Ads

هاى يا ليلة هوى مسرحة الحكاية ومغازلة الواقع


د. حسن عطية

ينطلق تلقينا للعرض المسرحى من عنوانه الذى يهيئ الذهن لاستقباله ، فالخطاب كما تقول أمثالنا الشعبية القديمة يبان من عنوانه ، وفيما بعد أكد "جيرار جينيت" أهمية هذا العنوان فى كتابه (أطراس) كعتبة أولى من عتبات تلقى وتفسير النص ، ويحمل العرض هنا عنوان (هاى يا ليلة هوى) بتكرار حرف الألف فى الكلمة الأولى والواو فى الثانية ، على طريقة الكتابة الراهنة على النت ، لنقل الصوت الممتد للحرف إلى المتلقى ، وكذلك وفقا لنطق الكلمة الممدودة صوتا فى التطريب الشعبى ، دون أن يمنح هذا العنوان متلقى للعرض دلالة ما على ما يحمله من أسرار ، حيث يستخدم العنوان عبارة نوبية مكتوبة باللغة العربية ، قد تكون نطقا سودانيا فى فن (الحردلو) المناظر والأصل لفن (النميم) المصرى والذى عادة ما يبدأ كل مقطع شعرى من قصائده بعبارة (أه يا ليل .. أه) فتمت صياغته سودانيا أو نوبيا ، غير أن هذا العنوان لا يشكل بذاته عتبة معرفية تسهل على المشاهد التهيؤ للدخول لعالم العرض ، ولهذا تظل هذه العبارة معلقة بعقل المشاهد حتى تلقيه للعرض بصورته المحققة داخل فضاء المسرح .
وتشكل الصورة المرئية التى يستقبلها المشاهد فور بدء العرض عتبة أو مدخلا أوليا آخر لتلقى العرض ، فهى التى تضع المتلقى من أول لحظة داخل مكانية وزمانية وقائع العرض وتوحى بتوجهه ، وفى عرضنا الحالى تبرز فى مقدمة فضاء المسرح جدران معبد مصرى قديم كإطار يحكم عالم الدراما ككل ، ويحتوى ما سيجرى فيه ، بحكم حضوره الدائم فى الصورة ، وتستقر بمنتصف عمق هذا الفضاء شجرة سنديان أسطورية ملتفة الأفرع ، تشكل بطبيعتها المعمرة امتدادا زمنيا من ماضى المعبد المصرى القديم ، لحاضر الوطن المعيش ، حيث يتلقى الجمهور المشاهد العرض بحكاياته الثلاث الملتفة حول بعضها البعض التفاف أذرع الشجرة المعمرة حول الساق الرئيسية ، بينما تمتد جدران المعبد ليمين مقدمة المسرح ليستقر أمامها مقعد تجلس عليه وتتحرك حوله الشخصية التاريخية الحقيقية المستدعاة من التاريخ المعاصر ، والتى يستند عليها العرض فى تقديم رؤية مخالفة لإحدى حكاياته التى صاغتها المخيلة الشعبية واستقرت فى الوجدان الجمعى بصورة مغايرة لما يقدمه العرض ، وتمتد ليسار المقدمة حيث تجلس أمامها الفرقة الموسيقية الحية التى تشارك الحكايات المجسدة بتداخل اللوحات المعبرة عنها بالغناء الداعم لها والمعبر عن مشاعر شخصياتها والمعلق عليها ، بينما تخرج من منتصف بدن منصة العرض المرتفعة مقدمة مركب ، تصبح صالة العرض معها نهر النيل الذى تتهادى على سطحه المركب بالمحبين فى الحكايات الثلاث .
والمتابع لمسرحيات "الشاذلى" على قلتها ، فلم نقرأ أو نشاهد له منذ اقتحامه العاصمة قبل سنوات قليلة غير نصوص (دهيبة) و(عقد حزون) ، وعروض (ليل الجنوب) بإخراج ناصر عبد المنعم بمسرح الغد القاهرى ، و(حريم النار) و(بتول) بإخراج "ريهام عبد الرازق" ومجموعتها السكندرية ، وذلك بعد تمصير وإعادة استنبات نصى الأسبانى "جارثيا لوركا" الأندلسين (عرس الدم) و(يرما) فى البيئة الصعيدية ، وأخيرا (هاى يا ليلة هوى) من إخراجه بمسرح الطليعة القاهرى أيضا ، سيجد هذا المتابع أن هذه النصوص تحمل نظرة خاصة للجنوب ، تختلف عن الكثير من نصوص وروايات الجنوبيين المعبرين عن بيئاتهم الخاصة ، والذين آلوا على أنفسهم مهمة تقديم هذا الجنوب للعاصمة وشمال الوادي ، حيث لا تتعامل نصوصه معه باعتباره (الصعيد) الممتزج عرقيا بالأصول المصرية والعربية ، والمتحدث بنفس اللغة العربية بلهجتها الخاصة ، كما لا تحصر نفسها داخل (النوبة) بعرقها الخاص وتقاليدها وعاداتها المتميزة ، بل هى تتعامل مع الجنوب باعتباره وجودا تتجاور فيه الصعيدية بالنوبية حول مجرى النهر ، وتتمازج داخله الحكايات الموروثة فى الذاكرة الشعبية ، ويسرى فى لاوعيه روح مصر القديمة ، مشكلا متصلا ثقافيا ممتدا فى الزمان ومتجذرا فى المكان ، عبر نسيج متميز ، مازالت مسرحيات "الشاذلى" القليلة تفتش عن جوهره لنقله إلى المسرح ، متوقفة حتى الآن عند فرز الخيوط المتجاورة ، أكثر من القبض على سر التناسج الماهر لهذه البيئة الخاصة .
فى مسرحيته الحديثة (هاى يا ليلة هوى) يقترب "الشاذلى" أكثر من علاقة الخيوط الثلاثة الصائغة لنسيج الجنوب ، مقدما حكايات ثلاث ، بعد مسرحتها فى لوحات متداخلة فى بنية العرض ، منطلقا من زمن الفراعنة ، وطائف باللوحات عبر أداء راقص لنحات مصرى قديم يبدو للمدقق وكأنه ينحت بأزميله هذه الحكايات على جدران المعبد وفضاء المسرح ، وربما كان من الأفضل أن يكون كائنا معاصرا - باحثا أو كاتبا - يضئ بمصباحه الحكايات مجهولة المؤلف والمحفورة على جدران الزمن . 
تشكل الحكاية الأولى الإطار الفكرى للحكايتين الأخريين ، وتتحقق داخل جدران المعبد المصرى المقام على المسرح والذى يشكل بدوره إطارا تشكيليا حاكما بدوره تتداخل عبره حبكتا هاتان الحكايتان ، ويمكنها أن تحمل عنوان (الجميلة والوحش) ، يلتقطها "الشاذلى" من الحكايات المصرية القديمة ، التى أوردها د. "سيد كريم" فى كتابه المتميز (التاريخ المصرى القديم) ، والدائرة فى مدينة طيبة (الأقصر) حول موضوع الفتاة الجميلة "شمس الضياء" ، التى تخرج مع حبيبها الأمير فى رحلة نهرية بشلالات النوبة خلال احتفالات الربيع ، فتهب الرياح القاسية قاذفة بها لجزيرة الشيطان ، التى تقبع بوسطها شجرة السنديان ملتفة الأذرع ، فيلتقطها العملاق الشرير ويجبرها على البقاء معه والزواج به ، فترفضه فى البداية ، ثم تهادنه لتتخلص منه ، ساعية لمعرفة سر قوته التى لا تنازع ، فتكتشف أن سر قوته فى قلبه المخبوء بشجرة السنديان ، وتهزمه وحدها به ، وهى فكرة سامية تتأسس داخل الفكر المصرى القديم وتجلياته الميثولوجية والذى يرى أن الرجل مهما تعملق وبدا فظ المظهر ، فبقلبه هنة تسقطه بيد من تعلق به ، وبأن المرأة عندما تحب تخلص لمحبوبها ولا تستكين لأى وضع يفرض عليها ، وذلك اختلافا عن الموقف التورائى الذى اعتمد على نفس الحكاية المصرية القديمة ، وصاغها فى قصة (شمشون ودليلة) واضعا سر قوة اليهودى "شمشون" فى شعره المنسدل على كتفيه ، وجاعلا من المحبوبة فتاة فلسطينية شريرة ، خدعت "شمشون" البطل الطيب الذى وهبته السماء قوته لينصر اليهود على الفلسطينيين ، وفقا للتصور اليهودى ، ومع رحيل نفس الموضوع لليونان القديمة ، تبرز قوة "أخيل" بطل طروادة الشهير ، والذى كمن سر قوته فى تعميده بماء نهر ستيكس المقدس ، ومن ثم تجلت نقطه ضعفه فى كعبه الذى لم تصل إليه ماء النهر .
بالتداخل مع هذه الحكاية القادمة من كتب التاريخ ، والتى تخيل كاتبنا حدوثها ومسرحها فى عرضه ، مؤكدا بها على قدرة الحب على الانتصار على من يحاول تفتيته ، تجرى وقائع الحكاية الثانية ، داخل نفس الحضور الطاغى للمعبد على المسرح ، فمازلنا بجنوب الوطن ، وأن صعدنا جنوبا لنصل لمدينة أدفو أول مدن محافظة أسوان ، وتعيد هذه الحكاية تقديم موال (ياسين وبهية) الشهير ، ولكن كاتبنا لا يقدم الحكاية التراثية المعروفة حول الحب الذى تعرقل التقاليد استمراريته ، والذى تسامت معه "بهية" فى المخيلتين الشعبية والإبداعية لتصبح رمزا للوطن المعشوق (كتابات نجيب سرور وأحمد فؤاد نجم وأفلام يوسف شاهين وغيرهم) ، وأصبح "ياسين" معها البطل الثائر المناضل من أجل تحرير وطنه وتحقيق العدالة لشعبه ، بل هو يقدم "ياسين" اللص المطارد من العدالة ، والذى روع المجتمع الجنوبى بين قنا وأسوان فى السنوات الأولى من القرن العشرين ، معتمدا فى ذلك على كتاب (ذكريات اللواء محمد صالح حرب) ، والذى يقدمه العرض على أنه المجاهد الإسلامى الكبير ، الذى أرتبط فكريا وعمليا بحركة الجهاد الليبية بقيادة "عمر المختار" ، وترأس جمعية الشبان المسلمين بالقاهرة ، ويصف العرض ما قام به قبل ذلك بمنطقة مطروح وسيوة ، حينما كان مسئولا عسكريا عنهما ، وتحالفه عام 1915 مع القوات السنوسية فى مواجهة المحتل الكافر : الإنجليزي فى مصر والإيطالى فى ليبيا ، ووصف العرض فعله هذا فى مونولوجه الزاعق بأنه أول (انقلاب عسكرى) فى التاريخ المصرى الحديث ، وهو وصف غير دقيق وغير لائق ، فما قام به لم يكن انقلابا عسكريا على الشرعية المدنية فى مصر وقتذاك ، بقدر ما كان مجرد تمرد ضابط مصرى على الحدود على القيادة الإنجليزية بالعاصمة ، هربا بعدها لخارج البلاد .
يضحى "ياسين" فى (ذكريات) المجاهد الإسلامي "صالح حرب" لصا قاتلا وحاجزا لمحبوبته التى انتزعها من ابن عمها المتيم بها ونقلها لتعيش معه مجبرة داخل مغارة يجسدها العرض المسرحى بقلب نفس شجرة السنديان الأسطورية ، فى توازن محسوب مع الحكاية الفرعونية ، بل وتماثلا مع سر القوة التى امتلكها عملاقها ، حيث يظهر اللص "ياسين" قاتلا لا يقتله الرصاص المعتاد ، لأنه شرب من ماء النيل وهو نائم وقام ساحر سودانى بعمل تميمة يربطها بذراعه تنجيه من الموت ، فامتلك كأخيل الإغريقى خاصية عدم الموت ، مشكلا بهذه الخاصية مع العملاق الفرعونى صورة الشر القادر على البقاء على أرض الوادى وعدم الخلاص منه ألا بمعرفة نقطة ضعفه المميتة ، سواء أكانت بقلب العملاق الفظ ، أو برصاصة فضية تستطيع أن تخترق الجدار السحرى العازل الذى صنعه ماء النيل بجسد اللص "ياسين" ، والتى يحصل عليها الضابط الشاب وينجح مع رجاله من الهجانة السودانيين فى قتله ، محررا الجميلة المخطوفة "بهية" فى العرض المسرحى ، أو الزوجة الدميمة "بهية" التى تقول حكاية الضابط "صالح حرب" أنها أعلنت أنها كانت مغصوبة على الحياة معه !! ، وتغنى الموال بموت "ياسين" بأنه "قتلوه السودانية من فوق ظهر الهجين" .
يبدو المتصل الثقافى ممتدا بين الحكاية المصرية القديمة والحكاية الصعيدية الحديثة ، داخل جدران المعبد ، فالبطل الضد شرير وساجن للمحبوبة بعمق شجرة السنديان الممثلة لجزيرة الشيطان عند الأول وجبل المطاريد عند الثانى ، وكلاهما سجن المحبوبة فى ظلمة عالمه ، وكلاهما يمثل قوة الشر التى لا تقهر ، وأن امتلك نقطة ضعف ما أن يعرفها غريمه الخير ، حتى يتم القضاء عليه . فيبدو أن الحكايتين مؤسستين داخل رؤية المصرى لموضوع الخير والشر اللذين جسدهما فى أسطورة (أوزوريس الخير وست الشرير) القديمة ، فيتماثل العملاق و"ياسين" مع شخصية "ست" الشرير ، ويبدو الأمير الفرعونى وأبن العم أوجها للخير "أوزوريس" ، وتتماهى "شمس الضياء" و"بهية" فى شخصية المرأة الجميلة المحبة المخلصة "إيزيس" ، ليبقى الضابط فى الحكاية الثانية هو "حورس" مخلص العالم من شر الطغاة ، وهو بعض من حلم المصرى الدائم فى الخلاص من ظالميه ، وتجسيدا للتفاؤل الكامن بأعماقه ، المتجسد فى فكرة الصبر الطويل فحتما سيأتى يوم يموت فيه الطاغي أو تأتيه مصيبة تقضى عليه أو ثورة شعبية تجتاحه . 
لا تخرج الحكاية الثالثة (النوبية) المنشأ عن هذا الإطار الحاكم للعرض المسرحى ، ولا تبتعد عن الحكاية المصرية القديمة وحكاية "ياسين" الواقع منذ أكثر من قرن من الزمان ، فهى تدور أيضا فى زمن مقارب ، قبل بناء السد العالى فى ستينيات القرن الماضى ، وربما قبل ذلك بسنوات طويلة مع بناء خزان أسوان عام 1902 وتعلياته المتعددة التى تجدد معها ترحيل النوبيين من أراضيهم التاريخية ، ومع هبوط إطار من أعلى المسرح بتصميمات لقباب وزخارف نوبية ، تظل وثيقة الصلة بإطار المعبد الفرعوني الحاكم للعرض بأكمله ، كما تجرى وقائع هذه الحكاية كمثيلتيها حول مجرى النهر العظيم ، مستمدة منه ظلالا أسطورية تغلف بنائها الواقعى ، حيث رأى المصرى النوبى القديم أن بعمق نهر النيل توجد حياة تناظر فى مسيرتها الحياة بأرض الوادى ، فيوجد أخيار وأشرار فى كلا الموقعين ، وان شكك العرض فى حقيقة هذه التصور الأسطوري للحياة القائمة تحت سطح النهر ، بتقديمه حكاية الفتاة المحبة "بحرية" لخطيبها "كنزى" ، والتى تتعجل معه الزواج ، غير أن والديها يعطلان هذا القران بطلبات مادية لا تنتهى من الخطيب ، حتى يتم له المراد فى النهاية ويتزوجها ، لكنه يكتشف أنه صار مفلسا وهو الحالم يشراء مركب شراعى يصعد بع لأسوان عكس التيار ، وحرصت هى على الوقوف إلى جواره دون أن تخبره ، فذهبت للسوق وباعت كل مصاغها الذى كانت ترتديه ، وأعطت له عائد بيعها ، مخبرة أهلها أن أشرار النهر المعروفين باسم "امن دوجر" قد خرج أحدهم لها وهى بشط النهر وسلبها مصاغها ، ولتغلغل الأسطورة بالعقل صدقها الأهل ، لتنتهى الحكاية النهاية السعيدة كالحكايتين الأخريين ، مؤكدة على انتصار الخير والحب فى النهاية ، سواء بمعرفة سر الشرير والقضاء عليه ، أو بالالتفاف بالأسطورة وتخيل وجود أشرار بالنهر مطلوب الابتعاد عنهم لتحقيق السعادة على الأرض .
ويبدو أن حرص الكاتب على ربط عرضه بمجريات الواقع ، رغم عدم حاجته للوقوع فى المباشرة ، هو الذى دفعه لوصف تمرد الضابط المصرى السودانى على القيادة الإنجليزية أوائل القرن العشرين انقلابا عسكريا ، وهو أيضا الذى دفعه لوضع عبارة على لسان الفتى المصرى النوبى ، فى حكاية تحدث فيما يبدو فى نفس الفترة الزمنية حيث يقول لخطيبته وأهلها والجمهور أن جدته المدعوة "اوشارى" أخبرته أنها رأت "فى المنام أن التهجير هيكون بعد سنين طويلة خالص" ، وهى عبارة كتبها من قبل فى نصه (دهيبة) ، وينقلها عن دعوات بعض من النوبيين الذى حول موضوع ترحيل الحكومة النوبيين الساكنين بمجرى النهر المتحول مع بناء السد العالى إلى مأساة أسطورية لا فكاك منها ، رغم مرور نصف قرن من الزمان على هذا الترحيل ، الذى سبقه وتزامن معه ولحق به موجات من التحرك الإرادى للنوبيين والأسوانيين والقناويين وكل أبناء محافظات الوطن داخل أرجائه المختلفة ، دون أن يشعر أحدا من المتحركين داخل وطنه انه يعيش بالإسكندرية أو بالسويس أو بالقاهرة مأساة التهجير التى صارت تيمة درامية وروائية فى الأدب النوبى أكثر منها موضوع واقعى ملح على الأرض . 
لا يقف العرض عند التجسيد المرئى والحوارى للحكايات الثلاث ، بل هو يغذى حضورها برقصات التحطيب والعديد والأغإنى الشعبية والكف والإنشاد الصوفى ودقات النحاس ، والتشكيلات الحركية الجيدة والأداء التمثيلى لمجموعة من شباب المسرح المتفوق ، نذكر هنا على سبيل المثال من لفت الأنظار بأدائه : "رشا سامى" (بهية) و"ياسر الزكلونى" (ياسين) و "عصام مصطفى" أبن العم (الشاطر) ، و"أحمد زايد" (كنزى) و"مريم البحراوية"(بحرية) ، و"نوران محمد" (شمس الضياء) ، و"عمرو سعد" (الأمير الفرعونى) ، وذلك داخل الإطار التشكيلى الذى صاغ منظره المسرحى بإتقان وفهم "محمد جابر" ، ونثرت داخله مصممة الملابس "نورهان سمير" مجموعة متنوعة من الأزياء الفرعونية والصعيدية والنوبية بمنظومة ألوان متناغمة ، وأن جاءت فقيرة فى التنفيذ ، نجح د. "رامى بنيامين" بتصميمه للإضاءة فى بث أجواء تمزج بين الواقعية والشاعرية تناسب هذا المزيج من المواقف المغلفة بالأساطير ، بدت جلية على مقدمة المركب السابح فى نهر الصالة . كما نجح "حازم الكفراوى" فى صياغة الألحان وقيادة الفرقة الموسيقية بحساسية شديدة ، وتوسط عقدها المطرب وعازف العود المتميز "كرم مراد" ، وبرعت معه المطربة ذات الصوت القوى الساحر "سارة الراوى" مع المطرب "إسماعيل جمال" ، ومنحت موسيقاهم وأغانيهم العرض حيوية متدفقة وتماسكا مسرحيا مبهرا . 
هو عرض يحسب لكاتبه ومخرجه الشاب "الشاذلى فرح" ، وأن كان النص المكتوب أكثر طموحا من إمكانيات العرض ، ومع ذلك فهو يقدم للحياة المسرحية موهبة متميزة ، وعقل ناضج ، وصاحب رؤية جديدة تضيف للفكر والحركة المسرحيين إضافة لافتة ، كما يحسب العرض لمدير مسرح الطليعة المخرج "محمد دسوقى" الذى أتاح لنا فرصة أن نرى عرضا خفيف الظل ومغايرا لما هو مستهلك فى الحياة المسرحية المصرية فى السنوات الأخيرة .

0 تعليقات:

إرسال تعليق