كتب/ طه حسين
إهتمام كبير من معظم الصحف الغربية التي علقت هذا الأسبوع بنتائج الدورة الثانية والحاسمة للاستفتاء على الدستور الجديد في مصر. وأجمعت كل التعليقات على أنه رغم إقرار الدستور، فإن حالة الانشقاق هي السائدة بين المصريين.
صحيفة "فرانكفورتر روندشاو" أشارت إلى أن مصر عادت بعد عملية التصويت على الدستور الجديد إلى نقطة الانطلاقة الأولى، أي أن رئيس البلاد يتحدث عن الديمقراطية في الوقت الذي يسعى فيه إلى السيطرة على أكبر قسط من السلطة، وكتبت تقول في هذا السياق: "بعد مرور نحو سنتين على انطلاق الثورة وصلت مصر مجددا إلى نقطة البداية. فالبلاد تخضع لحكم رئيس يتحدث عن الديمقراطية ويبذل في آن واحد كل ما في وسعه للاستحواذ على سلطات واسعة. والحزب الحاكم يحرض مشاغبين مأجورين ضد المعارضة، ويتم كسب انتخابات بتقديم هدايا للناخبين، كما أن الانتخابات تحسم في ظل مشاركة ضعيفة. هذا الوضع كان قائما تحت حكم حسني مبارك، وهو لم يتغير في ظل قيادة الرئيس الجديد محمد مرسي، غير أن السنتين الماضيتين لم تمرا بلا جدوى. وهذا ما تعكسه نقاشات مع ناخبين أمام مراكز الاقتراع".
وتضيف الصحيفة الألمانية قائلة: "قبل عام منح الكثيرون من المصريين أصواتهم في إطار الانتخابات البرلمانية لهذا المرشح أو ذاك لأنهم مسلمون. أما بمناسبة الاستفتاء فإننا شهدنا مواقف مختلفة لصالح مشروع الدستور أو ضده. ما زلنا نحبوا في طريق الديمقراطية، هذه المقولة يتم ترديدها في كل لحظة، وهي غالبا ما تقال لتبرير عدم تحسن الأوضاع. فيما أن هذه الملاحظة تعبر في الوقت نفسه عن إرادة الناس. إنهم يدركون أنه ليس من السهل بعد سنوات طويلة من الحكم الديكتاتوري تطبيق الديمقراطية فجأة".
أما صحيفة "دي فيلت" فقد سلطت الضوء على وضع قوى المعارضة المصرية التي لا تملك، حسب الصحيفة أدنى فرصة لزعزعة السلطة الجديدة المحصنة من قبل الجيش والإخوان المسلمين، وكتبت في تعليقها تقول: "لا تتوفر المعارضة على تنظيم جيد ولا تملك إلا القليل من قوة التأثير، لا سيما في المناطق الريفية. وقلما يمكن لها أن تتوقع الحصول على مساعدة من الغرب الذي يبدو أنه قبل بمساومة فيما يعرف بسياسة الأمر الواقع، أي أن بإمكان مرسي مواصلة أسلمة المجتمع المصري بدون إزعاج، طالما أنه يحافظ على السلام مع إسرائيل ولا يتقرب من إيران".
صحيفة "لوموند الفرنسية" أقرت بأن الرئيس المصري محمد مرسي فاز في الاستفتاء على الدستور، معتبرة في الوقت نفسه أنه أخطأ الهدف الحقيقي المتمثل في توحيد المصريين وتحقيق الوفاق الاجتماعي بينهم. كما طعنت الصحيفة في بعض المخالفات التي شابت عملية التصويت على الدستور، وكتبت تقول: "بإقرار النتائج النهائية للاستفتاء على الدستور المصري من قبل اللجنة العليا للانتخابات يكون الرئيس محمد مرسي قد أصاب هدفه. ولكن بأي ثمن؟ أكيد أن 63.9 في المائة من المصريين وافقوا على مشروع الدستور الذي عرضه عليهم، لكن هذه الغالبية تظل زائفة. فالنتائج ملطخة بالشكوك الكبيرة في حصول تزوير انتخابي، كما أن التساؤلات تحيط بقيمة استفتاء لم يشارك فيه حتى ثلث مجموع الناخبين. حقيقة اعتماد الدستور الجديد التي تنهي رمزيا سنتين تقريبا من المرحلة الانتقالية عمقت الانقسام بين المصريين عوض تحقيق التوافق على مشروع مشترك".
صحيفة "الجارديان البريطانية" اعتبرت هي الأخرى أنه رغم موافقة غالبية من المصريين على الدستور، فإن الرئيس مرسي خرج من عملية التصويت ضعيفا، وكتبت تقول: "قد يبدو متضاربا القول بأن مرسي خرج من المعركة الدائرة حول الدستور ضعيفا. فطبقا لضوابط الدستور الجديد لا يحق له تعيين ممثلين في القضاء، بل يكون من حقه فقط الموافقة على الأشخاص الذين يعينهم مجلس القضاء الأعلى المصري. كما أن صلاحياته التشريعية سلمت لمجلس الشورى، الغرفة الثانية في البرلمان المصري، إلى حين انتخاب برلمان جديد. ويستبعد أن تساهم هذه النتيجة في تهدئة التوترات القائمة. وعلى الرغم من المشاركة الضعيفة في الاستفتاء، إلا أن جماعة الإخوان المسلمين ستقول إن الموافقة بنسبة تقارب 64 في المائة تعكس فوزا حاسما. ومهمة مرسي ستكون منذ الآن القضاء على الانشقاقات وتوحيد المصريين: مسلمين ومسيحيين، ليبراليين ومحافظين".
0 تعليقات:
إرسال تعليق