ، كيف أنه كان أباها وأمها بعدما توفاهما الله معاً وفى يوم واحد ، من غيره وقف بجانبها وساعدها على تخطى تلك المحنة العويصة .
تتذكر حينما وقع على صدى أسماعها أول كلمة رومانسية نطقها من بين أحباله الصوتية ليفسرها عقلها إلى كلمة أحبك ، وكيف كانت سعيدة حينها ولا تسعها الدنيا أبداً وبما فيها ، تتذكر كيف تعارفا، كيف تحابا ، أول قبلة على جبينها وأول قبلة على يديها وأول قبلة على وجنتيها ، تتذكر والدموع تصنع أخاديد على وجنتيها والحزن يملئ قلبها وروحها برحيله .
وخان العهد ورحل بلا عودة ، تتذكر يوم زواجها منه وفستانها الأبيض وطرحتها وكل شئ وتراجع الفيلم الخاص بذلك اليوم ، تتذكر أول ليلة لها بأحضانه دون خجل او عيب او خوف من أحد ، أسعد لياليها كما قالت لنفسها حينما كانت تشاهد الشفق يسيل على جبين السماء من نافذة غرفتها وهو نائم على صدرها .
تتذكر تلك الكلمة التى مازالت ترن بأصداءها فى أذانها وعقلها حينما قال لها .
حبيبتى لن يفرقنا إلا الموت ، لقد أنعم الله على بكى كزوجة صالحة وأم لأولادى فكونى لى خير معين بحياتى .
تبسمت حينها ولم تنطق بكلمة ولو أنها كانت تريد الخوض فى كل كلام الشعر والمغازلات ، لقد إقتنعت تمام الإقتناع أن قصة عشقهما لا يمكن أبداً أن يكون هناك مثلها ولا تستطيع أى قصة اخرى أن تقارن بتلك القصة المتومة ، على يقين هى بأنه يعشقها عشقاً لو قسم على أهل الأرض لكفاهم وأن عنترة فى حبة لعبلة وقيس فى حبه لليلى طفلان يلعبان بجانبه .
لكنه تركها آلان ذلك الوحش الغول ، حنس بوعده وغادر بلا رجعه ، بلى بلا رجعه 
مشاجرات .
وما الجديد كل بيت فيه مشاجرات بين كل الأطراف ، لكن نحن ؟ 
أصدق أن كل تلك المشاجرات التى كنت أفتعلها من أجل حبى له ليس أكثر ، لكن وجهة نظره تختلف تماماً   ، فهو كان دائم القول بأن تلك المشاجرات لو عرضت على مخبول لمات على تفاهة أسبابها من الضحك .
تتذكر كيف كانت مجنونة بحبه بالفعل وتبتسم وسط بركان دموعها إبتسامة لم تتعدى حاجز فمها إلى شفتيها حيما تذكرت هذا اليوم .
ذهبت إلى عمله حتى يعودا إلى البيت سوياً ، أرادت أن تفاجئة ليس أكثر ، دخلت الشركة ورأته ،واقفاً مع إحدى زميلاته بالعمل يتحادث بجدية ،جلست تراقب من بعيد ، ويا الله لقد غادرت إبتسامة فمه فى نهاية الحديث مع زميلته ، لقد  إشتعل شيطانها وغضبها ، تتذكره وهو يموت ضحكاً حينما نظفت أرضية شركته بشعر وملابس زميلته .
تتذكر جيداً أنه لم يتعصب ولم يغضب ولم يكسر او يحطم ولو كانت هى من ضمن ما يجب أن يهشم ، لكنه وبعد ضحكة طويلة ، صارحها بما لا تعلم ،.
قال لها : حبيبتى أنتى آلان زوجتى ، ولقد قطعت وعداً لكى وعلى نفسى أمام الله أن لا يفرقنا إلا الموت ، هى زميلتى بالعمل وليس إلا وأنا أعلمها قبل أن ألاقاكى بسنين فهى كانت أمامى وكان أيسر لى أن أحبها وأتزوجها إن كان بيننا شئ ، أليس هذا صحيح ؟
أحبت حكمته وعقله وترويه الدائم فى حل تلك المشاجرات الكثيرة التى كانت تفتعلها .
لكن ماذا حدث فى ذلك اليوم ؟ لم يكن هو ، ولم تكن هى .
رأته لأول مرة يتعصب ويشتعل الغضب فى عينيه ناراً مأججة .
هى التى كانت دائمة العصبية هالها وجهه هذا اليوم .
مشاجرة عادية كآى واحدة من قبل ،لو عرضناها على طفلة لم تبلغ العام لحلتها بكل سهولة .
لكن ما الذى حدث اليوم ؟ لماذا هو غضبان ؟ ولماذا انا غبية ؟
بدأت الدموع تتساقط مرة أخرى على وجنتيها 
لماذا غضبت أنا الأخرى ؟ لماذا أنا أغبى إنسانة بالكون ؟
تحاول تحطيم رأسها بضربها فى المنضدة القابعة امامها ، تضربها وتضربها حتى سالت الدماء على جبينها وهدأت ثورتها مرة أخرى وبدأت تتذكر هذا اليوم من جديد.
دخل من عمله مرهقاً ، قابلته بوجهة عبوس ، وبإبتسامة فاترة ، قبلها من شفتيها ، ودخل ليأخذ حماماً .
أعدت طعام الغداء وجلست تنتظر ، جاء وجلس ، لم يحاول النطق بكلمة واحدة ، سرح فى ملكوت الله وعقله يشتعل تفكيراً ووجهه بتصبب عرقاً .
مالك يا حبيبى ؟ قالتها 

مفيش حاجة .
هى : شكل مش عاجبنى قولى مالك ؟ حصل مشكلة فى الشغل ولا أيه .
بعصبية شديدة تزلزلت منها أركان الغرفة قال 
قولتلك مفيش حاجة وأطفحى وأنتى ساكتة .
لماذا لم يهبها الله البكم فى تلك اللحظات ؟ هى لا تدرى للإجابة سبيل ولاتدرى لفعلتها سبيل أيضاً حينما إنفلت اللجام وأنفجر لسانها .
أنت بتكلمنى كده ليه ما تحترم نفسك ، ولا الناس تديلك على دماغك وتيجى أنت تطلعه عليه هنا ، مديرك فى الشغل يذلك وأنت تيجى تذلنى هنا .
هو بعصبية : أمشى من وشى عشان متبقاش ليلتك ذى وشك أنهارده .
هى : لا يا خويا أنت راجل اوى ، هتمد إيدك عليه ، والله أقطعهالك قبل ما تتمد عليه .
أوعى تكون فاكر نفسك راجل ، أنت متتفكش بجنيه فى سوق الرجالة .
لم ينطق بكلمة وإنما إتكئ بمرفقيه على المنضدة واضعاً رأسه براحتى يديه بعدما أشار لها بأن تصمت .
لكنها لم تصمت وماذالت تنبح مثلما كلب فقد عظمته .
 هى إلى آلان لا تعلم لماذا أنفجرت فيه بتلك الصورة مالذى جعلها تمطى صهو الصعاب وترفض الخنوع والتروى  .
 هو ترك كل مافى عقله وظل يفكر كيف أنها تقول عليه أنه ليس برجل 
هل نسيت كل ما فعله لها وما عناه من أجلها وبسببها .
هى مازالت تصرخ : أنت متستحقش ضفر منى أصلاً 
هو لسان حاله يقول : ما الذى أصابها ؟
الغضب يخرج الصراحة من بين الضلوع ، هى تصارحنى أنى لست برجل 
جهازه العصبى لا يتحمل جام غضبه ولا يتحمل كلماتها .
هى وسط ثورتها : تقول لنفسها ما الذى أقول ولماذا لا ينظر لى ولا يحادثنى ؟ أين حكمته وعقله ومنطقه ؟
هو يعانى توتر عصبى شديد وبدأت أعضاءه تهتز بشدة .
هى مازالت تنبح .
هو يعانى أزمة عصبية حادة وسكن.
أنتهت من نباحها 
جلست تستريح ثم قامت لتعتذر ، هو على حاله رأسه براحتى يديه 
تتحدث ولا يجيب 
تقترب بضع خطوات وتتكلم ولا مجيب 
أقتربت منه ، لمسته ، نادته (حبيبى ببراءة الأطفال فى عيونها )
وقع مرتطماً بالأرض إهتز منها كل ما فى البيت ، وصعق منها الجيران .
لم تدرى ماذا تفعل ، خافت ، بكت ، إتصلت بالطبيب 
جاء ودخل مسرعاً إلى غرفته 
أخرج سماعته وبدأ فى التحرك بها على صدره لعله يسمع أنين قلبه .
لا أحد ، لا شئ ،لقد إنتهى ، مات 
البقاء لله يا مدام ، مات بسكته قلبيه إثر إنهيار عصبى حاد .
هى :
........
.............
.................
......................
...........................
...................................
لقد خان الوعد !!!!



إسلام رمضان

0 تعليقات:

إرسال تعليق