Ads

من فقه الصيام (17) حكم منظار المعدة


بقلم : د. عبد الحليم منصور . رئيس قسم الفقه المقارن بكلية الشريعة والقانون – جامعة الأزهر – فرع الدقهلية

منظار المعدة يدخل عن طريق الفم فالبلعوم فالمريء فالمعدة . وهذا المنظار يدخل إلى الجهاز الهضمي للتشخيص كما في أكثر الحالات ، وقد تؤخذ فيها خزعات من المعدة مما قد يسبب نزفًا بسيطًا مكان الخزعة ، وقد يدخل منظار المعدة للعلاج في بعض الحالات ، كحقن دوالي المريء بمادة مصلبة لإيقاف النزف منها مثلًا. كما قد يدخل منظار القولون لاستئصال مرجلات (POLYPS) وهي نتوءات لَحْمِيَّة في القولون . والعلماء السابقون تناولوا هذا الحالة بالبحث في مسألة ما إذا أدخل الصائم شيئا إلى جوفه غير مغد كحصاة أو قطعة حديد ، ونحو ذلك ، والمنظار قريب من هذا فهل يعد مفطرا ومفسدا للصوم أو لا ؟ اختلف الفقهاء في هذه المسألة على رأيين : الأول : وهو لجمهور العلماء أن الصائم إذا أدخل إلى جوفه شيئا غير مغذ كالحديد ونحوه فصومه باطل ، ويتخرج على قولهم هذا بطلان الصوم بدخول منظار المعدة ، لأنه أدخل شيئا إلى الجوف ، فيبطل صومه . الرأي الثاني : ذهب الحنفية إلى أن الصائم إذا أدخل جوفه شيئا غير مغذ كحديد ونحوه لا يفطر إلا إذا استقر في الجوف ، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية ، وبعض المالكية ، والحسن بن صالح ، ويتخرج على قولهم أن منظار المعدة غير مفطر لأنه لا يستقر في المعدة ، وليس مغذيا ، وليس أكلا ولا شربا ولا في معناهما فيكون غير مفطر ، لأنه لا يخطر ببال عاقل أن يقول : إن الصائم يأكل المنظار ، فهذا مما لا ينطبق عليه لفظ الأكل والشرب في لسان العرب ، وحتى ما قد يوضع عليه من مزلقات فإنه يخرج معه ، ولو بقي فهذا ليس مما تعمده الصائم . خلافا للبعض . الرأي الراجح : يبدو لي رجحان ما ذهب إليه القائلون بأن منظار المعدة غير مفسد للصوم إن أجريت هذه العلمية في نهار رمضان ، لأنه ليس أكلا ولا شربا ولا في معناهما ، ولأن هذه العملية لا تستغرق وقتا طويلا ، فلا تفسد الصوم تخريجا على قول الحنفية سالف الذكر . والله أعلم .

0 تعليقات:

إرسال تعليق