Ads

الصين وأمريكا وتكسـير العظام في الصومـال


بقلم : المستشار الدكتور / محمد الدمرداش 
الدول هي قطع في لعبة شطرنج تحرك في لعبة عظيمة للتحكم في العالم ، كتب هذه الكلمات اللورد كرزون حاكم الهند البريطاني في 1898، ويبدو أن هذه المقولة لا تزال صالحة اليوم. وميدان التطبيق المثالي لها هي الساحة الإفريقية المليئة بالمتناقضات والزاخر بالعداوات التي لا يعرف لها سبب ولا يرتجي لها انقضاء .. فدوماً تشكل القارة الجائزة الكبرى والأهـم في لعبة سباق الأمم ..
السباق قريباً سيشتعل بين الأمم علي بلد سقطت من ذاكرة العرب المصابة بالزهايمر المزمن .. أنها الصومال ، صاحبة القدرات الاقتصادية الواعدة .. الصومال فيه لغة واحدة وديانة واحدة، وتَقسَّم استعماريا عبر الأزمان بين البريطانيين والفرنسيين وإيطاليا وإثيوبيا، وبات شعبه اليوم لا يطيق بعضه بعضا بامتياز ، وداخله طاقة تطرف ديني وقبلي متعصبة ، حتى تحول إلى «سيرك سياسي» فيه كل صور الصراعات والمجازر . والصومال فاز بامتياز بأفشل برامج تنموية من البنك الدولي والمنظمات الأممية، وهدف رئيسي لمحطات المخابرات العالمية والعصابات الدولية والقراصنة البحرية .. مزيج مروع من الدمار الممنهج ..
الصين ظهرت أخيراً في بلاد الصومال وساعدت في إطلاق خدمة الانترنت للمرة الأولي هناك .. الصوماليين في حالة صدمة حضارية وذهول .. الصينيون لم يتوقفوا عند خدمة الواي فاي بل يجتهد الرجال الصفر هناك في بناء الجسور والطرق والمستشفيات والسدود.. الصينيون يثبتون بحق أنهم أصحاب طاقة نهمة بشكل مهول للتوسع .. فقد سبب التدخل العسكري لحلف الأطلسي في ليبيا إخراج 30 ألف عامل صيني هناك يعملون في حقول النفط. علي الفور فتحت الصين مناطق تمركز اقتصادي جديد في القرن الافريقي ..
الصين كونت «مناطق نفوذ استراتيجية» في كل من السودان وفي وسط أفريقيا وزائير ولكن الصومال لها وضع مميز عند ابنا مـاو .. فالصومال على موعد مع اكتشافات نفطية وغازية مهمة على سواحله كما تشير كل الدراسات، وهو لديه أكبر ساحل في أفريقيا بعد جنوب أفريقيا. وعليه، فإن الثروة السمكية التي ترغب في استئجار استغلالها اليابان تبقى مسألة مغرية جدا ومجال خصب للصراع مع الصين التي تواجه اليابان اقتصادياً في كل بقاع الأرض .. وعسكريا في منطقة الجزر الخمسة المتنازع عليها . كلها مواد وإمكانيات تفتح شهية الصين والدول الكبرى عليها، أميركا تدخل الصراع وفي نفس الوقت حجمت المستعمرين السابقين مثل فرنسا وبريطانيا وبلجيكا وهولندا وإيطاليا، وأدخلتهم جميعا تحت العباءة الأمريكية . لكن الصين هي التي تبقى خارج السيطرة تماما، وهذا يهدد مصالحها، مع الأخذ في الاعتبار حجم السوق الأفريقية التي تتحول بسرعة إلى سوق استهلاكية كبري لسلع الغرب والصين، مع تحسن قدرات شعوبها الشرائية. إنها الحرب الاقتصادية الطاحنة القادمة وجائزتها الكبرى أفريقيا وثرواتها ..

0 تعليقات:

إرسال تعليق