Ads

أغِيثِنى يا أمى



علاء الدين هدهد
يا أمى
إفتحى لى ذراعيكِ وإخفينى فى حُضنِكْ 
ضُمينى ضُمينى
وضَمدينى
بحنانِ ذراعيكِ دثرينى 
وغطينى بجفنِكْ
حاولى بأظافركِ أن تنزعى الرصَاصَ من صدرى
ومن ظهرى
ومن أحشائى ومن رأسى
فتشى عن الشظايا إجتاحتْ جسدَ إبنكْ
ولملِمِينى
حاولى بدمعِكِ أن تخمدى النارَ تكوينى
وإسرعى
اسرعى 
وإن لم تنجحى فبينَ ضلوعِكِ إدفنينى

يا أمى
أجرى إليكِ أجرى
تُعرقلُ مع الرعبِ خطواتى
أشلاءُ إخوتى وأخواتى
وأنهضُ
وأقبضْ
على مابقى فيَّ من قوةْ
نادانى محمدُ الدرةْ
شاهدتُ محمدَ الدُرةْ
ألفَ محمدِ الدرةْ
وبكيتُ
تسندتُ على وجعى 
تعكزتُ بآهاتى
وزحفتُ على نزفى
أجرجرُ قدمى من خلفى
تلكَ المقطوعةَ بشظيةْ
تتخبطُ بين الصخورِ كما اللعبةْ
تتمخمطُ فى دماءِنا اللزجةْ 
بعضٌ من جلدٍ واهنٍ يمسِكُها
وأنزفُ 
وأرجفُ
وأرى صُحبَـتى من حولى قد سقطوا
وأرى منازلَ بلدتى قد هُدِموا
وأرى مآذنَ الجامعِ ومدرستى إنفجروا 
وأرى نخوةَ القدوةِ قد سقطتْ
وأرى دماءنا على التجارِ قد رخُصتْ
وأرى ضباعاً على قبورنا قد رقصتْ
كلُ أعداءِنا إختبأتْ
وكلُ القنابل إنفجرتْ
وحدُها فينا إنفجرتْ 
وسقطتْ أرواحُنا البررةْ

ترابُ الأرضِ فى فمى
وفى عينى
وفى أنفى
رائحة البارودِ تخنقُنى 
ضللتُ الطريقَ إلى خندقْ
إلى حفرةٍ تآوى ما بقى منى من عَظمى
إلى نفقٍ أو إلى بحرٍ علَّنى أغرقْ
ضجيجُ الموتِ يطاردُنى
وصوتٌ من خلفى يُكبرْ
وصوتٌ يُطلقُ المحاذيرْ
وصوتُ يضربُ الصواريخْ
وآخر يهتفُ منتصراً
أسرنا واحداً من الخنازيرْ

أيا وجعى
أيا ألمى
أين أنتِ بينَ الجثثِ يا أمى
أفتشُ فى بقاياهمْ 
وأبكى 
كم زلتْ قدمى فوقعتُ 
تخضبتُ بدِماهمْ
أغمضتُ على وجعٍ عينى
ووضعتُ كفى المبتورةُ أصابعهُ على أذنى
وصوتُ الأزيزِ يعلو
دانياً من فوقى يعلو
وصوتُ القنابلِ يدوى
يحترقُ كلُ ماحولى
فأهوِى
وأسقُطُ على وهنى
وأُسلمُ للمنيةِ روحى
كلُ ما حولى بلا صوتٍ
كلُ ماحولى فى موتٍ
كلُ مَنْ حولى يُغادرُنى
وصوتُ إنفجارِ رؤوسِ إخوتى
لااااااااااا يفارقُنى

أغيثينى يا أمى
أغيثينى يا أمى

0 تعليقات:

إرسال تعليق