للمرة الثاني في أقل من عام، تنشر صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية، مقالا لـ "محمد علي وازن"، الكاتب بشبكة "رصد" الإخبارية ذات الصلة بجماعة الإخوان المسلمين. المقال الذي جاء بعنوان "المسمار الأخير في نعش مصر"، اتهم أطفال الشوارع بكونهم "الطرف الثالث"، مؤكدا أنه "لا دين لهم"، ومن السهل إغرائهم بمبالغ مادية قليلة لإشعال الأحداث.
المقال ليس الأول من نوعه، فقد سبق لـ "وازن" أن كتب مقالا للصحيفة نفسها، بعنوان "لا تدمروا الحلم المصري"، في يونيو من العام الماضي. بدأ "وازن" مقاله الجديد، المنشور باللغة العبرية، بانتقاد المشهد السياسي في البلاد، مؤكدا على أن معارضي الرئيس محمد مرسي يحشدون الجماهير المصرية ضد النظام "الحديث"، ويبقى السؤال الآن: "من هو هذا الشعب، ومن هو النظام الذي يريدون إسقاطه دائما"، واتهم "وازن" قوى المعارضة وجبهة الإنقاذ الوطني بأنها تسعى لإعلاء مصالحها الشخصية والسعي وراء كرسي الحكم، بدلا من إعلاء مصلحة الوطن.
وقال وازن، في مقاله المنشور بالصحيفة الإسرائيلية، أمس، إنه لا شك أن الشعب المصري انقسم إلى أطياف مختلفة وتيارات متصارعة وأحزاب، وهو ما يشكل الخطر الحقيقي على وحدة الشعب المصري حاليا. وأضاف: "ظل الشعار الذي ردده المتظاهرون في أيام الثورة ضد مبارك.. "الشعب يريد إسقاط النظام".. قائما كما هو دون أي تغيير، والفرق الوحيد حاليا هو أنه في أيام مبارك كان الشعب كتلة واحدة تريد إسقاط جبهة واحدة، في حين أن الآن أصبح الأطياف المختلفة تريد إسقاط الكتل المختلفة، وكل فصيل يجند كل ما يمكنه من أشخاص ويدعو لإسقاط الآخر.
وتابع وازن: "في رأيي، كل الحركات ستذهب بنا إلى الهاوية على الأرجح، سواء كان بقصد أو من دون قصد. جبهة الإنقاذ الوطني، التي تضم المرشحين الأقوى على الإطلاق ضد مرسي، تُجند جماهير الشباب ضد نظام الإخوان، فقد اعتادوا حشد الشارع، وإدانة نظام مرسي، والمُطالبة بإسقاطه قبل أن يُنهي سنة واحدة في السلطة. ويكتفي نفس المرشحون بالظهور في وسائل الإعلام والمؤتمرات والاجتماعات، وكل ما يفعلونه هو إثارة الشباب والشارع المصري الذي بدأ يشتعل من جديد.
وأضاف: لا مشكلة في أن يعارض الشباب النظام، ولكن المشكلة في الطرف الثالث الذي يشعل الأحداث. وفي المقابل، هناك مؤيدو النظام الإسلامي والرئيس مرسي، وهو يجندون أيضا مؤيديهم ويصعدون تصريحاتهم الإعلامية، والصراع بين الجانبين يشتد يوما بد يوم. والخسارة الوحيدة هي مصر واقتصادها، هم لا يفهون أنهم يدقون مسامير عديدة في نعش مصر، ويهددون بانهيار الوطن، في حين أنهم لو توحدوا تحت مصلحة واحدة بعيدا عن السعي وراء كرسي الحكم والبحث عن إعلاء مصالح الوطن وليس المصالح الشخصية، لما حدث هذا.
وتحت عنوان "الطرف الثالث"، قال "وازن"، إنه "منذ سقوط مبارك ظهر مصطلح (الطرف الثالث) على ساحة السياسية المصرية، وهو مصطلح مرتبط بكافة الأحداث التي نختبرها في حياتنا حاليا. ففي كل حادثة أو كارثة لا يكون هناك متهما فيها، يلقون بالاتهام على الطرف الثالث، وإن كنتم تتعجبون من هذا الطرف الثالث وهويته، فإنك ستجدون إجابات عديدة، بحسب كل تيار سياسي أو ديني، فالإسلاميين يقولون إنهم فلول النظام السابق ومؤيدي مبارك، في حين أنكم إذا انتقلتم إلى الثوار، ستجدون أن الطرف الثالث هم الإخوان ومرشدهم، محمد بديع. وفلول النظام السابق يشاركونهم هذه الفكرة، وهناك أيضا من يتهمون وسائل الإعلام.
وأضاف: أنا، كمحلل سياسي، أظن أن شعار "الشعب يريد إسقاط النظام"، يجب أن يتغير إلى "الشعب يريد إسقاط الطرف الثالث"، فالطرف الثالث معقد، وفي رأيي لعدة أسباب، أولها أطفال الشوارع، فهم القش الذي يزيد النيران اشتعالا في كل الأحداث، فهم "ليس لهم دين" ولا "تعليم"، ولهذا فإنه من السهل والبسيط جدا أن يغريهم مبلغ قليل من المال لدفهم إلى الاشتباكات التي تحدث في ميدان التحرير مثلا، فمن الصعب التفكير في أن الثوري سيشعل مؤسسات الدولة أو يتحرش بالنساء في وسط المظاهرات.
وأنهى "وازن" مقاله بالتأكيد على أنه هناك بعض البلطجية الذين يغرونهم للمشاركة في المظاهرات من خلال المخدرات وحبوب الترامادول، ولهذا فإنه من السهل بعد ذلك اتهام الحكومة والشرطة أو فلول النظام السابق أو أي طرف آخر، هؤلاء البلطجية يفسدون مصر، ويجب وضعهم في السجون، والطرف الثالث الذي يلعب هذا الدور هنا هو السياسة، ولهذا فإنه يجب الاستعداد بشكل جاد للسياسة، لإصلاح الطريق من أجل مصالح الوطن.
0 تعليقات:
إرسال تعليق