Ads

يا رئيس ويا شعب مصر لا تجعلوا الأزهر ألعوبة بين يديكم


بقلم د/ عبد الحليم منصور 
أستاذ ورئيس قسم الفقه المقارن بكلية الشريعة والقانون – جامعة الأزهر 

1 - إذا كان الله عز وجل قد حبى مكة بالبيت الحرام ، فقد حبى مصر بالأزهر ، ورجالاته العظام الذين كانوا واجهة كل الثوارات عبر التاريخ ، وكانوا الأمل الدائم للشعب المصري منذ أكثر من ألف عام .
2 - لما أراد الخليفة أبو جعفر المنصور أن يهدم الكعبة ويعيد بناءها على قواعد سيدنا إبراهيم صرفه الإمام مالك عن ذلك وقال له لا تجعل هذا البيت ملعبة للملوك بعدك لا يشاء أحد أن يغيره إلا غيره فتذهب هيبته من قلوب الناس فصرفه عن ذلك . 
3 - جاء في كتاب المصباح المضي :" .. وكان بناء الكعبة في الدهر خمس مرات الأولى حين بناها شيث بن آدم والثانية حين بناها إبراهيم على القواعد الأولى والثالثة حين بنتها قريش قبل الإسلام بخمسة أعوام والرابعة حين احترقت في عهد ابن الزبير بشرارة طارت من أبي قبيس فوقعت في أستارها وقيل إن امرأة أرادت أن تجمرها فطارت شرارة من المجمر في الأستار فاحترقت فهدمها وبناها والخامسة في زمن عبد الملك بن مروان لما قتل الحجاج عبد الله بن الزبير هدمها وردها على ما كانت عليه في عهد رسول الله فلما بلغه حديث عائشة رضي الله عنها حين قال لها النبي ألم ترى قومك حين بنوا الكعبة اقتصروا على قواعد إبراهيم حين عجزت بهم النفقة ثم قال عليه السلام لو لا حدثان عهد قومك بالجاهلية لهدمتها ولجعلت لها خلفا وألصقت بابها بالأرض وأدخلت فيها الحجر فعلى مقتضى حديث عائشة رضي الله عنها بناها عبد الله بن الزبير على ما ذكرت عائشة فقال عبد الملك وددت أني تركت ابن الزبير وما تحمل من ذلك فلما ولي أبو جعفر المنصور الخلافة أراد أن يبنيها على ما بناها ابن الزبير فقال له مالك بن أنس أنشدك الله أن تجعل هذا البيت ملعبة للملوك بعدك لا يشاء أحد أن يغيره إلا غيره فتذهب هيبته من قلوب الناس فصرفه عن ذلك " 
وسوف تظل هيبة البيت الحرام قائمة في نفوس المسلمين ملوكا ورؤسا وشعوبا إلى قيام الساعة .
4 - وأزهرنا العتيق له مكانة كبيرة في نفوس المصريين ، بل والعالم بأسره ، عربا وعجما ، شرقا وغربا ، شمالا وجنوبا ، وفضله على الدنيا كلها ، بما يمتلكه علماؤه من وسطية واعتدال ، هي سر قوته وبقائه إلى اليوم ، ولا أكاد أن أبالغ إذا قلت إن مصر في الخارج في كثير من الدول ، لا تعرف إلا بأزهرها . 
5 - عندما ألتقي بشيوخ الأزهر الذين يبتعثون من الأزهر لنشر العلم وتعاليم الإسلام في البلاد المختلفة ، فإن أهالي هذه البلاد يحتفون بهم ، ويقبلون أيديهم ، ويحملونهم على الأعناق ، وييحملون أحذيتهم ، إجلالا وإكراما لهم ، وللأزهر العتيق .
6 - وفي الفترة الأخيرة وبعد قيام الثورة كان الأزهر هو الجهة الوحيدة التي تجمع وتوحد صفوف كل الأطياف فكانت وثائق الأزهر ، ومبادراته ، ومواقفه ، سواء على المستوى الداخلي أو الخارجي وكان فضيلة الإمام الأكبر الشيخ أحمد الطيب ممثلا للأزهر ولدوره العريق خير تمثيل .
7 - ولكن للأسف بعد أحدث المدينة الجامعية الأخيرة ، والتي ندين جميعا ما حدث فيها من تقصير للمسئولين عن ذلك ، ويجب أن يتقي كل إنسان ربه في كل تصرفاته ، وفي هؤلاء الطلاب الذين هم خيرة شباب الوطن .ويجب أن يقدم كل مقصر إلى العدالة ، ليتحقق بذلك الردع الخاص والعام في المجتمع حتى يؤدي كل موظف دوره على أكمل وجه .
8 - من غير اللائق أن يقتحم الطلاب مكتب فضيلة الإمام ، وأن يتحدثوا إليه بشكل غير لائق ، وليس من المناسب أيضا أن يطالب البعض من هنا ومن هناك بإقالة سيادته عن منصبه ، فهذا لا يليق لا بمكانة الشيخ ، ولا بمكانة الأزهر العريق.
9 - كم من مشاكل حدثت في البلاد من حوادث وحرائق ، وانهيارات في مجالات متعددة ، في المجال الاقتصادي ، وغيره ، وكم من قتلى سفكت دماؤهم ، هنا وهناك ، ولم يستقل ، ولم يقل أحد ؟؟ !! فلماذا شيخ الأزهر ؟؟؟!!! مع أنه ليس مسئولا عما حدث . 
10 - يا سيادة رئيس الجمهورية ، يا شعب مصر العظيم :
أقول للجميع ما قاله الإمام مالك للخليفة أبي جعفر المنصور : لا تجعل هذا البيت ملعبة للملوك بعدك لا يشاء أحد أن يغيره إلا غيره فتذهب هيبته من قلوب الناس فصرفه عن ذلك " 
وأنت يا سيادة الرئيس ، ويا شعب مصر لا تجعلوا الأزهر ملعبة للحكام يغيروا كل يوم شيخا ، ولا تجعلوا شيخه مجالا للنيل منه ، مكانة الأزهر وشيخه لا تنفصل عن مكانة مصر .
حمى الله مصر الكنانة ، وجنبها الفتن ما ظهر منها وما بطن ، وحمى الأزهر وشيحه ورجاله ، وجعلهم مشاعل هداية إلى قيام الساعة اللهم آمين .

0 تعليقات:

إرسال تعليق